الكشف عن الخيانة الذي تعرض لها قاسم سليماني في ساعاته الأخيرة
كشف موقع بريطاني، مساء اليوم الأحد، أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة الامريكية فجر الجمعة الماضي، تعرض للخيانة قبل اغتياله.
ونقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن مصدر مطلع في حزب الله اللبناني، أن سليماني كان تحت المراقب منذ وصوله إلى العاصمة السورية، دمشق، من طهران، الخميس الماضي، وحتى وصوله مطار بغداد الدولي واغتياله، فجر يوم الجمعة الماضي.
وأوضح المصدر ذاته للموقع البريطاني أن سليماني وصل إلى مطار دمشق صباح الخميس الماضي، وانتقل مباشرة إلى سيارة نقلته إلى العاصمة اللبنانية بيروت دون أن يجري لقاءات في دمشق. وكان هدف الزيارة إلى بيروت لقاء الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بحسب ما نقله (موقع عرب 48).
وأضاف المصدر المطلع على تفاصيل اللقاء بين سليماني ونصر الله، وفق ما ذكر التقرير الذي أعدته سؤدد الصالحي من بغداد، أنهما بحثا التطورات الأخيرة في العراق طيلة ساعات، وتحديدا الغارة الجوية الأميركية، التي استهدفت مواقع لكتائب حزب الله العراقي في العراق وسورية، والهجوم الذي تلاه السفارة الأميركية في بغداد بعد ذلك.
وقال المصدر إن الهدف من زيارة بيروت ولقاء نصر الله، كانت المساعدة في تنسيق عمل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وبهدف تجهيزها لأي مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة.
زيارته لبيروت
وبحسب المصدر في "حزب الله" اللبناني، فإن اللقاء بين الاثنين جاء لإيجاد حل خلافات بين الفصائل، وأنه لدى وصول سليماني إلى مطار دمشق سافر على متن طائرة "أجنحة الشام" المدنية إلى بغداد، وكان من المقرر أن تنطلق الطائرة في تمام الساعة الثامنة والثلث مساء، إلا أن تأخرت لسبب مجهول حتى الساعة العاشرة والنصف، وذلك بحسب البيانات العامة لشركة الطيران.
وأوضح أن نائب رئيس "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، تلقى بلاغًا في الوقت ذاته تقريبا بأن سليماني قد يهبط في بغداد.
وصوله للعراق
وذكر التقرير أن نائب رئيس "الحشد الشعبي" استدعى مساعده المسؤول عن تشريفات "الحشد الشعبي"، محمد رضا، إلى المطار، وأمره بقيادة السيارة إلى بوابة المطار والاستعداد لوصول ضيف مهم. وأشار الموقع إلى أن مطار بغداد الدولي يخضع لتدابير أمنية مشددة منذ عام 2003، وتدير الأمن داخله شركة "جي 4 أس" (G4S) البريطانية، تحت إشراف أجهزة المخابرات والأمن القومي العراقية، في حين أن قوات مكافحة الإرهاب العراقية هي المسؤولة عن تأمين محيط المطار ومجاله الجوي والطرق المؤدية إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة.
وأضاف الموقع أن التدابير الأمنية تلزم الركاب العاديين بالمرور عبر حواجز أمنية عدة منتشرة على طريق بطول 10 كلم أثناء دخولهم وخروجهم، ويمتد من ميدان عباس بن فرناس، وحتى آخر نقطة يمكن للسيارات الشخصية بلوغها، حيث تقع صالات المغادرة.
لكن الشخصيات الدبلوماسية والخاصة التي ترافقها حاشية يسمح لها بالعبور من ممر كبار الزوار، والذي لا يتطلب سوى إعلام الحاجز الأمني بهوية المسافرين وتفاصيل السيارة. وأضاف التقرير أن أي معلومات تصل إلى ذلك الحاجز الأمني تجري مشاركتها على الفور مع أمن المطار والأمن القومي والمخابرات وشركة "جي 4 أس" البريطانية.
وأوضحت مُعدة التقرير أن المهندس اتخذ احتياطات أمنية مشددة قبل لقاء سليماني، لكنه على الأغلب لم يكن على دراية تامة أن الأميركيين تتبعوه طوال سنوات، وأنه لم يكن يخفى على أحد أنه لم يكن برفقة رضا في السيارة سوى المهندس.
ونقلت الكاتبة عن قادة مقربين للمهندس قولهم إنه كان من المعروف جيدا أيضا أن قائد الحشد الشعبي لم يستقبل أحدا في المطار غير سليماني.
وأضاف التقرير أن مصدرا أميركيا على اطلاع على آخر التطورات، صرح بتلقي الأميركيين معلومات تفيد بأن سليماني كان في طريقه إلى بغداد، وسيكون في استقباله نائب رئيس "الحشد الشعبي" لاصطحابه إلى منزله في المنطقة الخضراء المحصنة جيدا. وأضاف الموقع أن ثلاثة مسؤولين أمنيين عراقيين والعديد من قادة الحشد الشعبي أكدوا هذه الخطة.
عودة إلى رحلة سليماني
هبطت الطائرة الساعة الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت بغداد، وبحسب التقرير، فإن المهندس حرص على عدم ترك سليماني ومرافقيه الاثنين، وأحدهما صهر، في الانتظار، بل حرص والوفد المرافق له على الانطلاق سريعا وعدم تعرضه للانكشاف، في حين تعامل مسؤولو الأمن الوطني مع وثائق السفر الخاصة بسليماني ومرافقيه وتولوا أمر الحقائب.
وأشارت كاتبة التقرير إلى أن المهندس يعتبر صديق سليماني وأقدم حلفائه، وأنه رافقه بعد حفل استقبال صغير مع سيارتين كانتا مجهزتين لاصطحابه إلى منزل المهندس في المنطقة الخضراء ببغداد. غير أن طائرة أميركية مسيرة كانت تحلق وتستعد لقصفهما، وبعد دقائق قليلة استهدفتهما صواريخ طائرة مسيرة.
وأضافت الكاتبة أن الحافلة الصغيرة من طراز "هيونداي ستاركز" والسيارة من طراز "تويوتا أفالون" لم تكونا قد ابتعدتا كثيرا قبل أن تهز الانفجارات الثلاثة الحدود الغربية للعاصمة العراقية بغداد. وأفادت تحقيقات أمنية أولية بأن ثلاثة صواريخ موجهة كانت قد استهدفت السيارتين.
وفيما استهدف الصاروخ الأول سيارة "هيونداي ستاركز" التي كانت بعيدة نحو 100 أو 120 مترا عن السيارة الثانية، في حين أخطأ صاروخ آخر سيارة "تويوتا"، التي حاولت الإسراع بعيدا عن منطقة الاستهداف، لكن صاروخا ثالثا أصابها. واستغرقت السلطات العراقية ساعات عديدة لتحديد هوية الضحايا الذين تعرض بعضهم للحرق تماما، إلا أن التقرير ينقل عن مسؤولين أمنين قولهم إنه كان من السهل تحديد هوية سليماني، وذلك من الخاتم المميز الكبير ذي الحجر الأحمر الغامق الذي كان يضعه في يده اليسرى.
كيفية التنقل
ويشير التقرير إلى أن سليماني والمهندس كانا على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة منذ سنوات، وأنهما كانا يتجنبان استخدام التقنيات الحديثة، وأنهما التزما بتدابير أمنية مشددة.
وكان عدد الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى هذين القائدين محدودا جدا، وأنهما كانا يبذلان جهودا كبيرة للتخفي أثناء التنقل.
وقال قائد مقرب من المهندس رافضًا الكشف عن هويته لأسباب أمنية، إن "هذه هي تدابيرهما الأمنية المثالية، فقد كانا يسافران دائما دون تحديد تاريخ مسبق ومن دون الإعلان عن وجهتهما، وكانا يستخدمان خطوط طيران عادية، ولا يمران عبر القنوات الرسمية المعتادة من أجل ختم جوازات سفرهما في المطارات".
وأضاف أنهما كانا لا يستخدمان هواتف ذكية ويتنقلان بسيارات عادية مع أقل عدد ممكن من الناس، وكان من الصعب تعقبهما إجمالا، لكن مطاري دمشق وبغداد يعجان بالمصادر الاستخباراتية الموالية لأميركا، ولهذا وقعا في المصيدة.
نقاط دخول
ونقل التقرير عن مسؤولين عراقيين مطلعين على تحركات سليماني، إنه كان يستخدم نقاط دخول عدة إلى العراق.
وأضاف الموقع أن سليماني كان في بعض الأحيان يهبط في مطار بغداد الدولي، كما حدث أول أمس الجمعة، وأنه كان في أحيان أخرى يصلي في النجف، أو يجتاز معبر المنذرية الحدودي إلى محافظة ديالى قادما من إيران على بعد 120 كلم شرق بغداد.
وأوضح التقرير أن سليماني بدأ مؤخرا وبشكل متزايد بالهبوط بالطائرة في منطقة كردستان شمالي العراق، ومن ثم ينتقل إلى بغداد بالسيارة.