لم يستطع العرب والمسلمين التقاط أنفاسهم من جريمة حرق الطيار الأردني، حتى حبسوا أنفاسهم بعد عملية الذبح الجماعي التي وقعت بحق 21 قبطيا مصرياً امتزجت دمائهم بمياه البحر الذي سيصعب على الناس الحديث معه عن الرومانسية ورمي أمنياتهم وأسرارهم بجوفه بعد أن أصبح لونه أحمر قاني.
جريمة يصعب على العقل البشري تصديقها أو وصفها او تحملها، ولم تعد للفلسطينيين فرصة للدفاع عن أن أنفسهم بعد أن فتحت جريمة مقتل الفلسطينيين الثلاثة في أمريكا أبواب الغضب والنقد و النقاش المستمر وردود الفعل الفلسطينية حول الجريمة النكراء و صمت العالم والنفاق الدولي و الصمت الإعلامي الأمريكي و الغربي من الجريمة ونظرتهم اليها خاصة أن الضحية عربي مسلم، وهي ليست الجريمة الاولى ولن تكون الأخيرة التي يتم التعامل معها بهذه الطريقة من الإستخفاف والصمت والإدعاء بان الدوافع هي جراء خلاف شخصي مع أن كل الدلائل تشير أن القتل تم على خلفية عنصرية.
والحال هذا ينطبق على موقف أوروبا من العرب والمسلمين المهاجرين والمقيمين فيها ورؤيتهم لقضايا العرب خاصة القضية الفلسطينية والنفاق وإزدواجية المعايير، وما نراه من الإستهداف اليومي للمسلمين في الإعلام الغربي، والتعامل مع جرائم القتل العادية والتمييز في تناول الإعلام لبعض الجرائم التي تنفذ من قبل بعض المسلمين، و يتم تناولها على أنها جريمة جماعية و نتاج ثقافة المسلمين ولا يتم تناولها على أنها جريمة فردية قام بها شخص.
وما الطريقة التي تناول بها الاعلام الامريكي للجريمة حير دليل على التعامل مع قضايا العرب والمسلمين، وفضيحة الإعلام الغربي في صمته عن عدم تناول الجريمة مقارنة بجريمة مقتل صحافيي شارلي إبيدو و النفاق الدولي بما فيها الانظمة العربية وعدم استنكارها للجريمة.
حتى موقف القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية حول إدانة الجريمة البشعة التي راح ضحيتها ثلاثة شبان طلبة فلسطينيين في عمر الورد والصمت، ولم يصدر أي موقف صريح من رئيس دولة فلسطين محمود عباس لإدانة الجريمة الإرهابية أو دعوة زعماء العالم للتنديد ومواساة الشعب الفلسطيني "على غرار مشاركته في مسيرة باريس" في الجريمة الإرهابية. أو الحديث لنا عن الإجراءات التي إتخذتها القيادة عن الجريمة ومتابعته مع السلطات الامريكية، ومخاطبة دول العالم إننا نتعرض للقتل في فلسطين وخارج فلسطين و ضحايا الاٍرهاب التي تتصدر أمريكا لمحاربته. دمنا ليس رخيص لكن أن نبقى ضحايا الصمت والإرهاب وندفع ثمن تقاعس القيادة وعجزها عن الدفاع عن حقوقنا ونفاق المجتمع الدولي هذا يثير الريبة؟
صمت الإعلام الغربي معروف وهو محرض لكن عندما تخرج تلك الصور الجهنمية من بلادنا يستغلها الحاقدين علينا فهي تغذيهم و تقويهم في قتلنا ونحن لم نحترم الدين الإسلامي ونستغله أسوأ إستغلال، والحديث الدائم أن البؤس الإجتماعي والفقر هو الخزان اليومي للعنف والقتل لم يعد ذلك مجدياً وغير مصدق، فالقتل والجريمة تركب بشكل يومي من جماعات وأنظمة مستبدة وغير ديمقراطية وتمارس أبشع أنواع الإستبداد والظلم والفساد والعنف وتصدر أقذر الصور عن الدين الإسلامي مع أن من أولوياته التركيز على الناحية الروحية في علاقة المخلوق بالخالق وليس السيف والقتل والخراب والدمار، ولا يمكن تفسير وفهم علاقة السيف بالرحمة!
و في غياب واضح لوصايا و تعاليم ودعوة رسولنا الكريم محمد في تكراره لدعواته إلى الجيوش الإسلامية بعدم الإعتداء على البشر والشجر ودور العبادة والممتلكات وغيرها من الوصايا التي تدل على أن الحرب هي وسيلة يجب حصرها ضمن السلوكيات الأخلاقية و إحترام حقوق الإنسان بعيداً عن الإرهاب والترويع والإنتقام والثأر.
صعود تلك الجماعات المسلحة هو نتاج تغذية عدد من الأنظمة العربية التي دربتها ومولتها لإسقاط أنظمة أخرى بذريعة مساندة ثورات الشعوب و إستغلالها في صراعها السياسي على المنطقة العربية مع الأنظمة الأخرى التي تدافع عن نفسها للبقاء في السلطة بأي ثمن، فكما السلطة تنمو وتكبر على الدم وبؤس الناس أيضاً تلك الجماعات تقوم بنفس النهج والأدوات في غياب الديمقراطية والعدل والمساواة والحرية.
العرب والفلسطينيين منهم لم يحترموا انفسهم ولا شعوبهم فمن الطبيعي ان لا يحترمهم الغرب، و أن تنتج هذه الحالة المتوحشة التي تربى و تنمو على الكراهية والعنف سواء في البيئة الخصبة لذلك أو إستغلالها من آخرين.
فردود الفعل والقتل والعنف ينتج إرهاب وعنف مضاعف وما نراه الآن ربما هو إحساس فظيع بالمظلومية و سيكولوجيا القهر والعنف وتغذيه أجهزة مخابرات دولية وعربية للأنظمة الفاسدة وللجماعات المسلحة في آن واحد، وكل ما يجري تقوم غالبية الانظمة العربية بممارسته، وهي من ألقت بنا في أتون هذه الحرب المجنونة من القتل والصور المتوحشة التي نراها. ولم تعد تنفع تلك التصريحات والإدانات من المشايخ والعلماء والحديث عن التسامح وأن الدين الاسلامي دين الرحمة والقتل مازال مستمر، و الخطاب هو خطاب قتل وتعذيب و إنتقام وكراهية وليس خطاب تسامح ورحمة فهذه يتم التربية عليها وتنميتها في بيئة من الحرية والعدل والمساواة وصيانة كرامة الناس وعدم نهب ثرواتهم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية