إليكم الخارطة المتوقعة اذا كانت الانتخابات تشريعية أولاً.اسرائيل قبل حكومة مستقرة يشكلها يمين الوسط، وليس نتنياهو، او حكومة «اتحاد وطني» يشارك فيها ليبرمان مع الليكود بدون نتنياهو لن توافق على انتخابات في القدس تحت اي ظرف، وطبعاً حكومة يمين متطرف لن توافق أبداً.
فقط اذا تمكن غانتس ان يشكل حكومة بعد استمالة شاس او غيره من الحريديم، وبعد اتفاق على دعمه من قبل القائمة المشتركة بشروط محددة من قائمة مطالب هذه القائمة.. فقط حينها يمكن وليس مؤكداً ان توافق إسرائيل على اجراء الانتخابات في القدس الشرقية، وهو أمر مستبعد، او لنقل انه ما زال مستبعداً.
ومع ذلك، هناك وسائل يمكن ان تؤمن مشاركة المقدسيين في هذه الانتخابات بدون موافقة صريحة من الاحتلال.. اقصد لو تم تخطي عقبة اسرائيل في القدس فإننا سنكون أمام رفض حمساوي مؤكد لإجراء الانتخابات بصورة متزامنة بين الضفة والقطاع خاصة بالمجلس التشريعي فقط.
واغلب الظن ان « حماس » سترفض هذه الانتخابات حتى ولو تم تحديد مواعيد لاحقة للانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني... .
لماذا؟، لأن حماس [لا تريد] ان تحصل في الانتخابات التشريعية «المزمع» اجراؤها اقل مما حصلت عليه في الانتخابات السابقة وهي لن تحصل عليها مطلقا في انتخابات قادمة قريبة.
اي ان حماس اذا حصلت على اقل مما حصلت عليه تفقد «الفيتو» الذي «تتمتع» به للسيطرة على القطاع، وإبقاء كل القطاع رهينة للاعتبارات الخاصة بها.
وهنا ايضاً يوجد من الوسائل «الديمقراطية» ما يمكن اللجوء اليه لتمثيل القطاع دون موافقة حماس.
في هذه الحالة سيتحول «حكم» حركة حماس للقطاع كنوع من انواع الانقلاب الجديد، وكسطو مسلح جديد على السلطة الشرعية. هذا الأمر بحد ذاته هو كارثة وطنية جديدة، وقد يدخلنا في صراعات هي اقرب الى الحروب الأهلية منها الى اي شيء آخر.
اذا تمكنت حركة حماس من «إيجاد» غطاء وطني من بعض فصائل العمل الوطني، اي «الشعبية» و»الديمقراطية» وحركة الجهاد الإسلامي، فان الامر سيعود الى المربع الأول، وستتكرس حماس ليس كمختطفة للقطاع فقط، وانما كسلطة أمر واقع جديد بغطاء وطني جديد.
أما اذا تمكنت الشرعية الوطنية من إجراء الانتخابات في كل الضفة بما فيها القدس، وتمكنت من الحصول على تصويت ـ ما ـ من 30 او 40 او 50% من سكان القطاع فان غزة ستتحول الى «إقليم» مغتصب للسلطة الشرعية، وستدخل معركة «تمثيل» جديدة، ومعركة الموازي والبديل، وغيرها من مسميات الانقسام والانفصال والتمرد.
ولكن بدون «غطاء» وطني من «الشعبية» و»الديمقراطية» و»الجهاد»، او حتى بدون «الشعبية و»الديمقراطية» وحدهما فان عزلة حركة حماس ستؤدي حتما الى انفجارات كبيرة، ليس اقلها اطلاق العنان للدواعش، وافتعال حرب مع اسرائيل والاصطدام مع الاكثرية الوطنية في القطاع.
هناك من يعتقد ان الرئيس ابو مازن ما كان ليطرح الانتخابات لولا انه بات «بحاجة» الى تحميل اسرائيل وحماس مسؤولية اللعب والتلاعب بأسس النظام السياسي في فلسطين، وأن هذا الهدف [اي هدف تحميل المسؤولية] هو ما سيمكنه من اعادة طرح المصالحة، على اسس جديدة لا تخضع لاعتبارات حماس واعتبارات اسرائيل وانما تعود لاعتبارات  وطنية فلسطينية خالصة.
حماس في الواقع استبقت الرئيس بواسطة مبادرة «الثمانية»، وهي صيغة اعتراضية على «نوايا» الرئيس، ومحاولة لقطع الطريق على الانتخابات.
و»فتح» في الواقع ادركت هذا المخطط ولذلك سارعت الى الاعلان عن الانتخابات في المرحلة القريبة القادمة.
«الفصائل» لم «تنتبه» الى خطة حماس، وبقيت «تغني» في مسرح الوحدة المتخيلة بأعلى صوتها دون ان تتمكن من إقناع الجمهور بحسن الاستماع.
وحماس لا تشعر بأن ثمة حاجة أصلاً لهذا الإقناع، اما «فتح» فلم يعد بمقدورها ان تمنع «انخراط» الجزء الأكبر من هذه الفصائل للغناء في جوقة حماس بدون قلب الطاولة بواسطة الدعوة الى الانتخابات، لهذا الاعتبار ولاعتبارات أخرى هامة وحساسة.
وحتى الآن لم يصدر عن «الفصائل» ما يشي بأنها التقطت نوايا «فتح» الحقيقية، أو فهمت أبعاد ما يهدف اليه الرئيس كما أرى وأعتقد.
لا يمكن أن يقبل الرئيس ولا «فتح» أيضاً أن يتم تشكيل حكومة «مستقرة» في إسرائيل وان يبقى الحال الفلسطيني على ما هو عليه من انقسام وتصدع.
السبب ببساطة لأن حكومة يمين متطرف بقيادة الليكود [بغض النظر عن نتنياهو حتى] ستكون مهمتها الأولى «إنهاء» وحدة التمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني، وما تبقى في الواقع من الخطة الأميركية ( صفقة القرن ) هي هذه النقطة الجوهرية بالذات، وحتى حكومة يمين الوسط ليست بعيدة عن هذا النهج. اي كانتونات الضفة، وانفصال غزة، ونهاية الحقوق الوطنية، والبحث عن «الرفاه» الاقتصادي لهذه التجمعات.
ببساطة يريد الرئيس ـ كما أرى ـ [وليس لدي اي معلومات خاصة على هذا الصعيد]، ان يقطع الطريق على هذه الخطة، لأن الانتخابات التشريعية بالذات هي التي تجسد وحده الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وهي التي ستجسد وحدة الجغرافيا الوطنية اضافة الى وحدتها السياسية.
وعندما تنتخب غزة وتنتخب القدس ستتبخر الخطة الأميركية في الهواء.
صحيح أن الانتخابات الرئاسية ايضاً هامة، وصحيح ان انتخابات المجلس الوطني أكثر أهمية ولكن الملحّ والخطير والاهم بالمطلق هي الانتخابات التشريعية.
واذا كانت هناك نوايا صافية للوحدة فلماذا لا ن فتح حوارا جاداً ومسؤولاً حول قائمة وطنية واحدة للمجلس التشريعي يتم التوافق عليها، ويتم محاصصة فصائلية توافقية بما في ذلك قسم مهم للمستقلين.
أليس هذا حلاً ديمقراطياً توافقياً ووحدوياً؟
أليس هذا مدخلا مناسبا لإنهاء الانقسام واعادة توحيد المؤسسة الوطنية؟
في المقال القادم سأحاول تبيان أهمية القائمة الموحدة. واي صيغ وحدوية اخرى بديلة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد