سألني شابٌ في إحدى الندوات:
ما سرُّ نجاح جنرالات الجيش في الانتخابات الإسرائيلية؟ هل نجاحهم في إسرائيل يُشبه نجاحَ جنرالات العسكر في الدول الصغيرة الأخرى؟
هل صحيحٌ، أنَّ كل الفائزين في الانتخابات الإسرائيلية لا بُد أن يكونوا خريجي الدفيئات العسكرية؟
لإسرائيل خصائصُ تختلف عن بقية بلدان العالم، فهي تعيش حالة رُعبٍ من محيطها الخارجي، تحيا في حالة رُعبٍ دائمة من الهزيمة، كما أنَّ  لها فرادةً في حالة الرعب، فهو رعبٌ خارجي ناجم عن عمليات الشحن الإعلامية المكثَّفة، بأن الإسرائيليين مُطاردون، مُهدَّدون، حالة الرعب ناجمةٌ أيضا بسبب الاحتلال والقهر، والاغتصاب، والقتل، الممارس ضد الشعب الفلسطيني، فهم يشعرون بأنَّهم مُطاردون للفلسطينيين!
 وظَّف قادةُ إسرائيل حالة الرعب والخوف في إسرائيل، لغرض طمس النزاعات العِرقية، والفروق الثقافية في إسرائيل، الناجمة عن تنافر الفسيفساء الاجتماعية.
نجح مؤسسو إسرائيل وسياسيوها في استخدام حالة الرعب في نفوس الإسرائيليين، وتمكنوا من جعل هذا الرعب استراتيجية إسرائيلية لتقوية الجيش الإسرائيلي، باعتباره مُقدَّسا لا يجوز انتقاده، أو التشكيك فيه!
كذلك نجح حاخاموهم في بث الرعب في نفوسهم، حين أشعروهم بالفرادة، والتميُّز، وأنهم سيعيشون مُطاردين للأعراق الأخرى، لأنهم فقط ينتمون إلى العِرق اليهودي، فهم الأذكى، والأقوى ! وأسمَوْا غير يهود بالأغيار، والأغيار عند المتطرفين (الحارديم) ليسوا بشراً حتى وإن كانتْ أشكالُهم تُشبه البشر، بل هم كائنات أخرى، خُلقتْ لتخدم الجنس اليهودي، وفق فتوى كبير حاخامي السفارديم، عوفاديا يوسيف المتوفى عام 2013 الذي قال أيضاً": لا يجب الرأفة بالعرب، فالعرب أفاعٍ سامةٌ، ونملٌ ملوثٌ یتكاثر في البلدة القدیمة، سيدمر الماشیحُ العربَ عندما یعود في آخر الزمان، وسيدمر الأمم المتحدة (یديعوت أحرونوت 2001/7/28).
نجحت إسرائيل في توظيف استراتيجية الرعب ليس فقط لتقديس خريجي الدفيئات العسكرية كحماةٍ ومُنقذين لهم من الآخرين، بل أيضا لجذب المهاجرين اليهود من خارج إسرائيل، فحقنوا يهود العالم، ممن اندمجوا في الحياة في معظم بلدان العالم بجرعات الخوف والرعب، ليتمكنوا من إقناعهم بأن إسرائيل هي الملاذ الآمن الوحيد لكل يهود العالم!
من يدرس علم النفس السياسي والانتخابي فإنه يُدرك أسباب إقبال الناخبين في إسرائيل على صناديق انتخابات رجال الأمن، وقادة الجيش، ومنفذي العمليات الحربية والاغتيالات، من منسوبي. الشاباك، والشين بيت، والاستخبارات العسكرية!
لهذه الأسباب، فإن الصوت الانتخابي في إسرائيل يأتي من أيدٍ خائفة، مرتجفة، تُلقي البطاقة الانتخابية في صندوقٍ، يُشبه جُرعة من  التخدير للناخب!
أما عن فوز جنرالات الدول في بلدان الديكتاتوريات الأخرى فهو أمرٌ مختلفٌ عن فوز جنرالات إسرائيل، ففي معظم بلدان العالم الصغيرة التي يحكمها العسكر، فإن جنرالات الجيش يُرعبون جماهيرهم، يهددونهم، يخيفونهم، ليس من العدو الخارجي كما في إسرائيل، بل من عدوٍ داخلي، ليتمكنوا من الاحتفاظ بالسلطة، وجني الغنائم والمكاسب!
كما أن الواقعين تحت حكم الأنظمة الديكتاتورية في الدول الأخرى الصغيرة مقتنعون بأن أية انتخابات ستجري لن تكون نزيهة، بل سيجري تزييفها، لذلك فإنهم يُضطرون إلى المشاركة في انتخاب العسكريين اتقاءً لشرورهم وخوفاً من انتقامهم!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد