يجب أن نعترف بأن بنيامين نتنياهو الذي تولي رئاسة الوزراء الإسرائيلية سنة 1996 ليصبح أصغر رئيس حكومة احتلال هو رجل سياسي نادر أن تجد أمثاله، أعتقد بعد حصوله على أعلى النسب في الانتخابات الأخيرة يبرهن للجميع بأنه هو سيد العالم وليس أوباما أو بوتين. اذا كان العالم قرية صغيرة في عصر العولمة، فإن نتانياهو هو أزعر هذه القرية دون رادع من أي جهة، بل على العكس يقفون له ويصفقون في الكونغرس الأمريكي مبتهجين له رغم الحروب التي فاضت بدماء الأبرياء؛ مما جعل بعض الصحف العالمية تصف خطاب نتياهو أمام الكونغرس "كأنه هو رئيس الولايات المتحدة وليس باراك أوباما".
هو ثعلب سياسي، يعلم بأن الغابة.. القرية... العالم لا أخلاق بها سوى ما يفرضها القوي المنتصر، سياسة الثعلب واضحة حتى في مكره، يقدم لنا سياسته دون مجاملات: لا دولة فلسطينية، مزيد من الإستيطان، تهويد ما تبقى من القدس ، حصار غزة بشكل لا يقتل حماس وإنما قتل المواطنين بطرق مختلفة لا تكون بيد الثعلب بشكل مباشر، إيران وحزب الله العدو الذي يخوف به العالم ليستفيد من دعم ومصالح تجعله الأزعر دون منافس في كيفية تعامله بالمنطقة "أمريكا ليس لها حليف أكبر من إسرائيل وإسرائيل ليس لها حليف أكبر من الولايات المتحدة"، وأيضاً كلنا نتذكر كيف تعامل بعنجهية حتى مع فرنسا في عقر دارها بعدما فرض نفسه بالمسيرة العالمية المنددة ضد الإرهاب.
هذا الثعلب أيضاً لا يرحم منافسيه في الانتخابات، فهو يمتلك الخبرة النظرية والعملية أمام أي منافس، ويعلم جيداً الوتر الذي يهز به جميع الإسرائيليين في ضربة واحدة وهو وتر الأمن "سيمارسان ضغوطا علينا لننسحب إلى خطوط 1967 ولنقسم القدس. سيمارسان ضغوطا علينا لنتوقف عن الاعتراض على اتفاق البرنامج النووي الايراني ...سيستسلمان على كل الجبهات" وهنا يقصد "المعسكر الصهويني" الذي نشأ من تحالف بين حزب العمل بقيادة إسحاق هرتسوغ وحزب "الحركة" الذي تتزعمه تسيبي ليفني.
لا أريد تمجيد الثعلب الذي يقتلنا كل يوم بدهائه ومكره، لكننا بحاجة الى معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة مجتمعين حتى نواجهه، لم يكن الحظ وحده حليف نتانياهو عندما قلب جميع التوقعات والإستطلاعات، فقد أتقن بالإضافة الى وتر الأمن وتر الإعلام والحملة الانتخابية بجدارة، فقد كشف استطلاع للرأي نشرته صحيفة "هآرتس" قبل إسبوع أن المعسكر الصهيوني سيحصل على 24 مقعدا والليكود على 21 مقعدا، فيما أظهر استطلاع آخر لصحيفة "غلوبز" الاقتصادية أن المعسكر سيفوز بـ24 مقعدا مقابل 20 لليكود.
بعض "الكتاب" "المحللين" "الناطقين" "الإعلاميين" الفلسطينيين يدلون بدلوهم بانتخاب وفوز الثعلب في الشارع الإسرائيلي بقولهم " ان اسرائيل اختارت طريق العنصرية والاحتلال والاستيطان" "الانتخابات الاسرائيلية تثبت ان المجتمع الاسرائيلي اختار الاحتلال بدل المفاوضات مع الفلسطينيين" مع احترامي للجميع بكل تأكيد سيختار أي شعب قيادة تعمل للحفاظ على "مصالحه" وتحميه وتُنمي اقتصاده، وعلينا أن لا نتناسى بأن الشارع الإسرائيلي منذ اغتيال إسحاق رابين هو رافض لأي عملية سلمية رغم المحاولات الكثيرة من قبل السلطة الفلسطينية أو المؤسسات المختلفة باختراق المجتمع الإسرائيلي إلا أن اليمين هو الذي ينمو بشكل متسارع وملحوظ، مع الانتباه بأن اليسار الإسرائيلي أيضاً يقوم بتنمية الاحتلال لكن بطرق ناعمة توجعنا بهدوء يستمتع "بعض" قياداتنا على هذا الألم كونه شريك!! دون معرفة شريك على ماذا؟!
ما قام ويقوم به الثعلب_ أي نتنياهو_ ليس كما قام به الذئب في قصة "ليلى والذئب" فالثعلب بدأ من بالنهاية وذلك بالانقضاض التام على الصياد بأشكال مختلفة: منها تحييده، قتله، تهديده. وهنا الصياد ليس بالضرورة هو الفلسطيني!! اذا ما اعتبرنا بأن ليلى هي فلسطين التي وقعت في دهاء واحتيال الثعلب.
وأيضاً تحدث الكثير عمّا علينا فعله بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي، لكنهم تناسوا ربما دون قصد أو لأسباب أجهلها على الرغم من أن ما هو مطلوب فعله أيضاً لن ولم يحدث إلا بموافقة حكومة الإحتلال، لكن علينا نحن كشعب تجديد شرعيتنا على كافة الأصعدة من الرئاسة وحتى انتخابات هيئة إدارية لمؤسسة ما، وأهم من ذلك كله علينا تغيير خطابنا الإعلامي المستهلك العاجز حتى عن إقناع طفل فكيف سيقنع شعب، وخصوصاً بأن هذا الثعلب بدأ يلعب في داخل عمق كل أسرة فلسطينية، فهو يتحكم بالرواتب، وأيضاً زيادة نسبة الحاصلين عن تصاريح عمل بالداخل. الثعلب يواجه بالفعل المدروس وليس بالتصريحات الفارغة التي تولد ميته منذ التصريح بها.

للتواصل:
بريد الكتروني mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد