اعتراف إسرائيلي "غير مسبوق" بشأن مقاتلي حماس وحزب الله
اعتبر الجنرال الإسرائيلي بيني عميدرور، أن مقاتلي حركة " حماس " وحزب الله اللبناني، أكثر كفاءة واحترافية من جنود الجيش الإسرائيلي.
عميدرور الخبير العسكري، والقائد السابق للعقيدة القتالية، ومدرب القادة في الجيش الإسرائيلي، قال إن "هذا اعتراف غير مسبوق ضد الجيش الإسرائيلي، ينبغي أن يقلق جميع الإسرائيليين".
وأوضح عميدرور في حوار مع صحيفة "معاريف" العبرية أن "مقاتلي هاتين المنظمتين أكثر احترافية من مقاتلينا، خاصة في مجالات التدريبات، فهم أكبر سنا، ويخدمون فترة زمنية أطول من جنودنا، ويجرون مناورات أكثر مما لدينا".
وأضاف الخبير العسكري: "الجنود الإسرائيليون ينشغلون بمهام شرطية في المناطق الفلسطينية أكثر منها عسكرية، ومنذ زمن طويل كان يجب نقل هذه المهام إلى حرس الحدود، لأن جنوده ذوي تأهيل أعلى، ومستعدون للمخاطرة بحياتهم أكثر من جنود الجيش الإسرائيلي".
وبين أن "حرب غزة الأخيرة (الجرف الصامد) 2014 تعتبر الأكثر ازدراء في تاريخ الجيش الإسرائيلي، بقيادة وزير الأمن موشيه يعلون ورئيس هيئة الأركان بيني غانتس ، لأننا جندنا جميع مكونات الجيش النظامي وعشرة فرق، فضلا عن لواء كفير، للقيام بمهمة واحدة، وهي القضاء على القذائف الصاروخية من غزة، وفي النهاية لم يتم معالجة هذا التهديد، وخلال العملية تم استبدال الهدف بالقضاء على الأنفاق".
ولفت إلى أنه "خلال 50 يوما دخل المسلحون الفلسطينيون مئات الأمتار داخل إسرائيل، ثم عادوا لغزة، ثم كرروا التسلل، لكن النموذج الأكثر تعبيرا عن فشل (الجرف الصامد) هي معركة الشجاعية، حيث ذهب الجنود دون حماية كافية، جنود يقتلون داخل ناقلة جند، وفيما سارت الدبابات إلى الأمام، لكن ناقلة الجند بقيت عالقة أمام البيت المفخخ، وظلت تتلقى قذائف الآر بي جي، والجيش لم يقم بأي عملية تحقيق أو فحص لما جرى".
وتابع إن "الجيش فقد خلال حرب غزة 68 جنديا، ويمكن تشبيه أداء المقاومة الفلسطينية خلال تلك الحرب بـ"لدغات القناص"، وطالما سقط لدينا جنود في حرب غزة، فهذا فشل ذريع لقادة الجيش ووزير الحرب، لأن الهدف كان الحيلولة دون وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش، وأي مقارنة بين حرب الأيام الستة 1967، وحرب الجرف الصامد 2014، تعطينا استنتاجا واضحا أن مستوى تأهيل الجيش في تراجع".
اقرأ/ي أيضا.. القسام تنشر تفاصيل المعارك العسكرية في حرب 2014
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي فقدا الروح القتالية، وهي أول مكون في العقيدة العسكرية، في حرب 1948 انتصرنا بجانب الإمكانيات اللوجستية بسبب هذه الروح، وعصابة البالماخ لم تحسب حسابا كثيرا للخسائر البشرية، ولكن في الحروب التالية بدأت الحسابات تزداد لهذه الخسائر بسبب أخطاء القادة، وإخفاقاتهم غير المهنية، ولذلك تحول الجيش الإسرائيلي إلى جيش راكد، وهذه مسئولية القيادة العليا".
وتابع: "في حرب الأيام الستة 1967 واجه شارون حملة ضد منطقة أم الكتف المصرية، وقدر آنذاك قائد الوحدة شابكا غابيش أن الجيش قد يفقد 300 جندي، لكن شارون لم يتردد، ولم يردع، ونفذ الهجوم، وبلغ عدد القتلى 34 جنديا، وفي حرب لبنان الثانية 2006 طلب قائد الجيش دان حالوتس إنجاز المهمة فقط من خلال سلاح الجو، لكن إطلاق الصواريخ من لبنان لم يتوقف حتى اللحظة الأخيرة".
ونوه إلى أن "الجيش الإسرائيلي فشل في حرب لبنان، رغم أن سلاح الطيران فجر منازل لبنانية كاملة من عدة طوابق في الضاحية الجنوبية لحزب الله، وتبين في النهاية أن الطيران لا يحسم المعارك، لأنه في حروب القذائف والأنفاق لابد من السيطرة على الأرض، واحتلالها".
وذكر أن "المقولة السائدة في الجيش الإسرائيلي أن عدوه الأساسي الذي يواجهه هو العصابات غير الدولانية، خاصة حزب الله وحماس، ويمكن للجيش التصدي لهما، لكن هذا كلام تافه، فقد أثبتت حربا لبنان الثانية والجرف الصامد أن الجيش لم ينجح بالتصدي لهما". وفقا له.
وختم بالقول أن "الهدوء الأمني حاليا مع مصر والأردن ليس مستقرا إلى إشعار آخر، لأن المقصود بحدود السلام أن تتحول هذه الحدود لما يشبه بلجيكا وهولندا، فهل هذا هو ما قائم اليوم، ليس لنا أي سلام مع أي دولة عربية على هذا النحو، وليس فقط مع مصر والأردن". بحسب ما نقله موقع عربي 21.
اعتراف جنرال مخضرم
أوري ميليشتاين الخبير العسكري الذي أجرى المقابلة المطولة مع الجنرال عميدرور، عدّ أن "هذا الاعتراف لا يُسمع بالعادة بصوت عال في أوساط الجيش الإسرائيلي، أو من قبل خبراء عسكريين إسرائيليين، أو حتى أجانب، لكن هذا الاعتراف لا يتردد مرتين من عميدرور للإدلاء به، فهو جنرال مخضرم، عمل في صفوف الجيش أكثر من عشرين عاما".
وقال إن "عميدرور من عائلة عسكرية بامتياز، فشقيقه الجنرال يعكوب عميدرور الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي، وشقيقته الجنرالة أهوفا يناي، وهو والد الجنرال بوعاز عميدرور قائد وحدة المظليين في حرب لبنان الثانية، مما يكسب اعترافه هذا أهمية استثنائية".
ووفق ميليشتاين، فقد أصدر عميدرور عددا من المؤلفات العسكرية الخاصة بالعقيدة القتالية في الجيش الإسرائيلي، وعمل بجانب عدد كبير من قادة الأمن مثل إيهود باراك، شاؤول موفاز، أهرون زئيفي فركش، يوسي بيلد، أوري ساغيه.
وأكد ميليشتاين أن الجنرال دورون روبين كتب عن عميدرور أنه "الجنرال الوحيد في الجيش الإسرائيلي الذي يستطيع النظر في عيون باقي القادة العسكريين، ويعلمهم العقيدة القتالية، لأنه فعلا يعتبر معلما لهم، وفي 1989 أهدى أريئيل شارون إليه سيرته الذاتية بعنوان "المقاتل".
كما وجه رئيس أركان الجيش الأسبق غابي اشكنازي كلاما مهما إلى عميدرور، قائلا: "لا أدري إن كان هناك على الكرة الأرضية رجلا خبيرا مثله في العقيدة القتالية، وخبيرا في الجيوش النظامية الأجنبية، لعله الوحيد في إسرائيل الذي تطرح عليه أي سؤال في العقيدة العسكرية، فيعطيك إجابة عليه على الفور".
وقال إن "عميدرور 83 عاما، شارك بجميع حروب إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب، وبعد حرب 1973 بدأ يكتب مقالات نقدية عن أداء الجيش الإسرائيلي، تحدث فيها عن أبرز إخفاقاته والثغرات التي وقع فيها في حروبه، مع أن مشكلة المشاكل لدى الجيش الإسرائيلي أنه ليس احترافيا، لكنه يقترب من جيش هواة، لأن خدمته العسكرية ليست مهنة، فالجندي فور انتهاء التجنيد الإجباري ينتقل لمهنة أخرى في عالمه الخاص".
يقول عميدرور إن "بدايات الأخطاء في الجيش الإسرائيلي تعود للمراحل الأولى لتأسيسه، حين دمج أحد قادة الصهيونية السياسية المعاصرين زئيف جابوتنكسي 30 ألفا من مقاتلي العصابات الصهيونية في صفوف الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية لمقاتلة الجيش الألماني بقيادة هتلر، وفي مرحلة ثانية تم دمج مقاتلي عصابة الهاغاناه في المنظومة البريطانية تمهيدا للقتال في حرب العام 1948".
وأضاف : "كان لدينا آنذاك ذراع لوجستي كبير سمح للجيش بتحقيق انتصاره في تلك الحرب، لكن الجيش في نهاية الحرب اصطدم بوجود الخط الأخضر بسبب خطأ ارتكبه ديفيد بن غوريون، وبسبب عدم وجود إستراتيجية لدى الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي لا زال غير متوفر حتى اليوم، وتكررت الأخطاء في معظم الحروب التي خاضها الجيش في 1967، 1973، 1982".
وبحسب عميدرور، فإنه "منذ البدايات الأولى لتأسيس الجيش الإسرائيلي كان التوجه بالاستفادة من النظريات العسكرية السائدة آنذاك للجيوش الأمريكية والكندية والجنوب أفريقية والسوفيتي، مستطردا : "مع أن لدينا جنرالات معدودين على الأصابع ممن خاضوا حروب إسرائيل بطريقة احترافية، أبرزهم يغآل ألون وأريئيل شارون".