طالب القيادي في حركة حماس خليل الحية بريطانيا بالإعتذار للشعب الفلسطيني عن الوعد والذي صدر عن وزير خارجيتها آناذاك , أرثر بلفور , وكما طالب أيضاً عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير , ورئيس دائرتها لشئون اللاجئين أحمد أبو هولي , من بريطانيا بالإعتذار أيضاٌ عن وعد بلفور المشؤوم , ومع ذكرى مرور 102 عام على وعد بلفور , والذي أعطي فيها ما لا يملك لمن لا يستحق أرض فلسطين لليهود , بعدما كانت أرض عربية وولاية إسلامية تحت الحكم العثماني , ستتوالى المطالبات من قبل الأحزاب والقوى الفلسطينية بأن تعتذر بريطانيا عن هذا الوعد , ومع أن الإعتذار لا يغير من الواقع شيئاً , ولكنني أرى أنها مناسبة جيدة أن تعتذر أحزابنا السياسية الفلسطينية أيضاً للشعب , وعلى رأسها منظمة التحرير وحركة حماس , كونهما أقطاب القرار الفلسطيني في وقتنا الحالي , عن ما صدر عبر وثائقهما السياسية , وتحديداً وثيقة منظمة التحرير عام 1996 , ووثيقة حركة حماس عام 2017 , وما سبق الوثيقة من أحداث مثل دخول حركة حماس في الإنتخابات التشريعية عام 2006 على أرضية أوسلو , والتي إنبثق من خلالها تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني عام 1996 , وتم إلغاء ما يزيد عن 10 بنود من أصل 33 بند , ومن ضمن البنود الملغاة , كانت هناك بنود لا تعطي الشرعية لوجود اليهود على أرض فلسطين التاريخية , وعدم وجود هذه البنود بالطبع ينسجم مع مقاصد وعد بلفور , وهي كالتالي .

البند رقم 6 : اليهود الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى بدء الغزو الصهيوني لها يعتبرون فلسطينيين

البند رقم 19 : تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه ومناقضته للمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمها حق تقرير المصير.

البند رقم 20 : يعتبر باطلا ًكل من وعد بلفور وصك الانتداب وما ترتب عليهما وأن دعوى الترابط التاريخية والروحية بين اليهود وفلسطين لا تتفق مع حقائق التاريخ ولا مع مقومات الدولة في مفهومها الصحيح. وأن اليهودية بوصفها دينا سماويا ليست قومية ذات وجود مستقل وكذلك فإن اليهود ليسوا شعبا واحدا له شخصيته المستقلة وإنما هم مواطنون في الدول التي ينتمون إليه.

البند رقم 22 : الصهيونية حركة سياسية مرتبطة ارتباطا عضويا بالإمبريالية العالمية، وهي حركة عنصرية تعصبية في تكوينها، توسعية استيطانية في أهدافها، فاشية نازية في وسائلها، وأن إسرائيل هي أداة الحركة الصهيونية وقاعدة بشرية جغرافية للإمبريالية العالمية ونقطة ارتكاز ووثب لها في قلب الوطن العربي لضرب أماني الأمة العربية في التحرر والوحدة والتقدم.

إن إلغاء البنود الأربعة أعلاه يتفق مع وعد بلفور , وقرار الإلغاء كان بموجب إتفاق سلام بين منظمة التحرير وإسرائيل وإعتراف متبادل بينهما , بحيث نصل الى دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية , وهذا ما تجمع عليه اليوم جميع الأحزاب والقوى الفلسطينية , سواء من خلال وثائق رسمية , أو من خلال ممارسات سياسية مثل دخول الإنتخابات , وهذا بإستثناء الجهاد الإسلامي والسلفية الجهادية "من باب الإنصاف" , وتعتبر وثيقة حماس لعام 2017 أشبه بوثيقة المنظمة لعام 1996 , وذلك من خلال البند الذي تقبل فيه حماس إقامة دولة على حدود 67 , وهذا يعني نفس ما إتفقت عليه منظمة التحرير مع إسرائيل في أوسلو , وبالطبع دولة على حدود 67 تعني بقبول اليهود على أرض فلسطين التاريخية , وهذا يتفق مع وعد بلفور , إذاً فنحن كفلسطينيين إذا كنا غير مؤمنين بدولة على حدود 67 , فعلينا أن نطالب كشعب بالإعتذار من كل حزب سياسي أو حركة تؤمن بحل الدولتين , قبل أن نطالب بريطانيا بالإعتذار .

كتبت هذا المقال ليس من باب الإعتراض على حل الدولتين , أو من باب تخوين من يؤمن بذلك ويتصرف على أساسه , إنما من باب جلد الذات والإعتراف بكمية التنازلات والتي وصلنا إليها , وتوضيح بعض المفاهيم , فمن الممكن أن أكون مواطناً مؤيداً لحل الدولتين , ومن الممكن أن أكون مواطناً معارضاً لحل الدولتين , وفي حال أنني كنت مؤيداً لحل الدولتين فهذا يعني أنني أرى أن في هذا مصلحة لي كمواطن , وإذا كنت معارضاً لهذا الحل فمن حقي أن أطالب من يؤمنون به بالإعتذار بالنيابة عن بريطانيا .

محلل سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد