الإعلام الجزائري صوت من لا صوت لهم: الأسرى الفلسطينيون..د. خالد أبو قوطة
ليس غريباً على الاعلام الجزائري صاحب المواقف الداعمة والمشرفة اتجاه القضايا الفلسطينية وتحديداً المحورية منها والمتمثلة بقضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى رأسها قضيتي القدس والأسرى، فيعد سنداً قوياً مدافعاً عن الحق الفلسطيني. ولم لا وكلنا قد قرأ وسمع عن مواقف دولة الجزائر السياسية، فلا يختلف اثنان على أن الجزائر تهتم بالقضية الفلسطينية وشعبها وتقدر معاناتهم منذ كانت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، ولكن الاهتمام الأكبر كان منذ انطلاقة الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر 1954م، فارتبطت فلسطين بالوجدان الجزائري ومشاعره سياسياً بالإضافة إلي مكانة فلسطين الروحية والدينية وتعمقت المشاعر والولاء لفلسطين وهو ما جعل الجزائر من أكثر الدول العربية والإسلامية احتضانا للفلسطينيين وقضيتهم. واليوم أجد نفسي عاجزاً عن تقديم الشكر والعرفان لهذا الاعلام المحترم المسؤول صاحب الرؤية الثورية وصاحب المواقف الداعمة لقضايا الاسرى الفلسطينيين منذ القدم، فعندما أقوم بإعداد بحثاً أو ورقة بحثية أو مقالاً يتحدث عن الأسرى الفلسطينيين أجده ينتشر كالنار في الهشيم عبر الصفحات الورقية والمواقع الإلكترونية الجزائرية فينتابني شعور الخجل والتقصير والإهمال اتجاه الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال لأني لم أكن على قدر المسؤولية ولم أعطيهم حقهم في طرح وتناول قضاياهم السياسية والاجتماعية والصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من عشرات القضايا التي تؤرِّق وتنغِّص عليهم حياتهم داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية من جهة وحياة ذويهم والمقربين منهم من جهة أخرى بل تكدر حياة الشعب الفلسطيني كله لأنه لا يكاد بيت فلسطيني لم يخض أحد أفراده تجربة الأسر.
وكذلك ينتابني شعور الخجل والتقصير من هذه الوسائل الإعلامية الجزائرية التي تفرد كل هذه المساحات وهذا الوقت لقضايا الاسرى الفلسطينيين وتطالبنا بتزويدها بالأخبار والتقارير والأبحاث الخاصة بهم من أجل عرضها وتناولها عبر صفحاتها الورقية والإلكترونية وعبر قنواتها الفضائية وإذاعاتها المحلية بعكس الوسائل الإعلامية العربية والأجنبية. فاهتمام الاعلام العربي والاجنبي بقضايا الاسرى يعتبر موسمي وروتيني في معظم الحالات، وفي مجملها أخبار علاقات عامة بالدرجة الأولى، لأن قضايا الأسرى وما صاحبها من نشاطات شعبية فرضت نفسها على الإعلام الفلسطيني والعربي فقط دون الإعلام الأجنبي؛ وكان هذا الاهتمام نابعاً من حجم المشكلة وليس من اهتمام الإعلام بمعالجة قضايا الأسرى وفق خطة إعلامية مدروسة واستراتيجية محددة وأهميه توليها هذه الوسائل الإعلامية لمعالجة هذه القضايا مثلما فعل الاعلام الجزائري. وهذا الأمر مختلف تماماً مع إعلام دولة الجزائر الشقيقة التي تميزت وانفردت دون سواها في تناول قضايا الأسرى وفق خطة وسياسة إعلامية من حيث الحجم والمحتوى فهي تمنح هذه القضايا 22 صفحة في الجرائد والصحف اليومية إضافة إلى الملاحق الخاصة الصادرة عن هذه الصحف المتمثلة في صحيفة: الشروق, الحوار, الوسط, البلاد, المواطن, الإخبارية, التحرير, السلام, المغرب الأوسط , الاتحاد, الرائد, الراية, أخبار اليوم , الجديد اليومي, أخبار الوطن, أخبار اليوم, صوت الاحرار, الصوت الآخر, المسار, الموعد, اللقاء, المشوار السياسي وصحف أخرى، وهى صحف يومية تفسح مساحات مهمة يومياً لمتابعة الاخبار والتقارير والمقالات والدراسات التي تتعلق بالأسرى الفلسطينيين.
هذا إلى جانب القنوات الفضائية الجزائرية الحكومية والخاصة والإذاعات المحلية التي تفرد مساحات زمنية واسعة بجانب المواقع الالكترونية المتعددة والمتنوعة لتناول وعرض هذه القضايا المختلفة، ويتم ذلك كله بالتنسيق مع الأخ خالد صالح مسؤول ملف الأسرى في سفارة فلسطين بدولة الجزائر, هذا الجندي المجهول الذي يقف خلف هذا الاهتمام وهذا العطاء المستمر ويعد حلقة الربط والتنسيق بين الكتاب والاعلاميين الفلسطينيين والمؤسسات والهيئات ذات العلاقة بقضايا الأسرى وبين هذه الوسائل الإعلامية الجزائرية سابقة الذكر. ومن هنا ادعوا القيادة الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" ووزير الخارجية رياض المالكي لتكريم الاخ الأسير المحرر خالد صالح على جهوده المضنية وعطائه المستمر في خدمة وتناول قضايا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية والسعي إلى تعميم هذا النموذج وتلك التجربة على باقي السفارات الفلسطينية في الدول العربية والأجنبية للربط بين اعلام هذه الدول وبين الكتاب والإعلاميين الفلسطينيين، ليتم تناول القضايا الفلسطينية وفق استراتيجية إعلامية فلسطينية موحدة تهدف بشكل أساسي إلى كشف حقيقة الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى الظهور في دور الضحية ويتغنى بالإنسانية من خلال خطابه الدعائي باللغة العربية والأجنبية، والعمل المتواصل لفضح الممارسات الإسرائيلية ضد الأسرى في المحافل الدولية، وتطوير آليات الوصول والانتشار والاستفادة من أدوات الإعلام الجديد لإبراز قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وكذلك العمل على حث الكادر الإعلامي الفلسطيني والعربي والأجنبي على الاهتمام بقضايا الأسرى وتفعيلها وتطوير تغطيتهم الإعلامية لها، فمن المفترض على الجانب الإعلامي الذي يتناول قضايا الأسرى أن يكون على قدر من المهنية والكفاءة العالية، وتتوافر لديه الخبرة والمهارة المتخصصة في إيصال صوت الأسرى الفلسطينيين للمجتمع العربي والدولي، بهدف جذب الأنظار إلى قضاياهم العادلة وتدويلها.