تحذيرات من انهيار وشيك لجامعات في غزة بسبب الأزمات المالية
أطلقت جامعات فلسطينية في غزة ، تحذيرات من انهيار المنظومة التعليمية الكبرى في القطاع، جراء تداعيات الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بها؛ نتيجة الظروف الاقتصادية الناتجة عن استمرار الحصار الإسرائيلي.
الجامعات الفلسطينية "الإسلامية، الأزهر، الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية"، عقدت ورشة عمل حول تداعيات الأزمة، شارك فيها رؤساء الجامعات ومسؤولو المؤسسات الدولية المانحة في غزة، مثل منظمة اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، ومؤسسة قطر الخيرية، واللجنة القطرية لإعمار غزة، ومؤسسة غزة جيكس، ومؤسسات دولية أخرى.
ودقت الجامعات ناقوس الخطر على مستقبل التعليم الجامعي في غزة، خاصة مع قدوم فصل دراسي جديد، وتعيش هاجس عدم إقبال الطلاب للتسجيل في الجامعات خلال الفصل الحالي، وإذا ما حدث ذلك، فإن الجامعات في غزة سوف تنهار بشكل سريع، إذ بلغت نسبة الديون في الجامعات 20 مليون دينار أردني (الدينار يساوي 1.4 دولار)، ونسبة الديون المتراكمة على الطلاب لعدم تسديد رسومهم 17 مليون دينار.
وبدأت أزمات الجامعات الفلسطينية بغزة تتفاقم وتطفو إلى السطح منذ بداية العام 2012، وزادت عام 2016، حيث حاولت توفير الحلول وإيجاد البدائل لتخطي الأزمة، لكنها تراكمت وزادت ووصلت إلى ذروتها في العام 2019.
والأزمة الحالية تهدد مسيرة التعليم في الجامعات التي أصبحت غير قادرة على تغطية الاحتياجات لعدة أسباب، أبرزها الفقر والبطالة وعدم انتظام رواتب الموظفين في قطاع غزة، ففي الآونة الأخيرة أصبحت الجامعات تقدم مكافآت مالية لموظفيها بدلاً عن الرواتب.
يذكر أن جامعة الأزهر والإسلامية والكلية الجامعية في قطاع غزة هي جامعات عامة تعتمد على رسوم الطلاب الدراسية والمنح الخارجية، والقروض من وزارة التربية والتعليم العالي، علما أن الدعم المالي والقروض من وزارة التعليم العالي توقف في 2016.
وأسهمت هجرة العقول الأكاديمية، من خلال البحث عن عقود عمل خارج قطاع غزة، في انخفاض عدد الطلبة المسجلين في الجامعات الثلاث.
وفي عام 2010 كان عدد طلاب الجامعات الثلاث 45 ألف طالب وطالبة، في حين سجل هذا الرقم انخفاضا بواقع 30% ليصل عدد طلاب الجامعات الثلاث في 2019 إلى 30 ألف طالب وطالبة، بواقع 12 ألف طالب في جامعة الأزهر، و16 ألف طالب في الجامعة الإسلامية، و6 آلاف طالب في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.
وأغلقت جامعات في القطاع، بعض الأقسام في الكليات بسبب التأثير السلبي للحصار والإغلاق على تلك الأقسام، وبسبب الرسوم المتراكمة على الطلاب.
ويبلغ عدد الطلاب الذين لم يحصلوا على شهاداتهم من الجامعات 7200 طالب، ولا تزال محتجزة لعدم قدرة الطلاب على تسديد الرسوم الجامعية، في وقت تعاني الجامعات من ديون ومصاريف تشغيلية متراكمة حيث بلغت قيمة الديون 20 مليون دينار أردني.
وتتراوح نسبة تحصيل الرسوم الدراسية في الجامعات الفلسطينية الثلاث من 40% إلى 60% فقط.
الدكتور يحيى السراج ، عضو اللجنة المشتركة من فريق الجامعات الفلسطينية الثلاث، استعرض واقع الأزمة المالية في الجامعات الثلاث خلال السنوات الأخيرة، والتي بلغت مستويات غير مسبوقة، مبينا من خلال الأرقام والإحصاءات كيفية تعاظم هذه الأزمة من مديونيات مالية على الطلبة بسبب عجزهم عن تسديد الرسوم المستحقة عليهم.
وقال السراج إن "هناك عدد كبير من الخريجين غير قادرين على استخراج شهاداتهم، وهو ما يعيق من اندماجهم في سوق العمل".
بدوره، قال رفعت رستم رئيس الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة إن الواقع الاقتصادي القاسي ألقى بظلاله القاتم على مختلف جوانب الحياة في المجتمع الفلسطيني بقطاع غزة وفي مقدمتها كبرى المؤسسات الأكاديمية التي أصبحت غير قادرة على تأدية الأدوار المنوطة بها بالشكل الأمثل، ما يعني خطر انهيار منظومة التعليم العالي في القطاع.
أما عبد الخالق الفرا رئيس جامعة الأزهر، فأكد أن الأزمة الكارثية التي تمر بها جامعات القطاع لا تخفى على أحد، خاصة بعد وصولها إلى مرحلة غير مسبوقة من التردي، الأمر الذي يهدد السلم المجتمعي في قطاع غزة وكذلك مصير الآلاف من العاملين في الحقل الأكاديمي، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا وفوريا من كافة الجهات وعلى مختلف الأصعدة لإنقاذ مصير آلاف الطلبة الغزيين.
من جهته، ذكر ناصر فرحات رئيس الجامعة الإسلامية أن "الواقع الاقتصادي الصعب حرم الآلاف من خريجي الثانوية العامة من الالتحاق بالتعليم الجامعي لعجزهم الكامل عن دفع الرسوم الجامعية، بالرغم من الجهود التي تبذلها الجامعات لدعم ومساندة هؤلاء الطلبة".
ودعا فرحات المؤسسات المانحة إلى التدخل الفوري والعاجل لإنقاذ مستقبل التعليم الجامعي في قطاع غزة من خلال تقديم المقترحات والحلول المتاحة، مشيرا إلى الآثار المهولة المترتبة على توقف عمل المؤسسات الأكاديمية في القطاع وهجرة العقول والكفاءات العلمية والمهنية إلى الخارج.
من جانبهم، أكد المانحون أهمية هذه الورشة، والتي تأتي في وقت صعب ومرحلة قاسية يمر بها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة لتسلط الضوء على الكارثة المحدقة بمصير مؤسسات التعليم العالي وعشرات الآلاف من الطلبة والآلاف من العاملين في الحقل الأكاديمي، مشيرين إلى أن مسئولية إنقاذ التعليم هي مسئولية جماعية تتضافر فيها كافة الجهود والإمكانات.
وشدد المشاركون على ضرورة التدخل بشكل عاجل والحفاظ على صمود المؤسسات التعليمية إلى جانب إيجاد حلول مستدامة تمكن هذه الجامعات من الخروج من النفق المظلم الذي تمر به.
وقدم المشاركون، مجموعة من المقترحات التي ركزت في مجملها على توجيه المانحين والمشاريع الدولية نحو قطاع التعليم والتنمية المجتمعية ودعم الطلبة الجامعيين.
ودعا المشاركون إلى ضرورة تنظيم حملات دولية وشعبية والاستعانة بأصدقاء الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء العالم من خلال إطلاق نداء موحد من الجامعات والمؤسسات المشاركة لإعادة الحياة والأمل لقطاع التعليم الجامعي في غزة، وإنشاء صندوق لإقراض الطالب مدعوم من الجهات المانحة، وتشكيل مجلس موحد للتحرك على الصعيد الدولي والمحلي، وتفعيل دور المؤسسات الوطنية من شركات كبرى وبنوك ووزارة التعليم العالي لتقديم الدعم للجامعات، علاوة على توفير الدعم المالي لبرامج تحرير الشهادات الجامعية، وعمل مشاريع تمكين الشباب وخاصة خريجي الجامعات وخلق فرص عمل لهم.
المصدر: الجزيرة مباشر