مركز حقوقي: إسرائيل تستخدم مبيدات كيميائية مُسرطنة على حدود غزة
أكد مركز "حماية" لحقوق الانسان، اليوم الجمعة، أن رش المبيدات الكيميائية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة بطائراتها المسيرة، تحت مزاعم أمنية للقضاء على الأعشاب والنباتات التي تنمو قرب السياج الفاصل، تتسبب في اتلاف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وتحول دون قدرة المزارعين في تلك المناطق على استغلال أراضيهم وممارسة أعمالهم.
وأضاف المركز أن سلطات الاحتلال تستهدف الأراضي الزراعية في القطاع بشكل متعمد، إضافة إلى ما تقوم به بين الحين والأخر من عمليات توغل وتجريف داخل أراضي المواطنين عبر الخط، وهو ما يثير الاستفهام حول جدوى استخدامها للمبيدات الكيميائية في رش الأعشاب مع قيامها بعمليات التجريف المستمرة بين الحين والأخر.
وبحسب رصد وتوثيق باحثي مركز حماية فإن سلطات الاحتلال تتعمد رش الأراضي الزراعية بشكل منظم وممنهج، خلال الفترة من نوفمبر وحتى إبريل خلال الموسم الزراعي مستهدفة المزروعات الشتوية، حيث اعتادت سلطات الاحتلال خلال السنوات الماضية على القيام بعمليات الرش بالمبيدات الكيميائية وهو ما يلحق اضراراً بليغة بالأراضي الزراعية والمزارعين، حيث تحلق طائرات الاحتلال على مستويات منخفضة وتتوغل داخل أراضي المزارعين لمسافات مختلفة لرش المبيدات تصل لعمق حوالي 2000 متراً. كما تعمد سلطات الاحتلال لإشعال إطارات الكاوتشوك للتأكد من اتجاه الريح، لتزيد من مساحة الأراضي التي يصلها رذاذ المبيد.
وأوضح المركز أن هذا النوع من الطائرات التي تستخدمها سلطات الاحتلال بإمكانها حمل ما بين 400-800 غالون من المبيد، كما بإمكانها أن تطير ما بين 120-160 ميل في الساعة، وهذا يساعد في توسيع مساحة الأراضي التي تتأثر بالمبيدات، حيث تقدر مساحة الأراضي المتضررة جراء رش المبيدات خلال شهر يناير من العام الجاري فقط ما يقارب من" 1726065" دونم، على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وأكد مركز حماية أن إجمالي خسائر المزارعين جراء رش سلطات الاحتلال لأراضي المزارعين بالمبيدات منذ مطلع العام الجاري وحتى تاريخه بلغ حوالي 379.670 دولار، مشيراً أن المزارعين أصبحوا مترددين في زراعة أراضيهم خلال المواسم الزراعية خشية تعرضها للإتلاف نتيجة رش بالمبيدات الزراعية، الأمر الذي يتسبب بخسارتهم ملايين الشواكل.
ويتسبب رش المبيدات الكيميائية في تآكل التربة وعدم صلاحيتها للزراعة وفقدان التربة لخصوبتها وحيويتها، ويشكل خطراً على الثروة الحيوانية حيث أن المنطقة مصدر غذاء لأكثر من 70% من الحيوانات، حيث يؤدي تناولها لهذه الأعشاب إلى تسممها ومن ثم موتها.
وأشار "حماية" إلى تلوث الهواء في قطاع غزة بسبب المبيدات السامة خلال نشاط حركة الرياح ما يهدد حياة الناس، وكذلك تلوث المياه الجوفية نتيجة تسرب المبيدات القاتلة إلى خزان المياه الجوفية في أراضي القطاع، وذلك بمجمله يؤثر على حياة الانسان في غزة.
وكشفت سلطات الاحتلال عن عدد من المواد التي تستخدمها في الرش الجوي للأراضي الزراعية شرق قطاع غزة، وتتمثل في مادة "غليفوسات، وأوكسيجال، وديوريكس"، وبحسب الخبير البيئي "جورج كرزم"، فإن مبيدات الأعشاب التي يرشها الجيش الإسرائيلي على أراضي المزارعين في غزة، قد تبقى في التربة دون تحلل لبضع سنوات، موضحا أنه تعد مبيدات الأعشاب مسرطنة وقد تتسبب بتشوهات جينية وخلقية وتناسلية.
ووفقا لما ذكرته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) التابعة لمنظمة الصحة العالمية، في تقرير لها فأن مادة "الغلايفوسات" (المادة الفعالة في العديد من مبيدات الأعشاب المستخدمة من قبل الجيش الإسرائيلي ضد الأراضي الزراعية) تعتبر مسببة للأورام السرطانية لدى البشر.
يتسبب رش المبيدات الكيميائية على الأراضي الزراعية في قطاع غزة في إتلاف وتشوية بعض المحاصيل، كما يتسبب في تغيير لون عدد منها كونه يتغلل في جذورها، ويظهر ذلك بوضوح في النباتات الورقية مثل "السبانخ، البقدونس، البازيلاء، اللفت، الملفوف، الكوسا، القمح، الشعير،.."، كما تتسب المواد التي يتم رشها لاسيما مادة " غليفوسات" المسرطنة في إعدام التربة وعدم صلاحيتها للزراعة.
وشدد مركز حماية على أن رش المبيدات يشكل انتهاكات للقانون الدولي الانساني، ولحقوق المزارعين الفلسطينيين، وأضرار خطير بالبيئة والصحة العامة وفقا للنتائج العلمية المعروفة لأنواع المبيدات المستخدمة.
وقال ان اتلاف هذه الأعشاب عملية يمكن أن تتم بصورة آمنة، ومشروعة، ومعلنة، دون أن تتسبب بأية أضرار على الزراعة والمزارعين، والبيئة والصحة العامة، والحاق هذا القدر الكبير من الخسائر بالمزارعين.
وأكد على ان قوات الاحتلال تتعمد إلحاق الأذى بالمدنيين وتدمير مصدر عيشهم و المس بالصحة والبيئة العامة والقضاء على أي محاولة للنهوض بالقطاع الزراعي الفلسطيني، بل تمتد آثاره لتطال القطاع الاقتصادي برمته بالإضافة لامتداد تلك الاثار للواقع الاجتماعي في قطاع غزة، وهي بذلك ترتب انتهاكات جسيمة لقواعد حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي الإنساني لاسيما تلك التي تتعلق بضمان الحق في الحياة والقواعد التي حظرت المساس بالممتلكات الخاصة والممتلكات التي لا غنى عنها والقواعد التي كفلت الحق في العمل والحق في الصحة والسلامة والحق في هواء وماء نقي وصحي.
وطالبت المؤسسة الحقوقية منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" ومنظمة الصحة العالمية بإجراء تحقيقات واسعة للوقوف عند الآثار الكارثية الناجمة عن رش المبيدات بهدف إعداد قاعدة بيانات لملاحقة وحاسبة سلطات الاحتلال، وطالب المجتمع الدولي بالقيام بواجباته القانونية والأخلاقية والتدخل من أجل إلزام سلطات الاحتلال بوقف رش تلك المبيدات السامة والقاتلة
ودعت المجتمع الدولي والمؤسسات والهيئات والوكالات الدولية ذات العلاقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عمليات الرش الجوي للمبيدات، وإيجاد آلية واضحة من أجل تعويض المزارعين الفلسطينيين في قطاع غزة عن الأضرار التي لحقت بهم.