مع أن اجتماعات مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين تعقد بشكل دوري، إلاّ أن الاجتماع الأخير الذي عقد في العاصمة المصرية قبل شهر ونصف الشهر، هو أحد أهم اجتماعات هذا المؤتمر كونه يأتي للتحضير لمواجهة تحديات التفويض الدولي لوكالة « الأونروا »، وهو التفويض الذي سينتهي العمل به في أيلول القادم، عادة ما يتم هذا التفويض بشكل عادي وبأغلبية مطلقة، إلاّ أن الدورة «102» لمؤتمر المشرفين، أخذ بالاعتبار الخطة الأميركية ـ الإسرائيلية المعلنة، والهادفة إلى تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وتصفية حق العودة.


قبل حوالي عام، نشرت وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية تصريحاً لمسؤول أميركي أشار فيه إلى أن التفويض لوكالة «الأونروا» كان من شأنه إطالة أمد القضية الفلسطينية، كما نشرت مجلة «فورين بوليسي» رسائل بريد الكتروني كتبها مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، داعياً لإنهاء عمل وكالة «الأونروا»، بالتوازي مع ضغوط أميركية، ذات طبيعة مالية في الغالب على عدة دول من أجل عدم التصويت لصالح أي قضية يتم مناقشتها في الجمعية العامة ومجلس الأمن لصالح الفلسطينيين.


لهذا كله، لا يمكن تبرئة الجهات التي سرّبت ما يُقال حول تحقيقات داخلية تجريها وكالة «الأونروا» حول مظاهر فساد داخلها، في هذا الوقت بالذات على بعد شهر واحد من التصويت في الجمعية العامة لتجديد التفويض للوكالة، وتسارع كل من سويسرا وهولندا باتخاذ قراراتها بوقف التمويل للوكالة، إلاّ باعتبار هذا التسريب أحد أهم أدوات المساعي الأميركية ـ الإسرائيلية لإلغاء «الأونروا» وتصفية قضية اللاجئين، وكمقدمة لتخلي دول أخرى عن التزاماتها إزاء تمويل الوكالة.


ومن الملاحظ، أن الوكالة تلقت دعماً مالياً كافياً حصلت عليه عام 2018 ما مكّنها من تعويض الفاقد الأميركي، وكذلك فإن التمويل الذي حصلت عليه الوكالة خلال العام الجاري، شكل رسالة قوية لكل المشكّكين بثقة المجتمع الدولي بأعمال الوكالة، الأمر الذي أفشل القرارات الأميركية بهذا الخصوص، وهو ما استوجب إخراج قضية التحقيق في الوكالة، وهو ما زال جارياً، إلى العلن في محاولة محمومة للانقضاض على الوكالة والتأثير على التصويت لصالح التجديد لتفويض الجمعية العامة لها.


إن معالجة قضية الفساد في اطار وكالة «الأونروا»، يتطلب معالجة إدارية وتنظيفها من المسؤولين الملوثين بالفساد وبتعزيز الرقابة المباشر، على كافة أعمال الوكالة ومسؤوليها، مع إطلاق خطة إصلاح وتطوير عاجلة بما يؤهّلها للقيام بمهامها المناطة بها وفقاً لتفويض الجمعية العامة لها، إلاّ أن ذلك لا يعني التأثير على مساهمة الدول والمؤسسات الدولية في تمويل الوكالة من جهة، والتأثير سياسياً على تجديد التفويض لها من قبل الجمعية العامة، لأن ذلك لا يخدم سوى المساعي الأميركية ـ الإسرائيلية المحمومة لإنهاء عمل الوكالة وتصفية قضية اللاجئين وحق العودة لهم، وان أي إجراء يتخذ، يجب ألا يؤثر على مستوى الخدمات التي تقدمها الوكالة ولا على حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد