أتوجه إلى رئيس بلدية غزة الذي لم أتشرف بمعرفته شخصياً، وليس بيني وبينه أي خلاف أو أي علاقة من أي نوع، بهذه الرسالة المفتوحة الصريحة عملاً بالقاعدة الشرعية(الدين النصيحة) ومن منطلق أنني أحد موظفي البلدية السابقين المخضرمين، قمت بالعديد من الدراسات الأكاديمية والعلمية الموثقة حول بلدية غزة على وجه التحديد، وأملك رؤية وخبرة كبيرة جداً في قضايا البلديات اكتسبتها علمياً وعملياً خلال مسيرة طويلة كنت خلالها أقرب المقربين من جميع رؤساء البلدية المتعاقبين بداية بالراحل عون الشوا رحمه الله ونصري خيال رحمه الله وسعد خرما رحمه الله ونهاية بالدكتور ماجد أبو رمضان وهو آخر رئيس للبلدية قبل سيطرة حركة حماس على البلديات ومن ضمنها بلدية غزة في أعقاب الانقسام.
بغض النظر عن موقفي الرافض بالكلية لمبدأ التعيين، وقيامي في حينه عبر وسائل الإعلام بالإعلان عن الرفض التام لخطوة تعيين مجلس بلدي ومطالبتي بإجراء انتخابات لبلدية غزة التي تعتبر أكبر مؤسسة وطنية في الضفة والقطاع حيث تدير الشأن اليومي والخدمي لقرابة المليون مواطن في النهار وسبعمائة ألف شخص في الليل(يتدفق على غزة أكثر من 300 ألف شخص من مختلف مدن وقرى ومخيمات القطاع كل يوم) في كبرى المدن الفلسطينية سكاناً. إلا إنني أجد لزاماً عليَّ بعد أن أصبح التعيين أمراً واقعاً، وبعد أن توليتم فعلياً زمام الأمور في البلدية أن أسدي لكم النصيحة فمهما كانت كفاءتكم كبيرة جداً وخبراتكم فائقة جداً فأنتم تحتاجون للمشورة والنصح خصوصاً إذا كانت المهمة ضخمة وكبيرة بحجم رئاسة بلدية غزة، ولا أنسى في هذا الإطار العبارة المشهورة لرئيس البلدية الراحل عون الشوا الذي قال ذات يوم: " إنه لأمر جيد أن تعرف كل شيء عن بلدية غزة بعد عشر سنوات" ، لذلك أستميحكم عذراً بقبول النصيحة التالية بصدر رحب وبشكل مهني محض بعيداً عن أية اعتبارات.
أولاً/ أدعوكم فوراً دون إبطاء إلى تشكيل مجلس استشاري تطوعي(يعمل تطوعاً دون مقابل مادي) يضم نخبة من أخلص وأكفأ من عمل في بلدية غزة على مدار العقود والسنيين الفائتة من المتقاعدين الذين لا زالوا على قيد الحياة، فهؤلاء يعرفون أدق الأمور في البلدية وكل صغيرة وكبيرة عنها، عاشوا وترعرعوا وهرموا فيها، لذلك فإن خبراتهم التراكمية ومهنيتهم ستسهم في منحكم صورة أعم وأعمق وأشمل عن البلدية وإداراتها ومرافقها وموظفيها، وستوفر عليكم وقتاً طويلاً ستحتاجونه قد يصل إلى سنوات إذا عملتم بصورة فردية خصوصاً أنكم(رئيس وأعضاء المجلس البلدي) لم تكونوا في مجالس بلدية سابقة، وهذا طبعاً لا يقلل من شأنكم وإنما يؤكد على ضرورة المشورة والتشاور مع من يملكون خبرات سابقة ومن بإمكانهم إسداء النصيحة دون مصلحة، لأنهم في البداية والنهاية موظفون متقاعدون لا ناقة لهم ولا جمل إلا حرصهم على مصلحة البلدية والمدينة.
ثانياً/ أدعوكم فوراً إلى نفض يد البلدية مما يسمى بالمراكز الثقافية(مركز هولست- مركز إسعاد الطفولة – قرية الفنون والحرف – المكتبة العامة) فليس هناك أدنى سبب لبقاء هذه المراكز تحت إدارة البلدية، فهي فعلاً ليست جهة اختصاص لإدارة مثل هذه المراكز ترهق كاهل البلدية المرهق أصلاً بالمصاريف التشغيلية وبرواتب الموظفين، ولا أستثني من هذه المراكز أي مركز. بالإضافة إلى مركز الأطراف الصناعية الذي يجب أن يلحق هو الأخر بوزارة الصحة حيث أنه في صميم تخصصها، وكذلك ملعب اليرموك وتسليمه لوزارة الشباب والرياضة.
ثالثاً/ أدعوكم شخصياً برفض أي طلب خارجي لتعيين موظفين جدد لأن ما عند البلدية يكفيها وزيادة، وعليكم أن ترفعوا شعار (من أراد أن يوظف أحد أحبابه فليأت بمرتبه معه) ولتتعامل مع جميع من هم في قمة الهرم القيادي في قطاع غزة بشفافية وصراحة دون خوف أو وجل واعلم أن النجاح له ألف أب، أما الفشل فلن يتحمله سواك.
رابعاً/ قم بإعادة تدوير الموظفين كلٌ حسب مؤهله وخبراته وكفاءته، ولا تترك موظف واحد أبداً بلا عمل، وأرجو التوقف عن أسلوب(من نغضب عليه نقصيه ونهمشه) فأنتم هكذا تكافؤنه بدلاً من أن تعاقبونه، واعلم أن لديك اليوم في البلدية العشرات من الإداريين ممن لا حاجة لهم كانوا في الأصل عمال نظافة أو صرف صحي وتحولوا بقدرة قادر إلى كتبة ومراسلين ومساعدين إداريين.
خامساً/ قم بتصفية وبيع كراج البلدية من آليات فهو العبء الأزلي على كاهل البلدية، وقم بخصخصة قطاع جمع وترحيل النفايات( عن طريق مقاولين) فالمبالغ الطائلة التي يستهلكها كراج البلدية للفنيين والإداريين وللمحروقات وللصيانة وقطع الغيار وللسائقين كفيل لوحده بدفع رواتب موظفي البلدية وانتهاء الأزمة المالية.
سادساً/ قم بإلغاء المسميات والدرجات غير القانونية التي تم دسها كالسموم الحارقة في جسد البلدية، وفي مقدمتها المدراء العامون والدرجات التي تليها A4-A3 فمن الجنون أن يكون في البلدية مدراء عامون ووكلاء وزراء مساعدون وأكثر من 130 مديرC ,B. A وأعد الهيكلة القانونية للبلدية فلا يعقل أن تستنزف البلدية مواردها ومداخيلها لدفع رواتب لهؤلاء.
سابعاً/ كونك معيناً ولست منتخباً أنصحك بوضع استقالتك على طاولة مكتبك جاهزة ومجهزة فإذا تم الضغط عليك من جهات عليا لتنفيذ خطط أو مشاريع أو عمل أي شيء دون موافقتك أو قناعاتك فوقع الاستقالة وغادر لبيتك لأن الرضوخ للإملاءات سيتبعه إملاءات وأوامر، فكم مرَّ علينا من هذه المواقف التي أدت إلى ما وصلت إليه البلدية في نهاية المطاف.
ثامناً/ لا تقم بإتخاذ أي قرار مفصلي أو مهم دون الرجوع للمجلس البلدي والحصول على موافقة وزارة الحكم المحلي! هذا ليس لإعفائك من المسئولية! لا بل لأن القرار الجماعي يكون أصوب وأشمل، والعلاقة التكاملية مع وزارة الحكم المحلي أساس متين من أسس نجاح البلدية بالقيام بدورها على الوجه الأكمل. ألم يخاطب رب العالمين رسوله الكريم وقال له في محكم التنزيل(وشاورهم في الأمر).
تاسعاً/ مع احترامي لأعضاء المجلس البلدي فأنا لم أتشرف بمعرفتهم باستثناء واحد أو اثنين منهم، ولا أشكك بأيٍ منهم مطلقاً، فأنا أطالب السيد رئيس البلدية التوافق معهم بعدم التدخل في التعيينات والترقيات بصورة شخصية بشكل قاطع، لأنهم الآن يتعرضون لضغوطات هائلة من المعارف والجيران والأصحاب والأصدقاء ومن يعرفون ومن لا يعرفون بمطالب لا حصر لها. وأطالب باعتماد إستراتيجية ثابتة للترقيات والتوظيف لا تتم إلا من خلال لجان المجلس المتخصصة فقط وعند الضرورة القصوى فالبلدية فيها ما يكفيها.
عاشراً/ أدعو رئيس البلدية برفع الظلم عن الموظفين الذين وقع ولا زال عليهم ظلم كبير دون وجه حق، فلا يعقل أن يكون بين ظهرانيكم موظفين يعانون وطأة الظلم دون ذنب أو جريرة.
أحد عشر/ أدعوكم لتنويع مصادر دخل البلدية وعدم الاكتفاء بالرسوم والضرائب، واستثمار موارد البلدية على الوجه الأكمل فهي كبيرة ومتنوعة وتنفيذ مشاريع استثمارية بالتعاون مع مستثمرين تضمن توفير مدخولات ثابتة للبلدية.
ثاني عشر/ أدعوكم لاسترداد أملاك البلدية المسلوبة من أراض وعقارات وإعادة استثمارها بصورة صحيحة لتزيد من ايراداتها ومدخولاتها بشكل جذري.
ختاماً أرجو أن يتسع صدرك لرسالتي ونصيحتي التي لا ليس لي من ورائها ناقة ولا جمل إلا السعي للمحافظة على هذا الصرح الشامخ الذي هو ملك لجميع أبناء المدينة دون استثناء والذي فقد الكثير والكثير من شموخه في السنوات السابقة لأسباب وظروف عديدة ومتنوعة... اللهم إني قد بلغت الله فاشهد.
واقبلوا مع فائق الاحترام ،،،
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية