عندما نبحر في النفس البشرية الأمّارة بالسوء منذ نشاءتها ، كانت كل الحروب تخاض من أجل النهب و السلب ، للوصول للمال تحت أقنعة الوطنية أو القومية أو الدين و ليست بسبب صراع الثقافات ، كما يروج لها من يخطط و يشن تلك الحروب ، حيث كانت و مازالت قوة التفوق العرقي للأمم تقاس ، بمدى أطماعها في سلب الآخرين و إخضاعهم الى إرادتها من أجل السيطرة على خيراتهم و مقدراتهم ، فعندما يفقد الفرد الفقير إنسانيته على الصعيد الشخصي منذ زمن طويل ، من أجل لقمة العيش المغموسة بالقهر و الدم و الإذلال عند تلقيها ، و اليوم تلك اللقمة غير متاحة عند ٧٠٪ من سكان العالم ، رغم أن الدول الكبرى المتغطرسة المتحكمة في النظام الغذائي العالمي ، تتلف كثير من محاصيلها الذاتية و المستوردة في البحر ، حتى تحافظ على أسعار تلك الأصناف ، من أجل الإستمرار في السيطرة على الشعوب الفقيرة و التحكم بها ، و أضف إلى ذلك غياب الكرامة و العيش و العدالة الإجتماعية للمحرومين ، و تكدس المال العالمي العام في يد ٥٪ من سكان العالم ، حيث في بعض الأحيان ما يملكه رجل أعمال يساوي دخل قومي لقارتين ، هنا يجب علينا أن نضع أصابعنا على الجرح ، بأن غياب العدالة الإجتماعية العالمية ، و الإصرار على تقسيم العالم إلى عالم ثالث متخلف أو نامي أو متقدم ، رغم أن هذا التقسيم العنصري لهذا العالم بهذه الطريقة سُلب في لحظة تاريخية معينة ، عند إستعمار تلك الدول التي تدعي التقدم ، بسرقة الدول الأخرة في فترة الإستعمار ، و هنا ليس للحصر فبريطانيا كان عصرها الذهبي في القفزات العلمية و الإقتصادية ، أثناء حقبة الإستعمار بنهبا لتلك الدول ، التي كانت مستعمرة تحت التاج الملكي البريطاني ، لتصل بهم الوقاحة بأن يسرقوا حتى حجارة البناء لتلك البلدان كما حدث بالهند ، فبعد كل هذا الظلم الذي وقع على الفرد في الشرق الأوسط ، و كثير من دول العالم ، و التوغل في إهانة آدمية الفرد و إمتداد ظاهرة السيد و العبيد ، التي تتجسد بخدمة الآف الفقراء في العالم "الثالث"، من أجل الحياة الكريمة للفرد الواحد في الغرب ، يجب علينا أن نكف عن السؤال لماذا السلم العالمي في تراجع مستمر بسرعة الضوء ، و علينا الإنتظار مزيداً من الحرق هنا وهناك ، إذ لم تتوفر العدالة الإجتماعية العالمية النسبية ، لأننا بحاجة إلى تنمية إجتماعية حقيقية في الدول الفقيرة ، و إلا سوف يذهب هذا العالم إلى مزيد من التطرف الدموي و مزيداً من الكراهية، و الذي يتحمل مسؤوليتهما أولاً و أخيراً من نهب و مازال ينهب مقدرات و خيرات الآخرين ، التي توفر لتلك الشعوب المنهوبة و لكثير من جيرانها حياة كريمة ، و مزيداً من الإستقرار و التفائل بالمستقبل ، يجب إعادة النظر جذرياً في الفلسفة الإستعمارية لصندوق النقد الدولي للإقتراض ، الذي فصل للشعوب المحتاجة ، بأن تصرف تلك القروض بشرط الإستهلاك اليومي فقط ، و ليست من أجل تنمية و بناء قدرة إنتاجية حقيقية ، و إغراقها أكثر و أكثر بديونها ، حتى تستمر تلك الأمم حبيسة فقرها المطقع ، و تحت سياط الدول المتغطرسة ، حتى لا تفكر قيد أنملة بالمطالبة بتشكيل لجنة دولية لإستعادة المال ، الذي نهب آخر مائتين عام من الدول المستعمرة أثناء تلك الحقبة السوداء ، رغم أن هذا الحق لا يذهب بالتقادم ، لذلك يجب علينا جميعاً أن ندق أجراس الخطر قبل فوات الأوان لمزيد من الإنهيارات في القيم و الأخلاق ، حتى لا نصل إلى مربع قتل الكل للكل ، فالفقير ليس عنده شيء يخسره ، فالموت بالنسبة له بسبب هذا القهر و الظلم أكبر جائزة ناصيب يمكن الحصول عليها ، فمن يملك المال هو الخاسر الأول و الأخير في نهاية سيناريو الجشع والطمع ، عند إنهيار السلم العالمي بسبب غياب العدالة الإجتماعية بيننا،إذ كنا (بشر) ؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية