لم أقصد الإنتخابات الفلسطينية والتي لم نراها رغم مضي عشر سنوات على إستحقاقها , وذلك إبتداءً من الإنقسام وإنتهاءً بحجة منعها في القدس الشرقية (...) , ولكنني أقصد الإنتخابات الإسرائيلية والتي ستجرى غداً للمرة الثالثة في أقل من عام , فالأيام التي تشهد جمود في العملية الديمقراطية الفلسطينية بحجة منع الإنتخابات في القدس , هي نفس الأيام التي تشهد سيولة في العملية الديمقراطية الإسرائيلية , وبين الجمود والسيولة نجد الفرق الشاسع , فجمود الإنتخابات الفلسطينية يأتي لصالح الأحزاب السياسية الفلسطينية على حساب الشعب , لأن النظام السياسي الفلسطيني تحول تلقائياً الى حكم دكتاتوري , أما السيولة الديمقراطية في إسرائيل فهي تأتي لصالح الشعب , وذلك على حساب الأحزاب السياسية في الكنيست , لأن تكرار الإنتخابات بحد ذاته لا ينتقص من حق الشعب في الإختيار , ولكنه ينتقص من حق الحزب الحاصل على أعلى الأصوات , وذلك بسبب النظام السياسي في إسرائيل , والذي يختلف نوعاً ما عن باقي الأنظمة , لأنه بالأساس يشترط بأن يحصل أي حزب على 61 مقعد في الإنتخابات ليتمكن من تشكيل حكومة , وبالطبع فلا يوجد أي حزب في إسرائيل يستطيع الحصول على 61 مقعد بمفرده , وبالتالي سيضطر الحزب الحاصل على أعلى الأصوات والمقاعد في الكنيست , أن يشكل إئتلاف حكومي بشراكة أحزاب أخرى , وهذا في أحسن الظروف والأحوال , وربما ترفض باقي الأحزاب في الكنسيت الدخول في حكومة واحدة مع الحزب الناجح في الإنتخابات , وكما حدث في الإنتخابات الأولى والثانية , وربما يحدث ذلك في الإنتخابات الثالثة...

هناك مقدمات في إسرائيل تشير الى عدم القدرة على تشكيل حكومة بعد الإنتخابات الثالثة المنتظرة , وتتمثل هذه المقدمات بالتحدي الشرس والهجوم الواضح والإتهامات الغير مسبوقة بين الأحزاب السياسية في إسرائيل , فكل حزب له شروطه الخاصة للدخول في إئتلاف حكومي , فهناك شروط تتعلق بتغير السياسة الخارجية لإسرائيل , مثل سياسة التعامل مع غزة والضفة وحزب الله وإيران وسوريا , وهناك شروط تتعلق بتغير السياسة الداخلية لإسرائيل , مثل الخلاف على اللوائح والقوانين والأعراف , والتي تشكل صراع دائم بين المتدينين والعلمانيين واليساريين , وهناك شروط تتعلق بوجود بعض الأحزاب في أي إئتلاف , مثال ذلك إعتراض ليبرمان الدخول في إئتلاف واحد مع القائمة العربية المشتركة , وهناك أمثلة كثيرة على ذلك قد حدثت سابقاً .

أيام الإنتخابات في إسرائيل ستشهد تغيرات غير مسبوقة , وذلك بسبب الصراع الحاد والملحوظ بين الأحزاب , وهذا الصراع سيؤدي الى طريقين لا ثالث لهما , إما أن تبقى الأحزاب السياسية والشعب في دوامة إعادة الإنتخابات , أو سيطرون لتغيير النظام الأساسي للإنتخابات , والذي هو بالأصل يحد من التدخل المباشر للشعب في تشكيل أي حكومة , ويعتمد على رغبة الأحزاب السياسية في تشكيل الحكومات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد