صحيفة تكشف دور إسرائيل في التوتر بين أمريكا وإيران
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الجمعة، أن إسرائيل كانت تزود واشنطن بمعلومات استخبارية حول الهجمات الإيرانية المحتملة في الخليج والعراق.
وأضافت الصحيفة، وفقاً لمصادر، أن إسرائيل تقف وراء تزويد الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية مبالغا فيها حول نشاطات إيران في مياهها الإقليمية بالخليج العربي، وتدريبات ومناورات عسكرية للقوات النظامية وغير النظامية الإيرانية في الأراضي الإيرانية، بغية توفير الذرائع لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمضاعفة الضغوطات على طهران ورفع وتيرة التوتر، وصولا الى إشعال مواجهة عسكرية قد تؤدي لحرب أمريكية إيرانية شاملة.
وأشارت المصادر، إلى أن "الصور التي أظهرت تحميل صواريخ قصيرة المدى على زوارق صغيرة سريعة في المياه الإيرانية، التي استخدمها مستشار الأمن القومي جون بولتون ودفعت الرئيس بإرسال مجموعة حاملة الطائرات يو.إس.إس أبرهام لينكولن الضاربة إلى مياه الخليج" والتي على ما يبدو استخدمها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لإقناع حلفاء الولايات المتحدة بنوايا إيران العدوانية "تم توفيرها من قبل الإسرائيليين" بحسب تقارير.
وتتابع الصحيفة، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، الذي يروج لطموحات إيران الإستراتيجية (ويعتبرها هوساً يطارد حكومته) في الآونة الأخيرة، هو الذي اقترح فكرة الحرب مع إيران، ولكن محللين ومسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين سابقين يقولون، إن الحكومة الإسرائيلية لا تسعى إلى إثارة حرب شاملة بين الولايات المتحدة وإيران. إذ يخشى مسؤولون إسرائيليون أن مثل هذه الحرب يمكن أن تُقحم إسرائيل في مواجهة مدمرة بالتبادل مع حليف إيران في لبنان، حزب الله".
يشار إلى أن نتنياهو كان من أكبر دعاة الحرب ضد العراق، ومثل أمام الكونغرس قبيل الحرب عام 2003 طارحا ضرورة شن حرب على العراق، وأقنع الكثير من أنصاره في الكونغرس بتأييد الحرب.
ويقول راؤل غيرخت الذي كان من أكبر دعاة شن الحرب على العراق عام 2003 والذي يعمل الآن في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات –إف.دي.دي FDD " ، وهي واجهة من واجهات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن بأنه يعتقد أن الولايات المتحدة تستطيع شن حرب على إيران وكسب هذه الحرب " وان ايران تشكل خطرا جاثما على أمن الولايات المتحدة، وعلى حلفائها في ممالك النفط وإسرائيل، بما يستوجب القيام بعمل سريع ينهي نظام ملالي الجمهورية الإسلامية" وهي النغمة التي يروج لها أنصار إسرائيل في واشنطن للدفع باتجاه شن حرب على إيران.
إلا أن محللين آخرين يقولون بأن الضغط المستمر على إيران يهدف بدلاً من ذلك إما إلى إجبار إيران على الموافقة على اتفاق نووي أكثر صرامة من الاتفاق القائم الآن، أو إلى تهيئة ظروف حرجة بدرجة كافية للإيرانيين الساخطين ليطيحوا بحكومتهم.
وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" عن عاموس يادلين، وهو رئيس متقاعد للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ومدير معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قوله، ان "لا أحد يفكر في تغيير النظام عسكرياً، بل في إضعاف النظام والاقتصاد الإيراني، وجعل الشعب الإيراني يغير النظام، وهذا هو الهدف في النهاية. وتتمثل النتيجة الأخرى الإيجابية للغاية في التوصل إلى اتفاق أفضل".
وتقول الصحيفة بأن "إسرائيل تلعب وبهدوء دوراً أساسياً في التوترات المتصاعدة مؤخراً في الشرق الأوسط، حيث حذرت الاستخبارات الإسرائيلية الولايات المتحدة في اجتماعات في واشنطن وتل أبيب خلال الأسابيع القليلة الماضية من أن إيران أو وكلائها كانوا يخططون لضرب أهداف أميركية في العراق، بحسب مسؤول استخباراتي شرق أوسطي. كما حذرت إسرائيل من هجمات إيرانية على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الحليفان الأميركيان اللذان يُعتبران ألد أعداء إيران".
واستجابت إدارة دونالد ترامب للتهديدات المتصورة، واقدمت على نقل حاملة طائرات ومجموعة من القاذفات الأميركية وبطارية صواريخ باتريوت إلى الخليج العربي، وقامت بتحديث خطط وزارة الدفاع للحرب على إيران. وتبدو هذه التطورات جزءاً من أجندة نتنياهو، الذي كاد أن يُقحم إسرائيل في حرب مع إيران عام 2010 عندما فكّر في شن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية. وكان يعمل من أجل أساليب ضغط أكثر صرامة على طهران منذ فترة طويلة قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني، الذي أدانه باعتباره متساهلاً للغاية، في عام 2015. وقد عمل يداً بيد مع إدارة ترامب على صياغة استراتيجيتها لتطبيق عقوبات اقتصادية صارمة، لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
كما وكشفت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير آخر لها الجمعة، نشرته تحت عنوان "ترامب يخبر وزير الدفاع بأنه لا يريد حرباً مع إيران"، أن الرئيس الأميركي ترامب سعى إلى كبح جماح المواجهة مع إيران خلال الأيام الماضية، حيث أبلغ القائم بأعمال وزير الدفاع، باتريك شاناهان، بأنه لا يريد الدخول في حرب مع إيران، بينما بدأ كبار دبلوماسييه البحث عن طرق لنزع فتيل التوترات، حسبما قال مسؤولون في الإدارة.
وبعث بيان ترامب، الذي جاء خلال اجتماع صباح الأربعاء، رسالة إلى مساعديه المتشددين بأنه لا يريد أن تتوسع حملة الضغط الأميركية المكثفة على الإيرانيين إلى صراع علني. وفي الوقت الحالي، تبدو إدارة ترامب التي كانت تستعد للنزاع أكثر عزماً على إيجاد مخرج دبلوماسي.
واتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بسلطان عمان قابوس بن سعيد، يوم الأربعاء للتحدث عن التهديد الذي تشكله إيران، وفقاً لبيان استلمت " القدس " نسخة عنه. وفقاً لما أوردته صحيفة "القدس"
وكانت عُمان منذ فترة طويلة وسيطاً بين الغرب وإيران، ومقر قناة اتصال سرية في عام 2013، عندما كانت إدارة باراك أوباما تتفاوض على اتفاق نووي مع إيران. كما طلب بومبيو من المسؤولين الأوروبيين المساعدة في إقناع إيران "بخفض" التوترات، التي تصاعدت بعد أن أشارت الاستخبارات الأميركية إلى أن إيران وضعت صواريخ على قوارب صغيرة في الخليج العربي. وأثارت المعلومات الاستخباراتية، التي تستند إلى صور لم يتم نشرها (ولكنها وُصفت لوسائل الصحافة ) المخاوف من أن تضرب طهران قوات الولايات المتحدة وممتلكاتها أو تلك الخاصة بحلفائها.
وسُئل ترامب يوم الخميس عما إذا كانت الولايات المتحدة ستخوض حرباً مع إيران، وأجاب "آمل ألا يحدث ذلك".
وتثير التوترات الداخلية مخاوف من أن إدارة ترامب تستعد لخوض معركة، حتى لو لم يكن القائد الأعلى للبلاد يريد ذلك. وتدور هذه الانقسامات على خلفية جدل داخلي محتدم بين مسؤولي الإدارة حول خطورة التهديد الإيراني. فبينما يقول المسؤولون والحلفاء البريطانيون إن المعلومات الاستخباراتية عن التهديد صحيحة، يتهم المشرعون وبعض أعضاء الإدارة مساعدي ترامب بالمبالغة في حجم الخطر واستغلال المعلومات الاستخباراتية لتبرير الاشتباك العسكري مع طهران.