المصالحة الداخلية على المحك
غزة /خاص سوا/ يرى محللون ومراقبون فلسطينيون ان عودة التراشق الاعلامي بين حركتي ( فتح و حماس ) يعود لعدم تطبيق كافة بنود المصالحة الداخلية بينهما، إضافة الى قناعة كل طرف بأنه أقوى من الآخر، مما يجعلها على المحك.
وتبادل (فتح وحماس) أمس السبت الاتهامات حول زعزعة الأمن في قطاع غزة، حيث اتهمت حماس عناصر الاجهزة الامنية بالعبث بأمن غزة فيما نفت (فتح) تلك الاتهامات مبينه ان الأولى لا تريد للمصالحة ان تتم.
وقال المحلل السياسي طلال عوكل أن أسباب عودة التراشق الاعلامي واستمرار الأجواء السلبية بين حركتي فتح وحماس يعود بالأساس لتعطل المصالحة، وعدم تنفيذ بنودها المتفق عليها في اتفاقي القاهرة والشاطئ عدا بند تشكيل الحكومة.
ويشير عوكل إلى أن المشكلة تكمن في أن طرفي الانقسام لا يقدمان تنازلات للمضي قدما في طريق المصالحة، مبيناً أن كلا الطرفين يعملان على نظرية أن هنالك طرف قوي وآخر ضعيف وهو ما يؤدي الى تعثر المصالحة على نحو دائم، وإلى حدوث الاشتباك الاعلامي بشكل مستمر.
ويشكك عوكل بأن تكون هنالك أي عودة قريبة للمصالحة لأنها ليست مصلحة عليا لطرفي الانقسام، خصوصاً في حال أفرزت الانتخابات الإسرائيلية المتوقع عقدها الشهر الجاري من يقرر عودة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.
ويوضح بأنه في حال فوز اليسار الإسرائيلي أو أي طرف يرغب في عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فإن المصالحة لن تتحقق لأن السلطة سترى في المفاوضات أولوية عن المصالحة الفلسطينية .
ويحمل المحلل السياسي السلطة الفلسطينية وحركة فتح مسئولية أي إجراء قد تقوم به حماس فيما يتعلق بغزة، مبيناً أنه لو أرادت السلطة بالفعل قطع الطريق على ما تقول إن حماس تسعى إليه في اقامة دولة في غزة، لتتقدم السلطة وتنفذ اتفاقيات المصالحة وتقدم التنازلات أمام اتمام المصالحة.
ويلفت عوكل إلى أن الوضع الفلسطيني سيتجه نحو مزيد من الانقسام بين الضفة والقطاع، مشيراً إلى أنه في ظل تعثر المصالحة الفلسطينية فإن حماس سترى أنه من حقها رفع الحصار عن غزة ، وهو ما يحتمل أنه يحدث الآن في ظل الحديث عن مفاوضات سرية بين حماس وإسرائيل عبر وسطاء دوليين.
من جانبه، يرى المحلل السياسي أكرم عطا الله أن المصالحة الفلسطينية لم تقف منذ بدايتها على أساس متين وأن مسارها لم يتحرك وفقاً لما خطط له، مبيناً أن بعض مراكز القوى في فتح وحماس ترفض اتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية وتفتعل الأزمات لتعكيرها.
ويضيف عطا الله أنه مع كل مرة تحدث فيها انفراجه للأوضاع، كما كان بالأمس حين كان الحديث يدور عن تسليم معبر رفح للحكومة، والحديث عن حل مشكلة الموظفين عبر الورقة السويسرية، كان الرد الفوري من هذه الأطراف بمهاجمة الطرف الآخر كما شهدنا في وسائل الاعلام عبر فتح ملفات قديمة لتفجر بها الساحة الداخلية من جديد.
وحول مصلحة تلك القوى من استمرار الانقسام، يشير المحلل السياسي أن تلك القوى استطاعت تحقيق مراكز وأدوار سياسية خلال فترة الانقسام ومع انتهاءه فإنها ستفقد مراكزها وأدوارها.
كما يشير عطا الله إلى وجود بعض الأطراف الإقليمية والدولية، التي تتدخل مع كل مرة يدور فيها الحديث عن حلول لملفات شائكة، حيث تعود الأوضاع السياسية إلى التأجج من جديد في ظل وعود من تلك الدول بتحسين الأوضاع في قطاع غزة، كما شهدنا خلال الأيام الماضية، ما يؤدي إلى تعليق الآمال على تلك الدول والاستمرار في تعطيل المصالحة الفلسطينية.
وعن امكانية تدخل العقلاء من التنظيمين لمنع انهيار المصالحة، يبين المحلل السياسي امكانية محاصرة العقلاء للخلاف الدائر الآن، مستدركاً القول بأنه عادة ما تكون للأصوات التوتيرية صدىً أكبر، من أصوات العقلاء في التنظيمين وتترك أثراً أكبر على الأوضاع السياسية وتعمق الانقسام.
ويرى عطا الله أن الحل يكمن في ان تستمر جولات الحوار بين حركتي فتح وحماس، وأن يحرص العقلاء في الفصيلين على الاستمرار في احراز التقدم في ملفات المصالحة الفلسطينية، حتى وإن كان التقدم بطيء للغاية، لأن المصالحة وإن كانت تسير ببطء فهي أفضل بكثير من الانقسام السياسي الذي لم ينتج عنه إلا الحاق المزيد من التدهور للقضية الفلسطينية ولأوضاع الشارع المعيشية، وفقاً لعطا الله.