ما هي الأسباب التي أدّت إلى إتخاذ الأميرة الهاشمية الجميلة قرار "الهروب" من القفص الذهبي بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى؟

وأنا أخطّ هذه المقالة ومعها كلمة "الهروب" مقرونة بالأميرة الجميلة هيا، راودني شعور غريب، وكأنّني أقرأ عن أميرات العصور الوسطى، لا عن الأميرة هيا بنت الحسين وأخت الملك عبد الله الثاني وحفيدة الملوك وشرفاء مكة.

الحقيقة المؤلمة أنّ الأميرة هيا وطفليها زايد والجليلة هربوا من دبي وتقدّموا بطلب لجوء في ألمانيا، وهذا الذي لم ينجح به أحد غيرها.

نعم، هي الأميرة وأبناؤها، وليسوا من عامّة الناس الهاربين من ظلم النظام السوري، أو أسرة يمنية من الحرب السعودية أو الليبية من النظام المأجور.

 كم هي الأقدار غريبة! تجمع الجياع مع الأثرياء والأمراء في ذات الهوية. 

الأسباب التي فرّت من أجلها الأميرة مع ابنيها زايد 7 أعوام والجليلة 11 عام وما يقارب 35 مليون يورو غير واضحة حتى الآن، وليست هي الأميرة الأولى التي هربت أو تحاول الفرار من القفص الإماراتي.

الخوف على حياتها وحرمانها من أبنائها كان أحد أهم الأسباب وراء مغادرة الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين والزوجة الثانية لنائب رئيس وزراء دبي وحاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم دبي وطلبها اللجوء في ألمانيا حسب الصحيفة الألمانية "Focus"، كما وذكرت ذات الصحيفة أنّ الأميرة بدأت أيضاَ بمعاملة الطلاق.

ما هي يا ترى المخاوف التي من أجلها أقبلت الأميرة على خطوة كهذه كفيلة أن تقلب حياتها رأساً على عقب؟

الأميرة هيا بنت الحسين - رحمه الله - ليست الأميرة الوحيدة التي هربت أو حاولت الهروب من دولة الإمارات المتحدة. ففي عام 2000م، حاولت إبنة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، شمسة البالغة من العمر 38 عاماً الفرار من منزل العائلة في مقاطعة "سَري" إلّا أنّ حظها السيء أعادها بعد بضعة أسابيع إلى قفص أبيها الذهبي، حين التقطها رجال والدها في بريطانيا "كامبريدج" وأعيدت ذليلة إلى دبي ومن حينها وهي مختفية عن الأنظار وعن مواقع التواصل الإجتماعي.

كما وحاولت أختها الشيخة لطيفة العام الماضي في فبراير/شباط 2018 م، الفرار على متن يخت من عُمان، غير أن فرصتها في الفرار كانت أقصر من أختها حيث تم تعقبها وأعيدت إلى مسقط رأسها في دبي.

لقد ذكرت ذات الصحيفة "Focus" أنّ دبلوماسي ألمانياً هو الذي ساعد الأميرة هيا بنت الحسين في الفرار لتصل إلى ألمانيا، كما وأكّد حماية الدولة لها وعدم قبول ألمانيا لأي وساطة لإرجاعها إلى زوجها وبالتالي دولة الإمارات العربية.

الشيخ محمد بن راشد يطالب ألمانيا لغاية اللحظة بعودة أبنائه مع وجود الرفض الحكومي الألماني رغم عدم التصريح من وزارة الخارجية الألمانية بشكل رسمي لغاية الآن وعدم تقديم أي تفاصيل عن الأميرة وأبنائها.

قبل أنّ تبدأ صحيفة "Sun" البريطانية في الحديث عن هروب الأميرة بدأت صحيفة "التايمز" ببث التساؤلات عن عدم ظهور الزوجين سويّة منذ آخر مايو/أيار الماضي، بالإضافة إلى ذلك عدم حضور الشيخ محمد بن راشد والأميرة هيا سباق الخيل المعروف والأول في العالم من حيث الأهمية "Derby Stakes"هذا العام، وهو أمر غير عادي لكليهما. فالأميرة هيا لا تترك هذا الحدث أبداً، كما أنّ الأمر بالنسبة للشيخ محمد بن راشد لم يختلف كثيراً، فتعتبر هذه المرة الأولى منذ 28 عاماً التي لم يحضر فيها الآخر سباق الخيل هذا.

بالإضافة لوجود الشيخ محمد وحده دون زوجته الأميرة هذا العام في منتصف شهر يونيو/حزيران في سباق الخيل في " "Ascot البريطانية، الذي ترعاه العائلة الملكية الإنجليزية، وهو السباق الذي تبدأ فعالياته بعد 20 يوماً من سباق "Derby Stakes".

وتزامن عدم ظهورهما سويّة وخاصة غيابهما عن هذه الفعالية الأكثر من مهمّة نشر الشيخ محمد قصيدتين على موقعه الخاص على الانترنت واحدة باللغة العربية والآخرى بالإنجليزية، يصف فيهما خيبة أمله من حبيبته وتركها إيّاه والشجون المليء بين الأبيات. أكّدتا هاتان القصيدتان ما كان في الأمس شائعات حتى تجاوز الأمر اليوم المشاكل الأسرية بين زوجين لتؤول إلى أزمات سياسية بين دول.

يبدو أنّ الأميرة هيا كانت تعاني هي أيضاً بأكثر منه بكثير من خيبات الأمل وبمدّة أطول بعض الشيء. فانعزلت كثيراً عن الأضواء وحتى الكترونياً، حيث كان آخر منشور لها في 7 فبراير/شباط صورة مع أبيها الملك المرحوم حسين، كتبت فيه الأميرة حجم فقدانها والدها بالإضافة إلى منشور آخر تحديداً على الفيس بوك قصيدة باللغة الإنجليزية "عندما تسقط الأشجار الرائعة" إن صحّت الترجمة، للشاعرة الأمريكية "مارجريت آن جونسون" المشهورة تحت إسم "مايا أنجيلو" والتي تملؤها خيبات الأمل وكثرة الألم والإحساس بالوحدة والتجاهل، وذكرت أيضاَ أنه بموت الأرواح العظيمة يمكن بداية حياة أخرى جديدة.

لا أظنّ اختيار الأميرة لهذه الأبيات جاء محضاً للصدفة في ظلّ الظروف التي تبيّن الآن من خلالها حجم الضغط التي عانته حتى اختارت هذا الخيار الأسوء والأكثر إيلاماً.

إعلان زواج الأميرة هيا البالغة من العمر آن ذاك 29 عام في 10 أبريل/نيسان 2004م، من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم 55 عاماً فاجأ الشارع الأردني والعربي في آن.

درست الأميرة هيا العلوم السياسية والفلسفة والاقتصاد في أكسفورد، وفي عام 2000م شاركت في الألعاب الأولمبية في سيدني فكانت أول أردنية وعربية تتأهل لمسابقة الفروسية وأول أردنية ترفع علم الأردن في حفل افتتاح دورة سيدني الأولمبية لعام 2000م، وكُرّمت في أولمبياد بكين 2008م بحمل الشعلة مرة أخرى.

هذه الأميرة الشابة نادرة الجمال بين أميرات العالم، الهاشمية الفارسة الأكاديمية من الطراز الرفيع تزوجت شيخاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، عمره آنذاك 55 عام ولديه 30 طفلا من ست نساء.

فكيف بالله سينتهي مثل هذا الزواج؟

تساؤلات كثيرة حول عدم إقامة الأميرة هيا في الأردن في ظلّ مملكة أخيها وأسرتها واختيارها بلد أوروبي وتقديم اللجوء فيه. ما هو حجم الشائعات التي تقول أنّها تعمّدت عدم العودة إلى الأردن لتجنيب المملكة الحرج واحتمالية نشوب أزمة سياسية مع دولة الإمارت؟ هل اختيار الأميرة ألمانيا بلد للإقامة لكي تتمكّن من عيش حياة طبيعية، وهي التي عاشت منذ ولادتها فقط في القصور بعيدة عن العوام؟ هل هي رغبتها الجامحة كمهرتها التي تبحث عن الحريّة والبساطة بعيداً عن القصور الإماراتية وعقدها؟

الأميرة الجميلة هي وحدها التي لها الحق بالإفصاح عمّا دار في خلجها وقت قررت ترك بلد الأحلام لتطلق الفارسة لخيلها العنان ويعيش حلمه وحلمها.

 حفظ الله جميلة الأميرات، الأميرة هيا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد