وصلت المبالغ المالية المحجوزة لدى اسرائيل الخاصة بالمقاصة الفلسطينية عبر الموانئ الاسرائيلية اكثر من 900 مليون شيكل بعد ان أمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل يومين باحتجاز مبلغ 400 مليون شيكل إضافية من المستحقات الضريبية للسلطة الفلسطينية، وفقا لما ذكرته صحيفة “اسرائيل هيوم”.
ويعد المبلغ الاخير الذي يضاف الى مبلغ 500 مليون كانت اسرائيل قد احتجزتها عن مستحقات شهر كانون اول من العام 2014.
الامر الذي يبدو انه سيستمر كسياسة اسرائيلية عامة ضد السلطة الفلسطينية خلال الفترة القادمة بعد توجه السلطة الفلسطينية الى المحكمة الجنائية الدولية.
وعليه يمكننا ان نطلق على هذه الازمة بانها “الكاشفة” للارقام والحقائق المالية ذات العلاقة بمدخولات السلطة الفلسطينية من اهم بنود الايرادات في الموازنة العامة وهو “المقاصة”، فلولا تلك الازمة لما علمنا بحقائق الامور وارقامها وتفاصيلها.
فبالتزامن مع هذه الازمة اعلنت وزارة المالية الفلسطينية قبل ايام قليلة عن ارتفاع في ايرادات المقاصة للعام 2014 حيث بلغت 2,05 مليار دولار وبنسبة تقدر بـ(17,6%) مقارنة بالعام 2013 والذي بلغت اجمالي ايرادته 1,691.
وبغض النظر عن اسباب هذه الزيادة والتي اعتقد بان مردها اغلاق الانفاق على الحدود المصرية مع قطاع غزة بعد 30/6/2014 ، وتوجه مئات التجار والشركات الفلسطينية للاستيراد من خلال الموانئ الاسرائيلية والتي تقوم وزارة المالية الاسرائيلية بجباية هذه الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية وفقا لاتفاقيات باريس الاقتصادية، فان الاهم في هذه الارقام هو نسبة مساهمة قطاع غزة في هذه الايرادات وبالتالي حقها في الاستفادة منها كونها تجبى من جيوب المواطن البسيط في غزة.
فاذا كانت نسبة الايرادات المحصلة من اموال المقاصة لصالح الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية تقدر بـ73,5% من اجمالي الايرادات الفلسطينية للسنة الماضية والتي بلغت قيمتها الاجمالية 2,787 مليار دولار، وعلى افتراض ان التقسيمة الجغرافية والاقتصادية والسكانية بين محافظات الشمال (الضفة الغربية) ومحافظات الجنوب(غزة) هي 60% الى 40%.
وفي ظل اغلاق مختلف منافذ الاستيراد لغزة، الا من خلال الموانئ الاسرائيلية، فيمكننا القول ان نسبة مساهمة غزة في اجمالي ايرادات السلطة الفلسطنية من بند المقاصة فقط تشكل ما نسبته 40% من اجمالي الايرادات من ذات البند والتي تقدر بـ( 820 مليون دولار سنويا)، اي انها تساهم في الايرادات العامة للسلطة الفلسطينية بما نسبته29,4% فقط من هذا البند. وبما نسبته 20% من الموازنة العامة للسلطة فقط والتي قدرت في العام 2014 بـ4,215 مليار دولار من هذا البند.
وعليه فان غزة قادرة على ادارة احتياجاتها من خلال ايراداتها التي تساهم بها في الموازنة العامة للسلطة، ومن حقها ان تستفيد من مبدأ العدالة الاقتصادية والاجتماعية والتي يبدوا انها غير مطبقة من قبل السلطة المركزية في رام الله .
ان مختلف الازمات التي تعانيها غزة تتمحور حول الامكانيات المالية ومدى توفرها لدى السلطة الفلسطينية وهذا ما شدد عليه كثير من مسئولي السلطة في كثير من التصريحات الاعلامية ذات العلاقة، وعليه نوضح لهم اليوم بان الامر على غير ذي صلة كون غزة تساهم من خلال ايراداتها وبشكل طوعي في معالجة كثيراً من ازماتها.
واذا كان القرار السياسي لدى السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق هو باتجاه انهاء ازمات غزة الانسانية والمالية، فعليهم ان يُعيدوا قراءة البيانات المالية التي تصدرها الوزارة لديهم، وحينها سيجدوا ان غزة اولى باموالها من غيرها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية