توقفت وتأملت في عيون أبي محمد وهو يضع سماعة الراديو على أذنيه ويستمع لنشرة الأخبار المحلية، فقلت له: منذ متى أخي أبا محمد وأنت تستمع للأخبار..؟ فأجاب: أنتظر خبر أو تصريح صحفي حول موعد صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، وتحدث بلغة يعتصرها الألم، فقال: أكلنا الجوع.
دفعني ذلك للوقوف عند أسباب تأخير صرف المخصصات المالية للفقراء بقطاع غزة ، ومن هي الجهة التي تعطل ذلك.
71 ألف أسرة من سكان قطاع غزة تتلقى كل ثلاثة شهور شيكاً بقيمة مالية مختلفة حسب عدد أفراد الأسرة، فأسرة تتكون من خمسة أفراد تحصل على مبلغ 750 شيكل كل ثلاث شهور بواقع 65 دولار شهريا لكل أسرة، وهناك عوائل تحصل على مبلغ 1200 شيكل كل ثلاث شهور بواقع 100 دولار شهرياً، والعوائل الكبيرة تحصل على 1800 شيكل أي بواقع 600 شيكل شهرياً، بما يعادل 150 دولار شهرياً، وبالرغم من أن هذه المبالغ لا تفي باحتياجات المنتفعين من هذا البرنامج بقطاع غزة التي يشكل شيك الشؤون مصدرها الوحيد- وتطالب بزيادة المبلغ- إلا أنها تشكل عصب الحياة بالنسبة لتلك الأسر الفقيرة.
مصادر تلك الأموال هي على النحو التالي: الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي سوياً يوفران المستحقات المالية لـ 63 ألف أسرة، و 8 آلاف تدفعها السلطة الفلسطينية ب رام الله ، وعند البحث والتحري تبين أن المعطل الرئيس لصرف تلك المستحقات هي السلطة الفلسطينية بحجة الأزمة المالية التي تعانيها السلطة، ولكن نبض الفقراء بقطاع غزة مستاء من موقف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس ، لأن السلطة صرفت قبل أيام 60% من رواتب موظفيها الذين يجلسون في بيوتهم وقد يكون لأغلبهم أكثر من مصدر دخل، ولم تعمل على توفير التزاماتها المالية تجاه فقراء القطاع، وهذا ما أثار استياء الاتحاد الأوروبي الذي أعلن لي مصدر قريب منه أنه يفكر بشكل جدي صرف شيكات الشؤون الاجتماعية عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا .
خلاصة القول: إن هؤلاء الأسر الفقيرة والمعدومة يا سيادة الرئيس لا تحتمل التأخير، نظراً لحالة الفقر المدقع الذي تعيشه تلك الأسر، ولعدم كفاية المبلغ المخصص لهم عند صرفه بموعده، فكيف لو تم تأخيره، أتمنى أن تضع السلطة الفلسطينية الفقراء على رأس أولوياتها، وأن لا تعطل صرف ما عليها من استحقاقات وخصوصاً وأن النسبة التي تقع على عاتق السلطة الفلسطينية هي 12.6% فقط، والباقي يدفعه الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
ولكن وفي حال لم تكترث السلطة لمعاناة أهلنا وفقرائنا بقطاع غزة فإنني أخاطب البنك الدولي ومكتب بعثة الاتحاد الأوروبي في مناطق السلطة الفلسطينية بأن يعمل على تغطية العجز المالي والتكفل بكامل نفقات هذا المشروع الإنساني، وأن يبدأ الاتحاد الأوروبي في البحث عن طرق ووسائل إبداعية من أجل أن تصل المستحقات المالية إلى أصحابها في وقتها، فالوضع لا يحتمل، فقد أصبحت شيكات الشؤون حديث الشارع الغزي، وقد تصبح لعنة تطارد كل من يتآمر على غزة وشعبها وفقرائها.
Hossam555@hotmail.com
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية