هذا هو الشخص المؤثر الذي يقود المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وتحكم في قراراته وسياساته منذ سنوات، إنه نتنياهو الذي يجمع عليه قطاع من المفكرين والسياسيين وكتاب الزوايا الثابتة في الصحافة العبرية، على أنه مراوغ، غير صادق، وأن لديه ازدواجية ويتصرف بما يتعارض مع ما يقول، وتأكيداً لذلك كتبت هآرتس في افتتاحيتها يوم 6/3 حول زيارته لواشنطن وخطابه يوم 3 آذار أمام مجلسي الكونغرس الأميركي تقول: «لم يكن إخفاق نتنياهو في أفكاره، بل في طريقته، واقتراحاته لم تحظ بأي إنصات في واشنطن، وسيتعين على الحكومة القادمة أن تهتم بإعادة بناء العلاقات مع أميركا».
وكتب ليلاخ سيفان في معاريف يوم 6/3 عن نتنياهو قائلاً: «للسخرية أن مؤهلاته هي التي تشكل مأساته، ونظراً لأنه أسر جداً بكلماته فهو مخيب جداً للآمال بأفعاله وقد أثبت بكل السبل الممكنة، أنه ليس الشخص الذي يستطيع أن ينقذنا من كل هذا، فالكراهية الشخصية تجاهه وصلت إلى مستويات جديدة، والشخص الذي هو أفضل ما يشرح مشاكل إسرائيل، هو لسخرية القدر، الشخص الذي يزيدها ويعمقها».
وحول مسيرة التسوية كتب ناحوم برنياع في هآرتس يوم 6/3 كتب يقول:
«في الموضوع الفلسطيني، التنازلات التي قدمها في مسائل جوهرية كالحدود، اللاجئين، المستوطنات، تدل ظاهراً على رغبة شديدة، بعيدة الأثر، للتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع، ولكنه في نفس الوقت اتخذ خطوات على الأرض، شهدت نتائج وممارسات عكسية، ويخيل للمرء أنه يهتم بأن يحظى بالاعتراف والقبول، تحت غطاء أنه يسعى نحو السلام، ولكنه وجد وعمل على أن السلام لا يتحقق إلا بشرط واحد قام بتأديته وهو ألا يحقق السلام أبداً».
وكتبت هيئة تحرير النيويورك تايمز افتتاحية في غاية الأهمية لصحيفة أميركية موصوفة بانحيازها للمشروع الاستعماري الصهيوني وداعمة لسياساته يوم 5/3/2015، كتبت تقول: «لم تقدم كلمة نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي أي شيء جديد من حيث الجوهر، وهو ما يوضح أن جُل أدائه كان منصباً على إثبات تشدده حول القضايا الأمنية عشية الانتخابات الإسرائيلية التي سيواجهها يوم 17 آذار الحالي، كما أنه لم يقدم أي استبصار جديد ينفذ إلى موضوع إيران، ولم يطرح أي أسباب جديدة لرفض الاتفاقية التي يجري التفاوض عليها بين إيران والولايات المتحدة والقوى الخمس الرئيسة الأخرى بهدف الحد من البرنامج النووي الإيراني، ويشكل مطلبه بالضغط على الرئيس أوباما من أجل صفقة أفضل مطلباً أجوف، وهو بوضوح لا يريد مفاوضات من الأساس، كما أنه فشل في طرح أي نهج بديل يستطيع وضع حد لجهود إيران النووية».
وكتب جيفري غولد بيرغ في الأتلانتيك الأميركية يوم 27/2/2015 ما يلي: «نتنياهو انخرط في سلوك ليست له سابقة ويبدو أنه يائس جداً من إمكانية البقاء في منصبه إلى حد أنه جعل الجمهوريين يجندون بلاده كسلاح في كفاحهم ضد رئيس ديمقراطي يكرهونه، ويسعى الجمهوري جون بونير رئيس مجلس النواب الأميركي إلى إلحاق الضرر بأوباما، وقد حّول نتنياهو إلى حليف في هذه القضية، وليس من الواضح تماماً من هو الذي تم استغلاله».
ولكن على الرغم من فصاحته والتأييد له من قبل الجمهوريين الذين دعوه ووظفوه ضد الديمقراطيين، وضد الرئيس أوباما، ووجدها فرصة، استغلها لمصلحته الانتخابية في إظهار مكانته في واشنطن، فقد دلت نتائج تأثيره على رجل الشارع الأميركي أنها مخيبة له ولجماعته، فقد أعطت نتائج الاستطلاع الذي أجرته جامعة ميرلاند أن أغلبية الأميركيين يفضلون التوصل إلى اتفاق مع إيران، بما فيهم ما نسبته 61 بالمائة من الجمهوريين، و66 بالمائة من الديمقراطيين، ما يدلل على أن الأولوية للمواطن الأميركي، هي مصالحه، وليس كما يرغب نتنياهو، وهي حصيلة مفيدة ليس فقط لأن نتنياهو استفز أوباما وقبل دعوة لمخاطبة النواب الأميركيين من خلف ظهر رئيسهم، ودون علمه المسبق، بل دللت على أن مصالح أميركا لدى الأميركيين لها الأولوية على أي شيء آخر، بما فيها إسرائيل، وهي حصيلة، لو فهمها أصحاب القرار العربي، ومنتجو النفط، وأصحاب رؤوس الأموال الخليجية الضخمة التي يتم استثمارها بالمليارات في أميركا، لحققوا النتيجة المطلوبة في جعل واشنطن أكثر واقعية في تعاملها مع المصالح العربية بدلاً من انحيازها الفاقع والاستفزازي للعدو الإسرائيلي.
h.faraneh@yahoo.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد