في ظل الأزمة المالية ومشكلة الرواتب وخصومات البنوك , إكتشفت أن القليل جداً من آلاف الموظفين هم اللذين بإمكانهم تفسير ما يجري , أما الغالبية العظمى دائماً يتسائلون ما الذي يجري؟ وبناء على ذلك قررت أن أكتب هذا التوضيح , مستندأ بذلك بشهادات حية , سواء من الموظفين أو من البنوك نفسها , وبعد ذلك قمت بتحليل الأمور , والمقارنة بين ما نسمعه عبر وسائل الإعلام من نشرات لوزارة المالية , وبين ما يجري على أرض الواقع بما يخص نسب الرواتب والخصومات , وقد تبين لي كالتالي..

الرواتب : لا يوجد ما يسمى بنسبة 60% من الرواتب , لأنني إكتشفت ومن خلال البحث أن هناك موظفون يتقاضون أكثر من 60% , وهناك موظفون يتقاضون أقل من 60% , وهناك موظفون ذوي الرواتب العالية يتقاضون أقل من 50% , وهناك موظفون يتقاضون ما يقارب 90% , بمعنى أنني وجدت أن الموظفون بشكل عام يتقاضون من 40% الى 90% , وذلك إعتماداً على الطريقة التدريجية والتسلسل , فلو كان الجميع يتقاضى 60% من الراتب كما نسمع في وسائل الإعلام , لوجدنا بأن كل شخص موظف نسأله عن نسبة راتبة , لأجاب وقال أنه فعلاً يتقاضى 60% من راتبه , ولكن ما إكتشفته ومن خلال البحث هو عكس ذلك تماماً!! ومع الدهشة والتعجب من ذلك أدركت الأمر بعقلانية , ووجدت أن وزارة المالية لا تستطيع تفنيط نسب الرواتب بدقة عالية كما ينفطها الموظفون نفسهم , وأن الوزارة إعتمدت على نسبة متوسطة تدمج ما بين 40% و 90% كي تقدمها لوسائل الإعلام والرأي العام وهي الــ 60%..

أما بالنسبة للحد الأدنى , وهو 2000 شيكل , فهذا يعني أن كل الموظفون العموميون سيحصلون على 2000 شيكل فما فوق , بمعنى أن الجندي سيحصل على 2000 شيكل كراتب كامل , والضابط سيحصل على 2000 شيكل فما فوق , وهذا يعني أنه لا أحد من الموظفون سيحصلون على أقل من 2000 شيكل , علماً بأن آلاف الموظفون حصلوا على أقل من 2000 شيكل!! وعلماً بأن لا يوجد أحد من الموظفون راتبه أقل من 2000 شيكل , وذلك لأن آخر تفريغات رسمية للسلطة في غزة كانت في عام 2004 , ولا يوجد موظف لا زال مجرد من الرتب أو الدرجة منذ عام 2004 , وهذا يعني أن من تفرغ في عام 2004 جندياً , هو الآن حتما رقيب أو رقيب أول أو مساعد أو ضابط , وهذا يعني أن يكون راتبه تجاوز 2000 شيكل , سواء كان موظفاً مدنياً أو عسكرياً .

البنوك : للأسف الشديد أصبح أكثر من ثلثي الموظفين وحتى الناس المدنيين , يذهبون الى البنوك والمؤسسات الربوية للحصول على قروض ربوية , ورغم أنه من الكبائر , إلا أن الشيطان لا زال يجمل ويلطف ويغري بهذه الأموال , ومن هنا جاء دور إستغلال البنوك لهؤلاء , فالبنك يمنح لك قرضاً بــ10000 دولار , مثلا على 4 أو 5 سنوات , على أن تقوم بسداده 13000 دولار مع فوائده , وفي حال ما يسمى بالجدولة تزيد عليك السنين ونسبة الفوائد , فالجدولة تعني أن تذهب للبنك للحصول على قرض جديد قبل سدادك لقرضك القديم , فيقوم البنك بإعطائك قرض جديد وبشروط وفوائد جديدة , وعند إذن صرف القرض الجديد مع فوائده الجديدة , يقوم البنك بخصم المبلغ المتبقي من قرضك القديم , وهذا يعني أنك عندما تحصل على قرض جدولة بــــ20000 دولار مثلاً , وستقوم بتسديده مع فوائده 26000 دولار , سيقوم البنك بخصم 10000 دولار مثلاً , كدين متبقي من القرض القديم , حينها ستخرج من البنك بـــ10000 دولار , على أن تقوم بتسديده مبلغ 26000 دولار , وهذا بالإضافة الى السنوات الطويلة والتي ستستنزف راتبك..

تأجيل خصم القروض : حدث ولا حرج!! قبل أشهر قام نشطاء ومثقفين بإطلاق مبادرة تهدف لتأجيل خصم أقساط القروض من البنوك , لمدة 4 شهور كمساعدة للموظف الغلبان , وقد إستغلت البنوك هذه المبادرة إعلامياً لصالحها , وذهب غالب الموظفين للتأجيل , وهنا كانت المفاجئة؟ لقد وافق البنك على تأجيل خصم القروض لمدة 4 شهور, على من ليس عليه مبالغ كبيرة للبنك , وذلك على أن يدفع الموظف فائدة إضافية بقيمة أقسام 4 شهور المارد تأجيل أقساطهم , بمعنى : لو كان قيمة القسط للقرض 1000 شيكل , والبنك قام بتأجيل 4 شهور و أي 4 أقساط , هذا يعني أن البنك سيقوم بتأجيل 4000 شيكل مجموع الأقساط مقابل فوائد 4000 شيكل , وهي تعادل قيمة الاقساط الأربعة , يعني الموظف سيدفع للبنك 8000 شيكل بدل 4000 شيكل مقابل تأجيل أقساط القروض لمدة 4 شهور .

الخصومات : البنوك إتبعت آلية خصومات القروض منذ الأزمة المالية والنصف راتب الى الآن , بناء على تعليمات من سلطة النقد , وهي كالتالي : ألا تزيد نسبة خصم دفعة القرض المستحقة على الموظف عن أكثر من نصف المبلع المودوع بحسبك من رام الله , مثلا : لو أنا راتبي 3000 شيكل , وقيمة دفعة القرض 1000 شيكل , وفي حال نزل راتبي طبيعي فليس هناك شكلة , يقوم البنك بخصم الدفعة كاملة , وفي حال نزل راتبي بنسبة 70% مثلاً , أي 2000 شيكل , فليس هناك مشكلة أيضاً , سيقوم البنك بخصم الدفعة المستحقة للقرض كاملة , أما لو نزل راتبي بنسبة 50% , أي 1500 شيكل , حينها سيقوم البنك بخصم نصف ما نزل من رام الله فقط , أي سيحصل البنك على 750 شيكل فقط من دفعة القرض المستحقة , والتي أصلها 1000 شيكل , وحينها سيقوم البنك بترصيد الــ 250 شيكل مع فوائدهم على جنب , ليصبح المبلغ متراكم على الموظف لحين نزول مستحقات , وفي حال نزول أي مستحقات للموظف , سيقوم البنك بخصم نصف المبغ المودع بحسابك من المستحقات لصالح المبلغ المتراكم من دفع القروض المستحف على قرضك , وذلك بإتفاق مع سلطة النقد..

الخلاصة : سألت أحد الموظفين , هل نزل لك ما تبقى من راتب شهر فبراير 2019م كما قررت وزارة المالية؟؟ قال لي لا , وشرح لي أن ما تبقى له من راتب فبراير 2019م يلغ 900 شيكل , ولم ينزل له من رام الله سوا 200 شيكل , بالإضافة الى ما يسمى بــ60% , وقال لي أن البنك قام بخصم القرض المستحق من راتب الـــ 60% , وقام بخصم نص المستحقات وهي 200 لصالح المبلغ المتراكم , أي 100 شيكل للبنك , و100 شيكل له , وهكذا تقاس الأمور على جميع فئات الموظفين .

كاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد