أعاق مجلس النواب الأميركي برنامج الرئيس ترامب لزيادة ميزانية الدفاع، ووضع أمامه العراقيل لإحباطه في الإقدام نحو أي خطوة مغامرة قد تؤدي لحرب غير مخطط لها، ولا يستفيد منها الشعب الأميركي بل وستضر بمصالحه كما يقول الأميركيون أنفسهم، حيث لا مصلحة لهم بشأن الحرب على إيران، ولا يوجد ما يستدعي ذلك، وكما حصل لهم في معركتي أفغانستان والعراق التي سببت لهم الهزيمة وخسائر مادية فادحة للاقتصاد والمالية وسقط آلاف الضحايا من الجنود، بلا نتائج يمكن المباهاة بنتائجها.


يستطيع الرئيس الأميركي استعمال حق النقض «الفيتو» ضد قرار مجلس النواب، ولكنه سيكون في معركة مفتوحة في مواجهة مجلس النواب الذي يسيطر على أغلبيته الحزب الديمقراطي، في وقت بدأت فيه ومن خلاله مقدمات المعركة الانتخابية لرئاسة البيت الأبيض، ويأمل الرئيس ومعه الحزب الجمهوري الفوز بولاية ثانية، بينما يستعد الحزب الديمقراطي لتعطيل مسعاه ومنعه من الوصول إلى البيت الأبيض من خلال ولاية ثانية.


ولذلك تتضح صورة المشهد السياسي وخلاصاته في تفاصيل التصادم بين الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ والديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب، وعملية التعطيل النيابية تستهدف تقويض صلاحيات الرئيس ومنعه من تنفيذ سياساته وإظهاره بالرئيس الضعيف الذي يتصادم مع أغلبية نواب الشعب الأميركي، وكذلك تعطيل سياساته المتطرفة نحو إيران، التي سبق وأن توصل معها الرئيس الديمقراطي أوباما ومعه خمس دول هي فرنسا وبريطانيا والمانيا إضافة إلى روسيا والصين إلى الاتفاق النووي عام 2015، وانسحب منه الرئيس ترامب عام 2018، وجمد عضوية الولايات المتحدة بذلك الاتفاق، وفرض قيوداً وعقوبات على إيران تضررت منها بلدان أوروبا الغربية.
ليست سهلة معركة ترامب لتجديد ولايته، رغم الإنجازات المالية والاقتصادية التي حققها للاقتصاد الأميركي، وذلك لأن عنوان ولايته معارك سياسية واقتصادية متواصلة أربكت السياسة الأميركية ومؤسساتها، مثلما أربكت حلفاءه، ولم يعد له صديق يثق بقراراته ومبادراته الفجائية، وإذا كانت تقارير السفير البريطاني قد انكشف مضمونها من خلال النشر فثمة سفراء آخرون يبادلون السفير انطباعاته، ولكن تقاريرهم المغلقة لوزاراتهم لم تتعرض للكشف والمشاهدة.


وها هو يتعرى مرة أخرى ويكشف سلوكه ونظرته العنصرية نحو نواب ديمقراطيين يطالبهم بالعودة إلى بلادهم من حيث أتوا، لأنهم من أصول عربية أو إسلامية أو إفريقية أو لاتينية، فنظرته الدونية لهم ليس بصفتهم معارضين أو مناكفين له أو أنهم يتخذون سياسات غير مفيدة من وجهة نظره، بل لأنهم من أصول أجنبية، ما يؤكد نظرته العنصرية غير الأخلاقية نحو الآخر وإعادة إشاعة نظرية الرجل الأبيض المتفوق.


ترامب ليس مصيبة للشعب الأميركي وحسب، بل مصيبة للبشرية مثل كل الذين ورطوا العالم في حروب مدمرة، كما سبق وفعلها هتلر في الحرب العالمية الثانية اعتماداً على نظرية تفوق الألمان على باقي البشر. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد