بات الخلاف بين الأحزاب السياسية الفلسطينية على كل شيئ وفي كل زمان ومكان حتى أصبح عادة , فحكومة الدكتور محمد اشتية  والتي لم تشكل بعد جددت الخلاف بين المختلفين , فهذه المرة الخلاف ليس على شخصية اشتيه , إنما على التوقيت لتشكيل هذه الحكومة , فحاول المختلفين أن يعلقو خطيئة  الإنقسام على شماعة هذه الحكومة , وكأنها ستكون عائقاً أمام أي إتفاق قادم , علماً بأن التجارب السابقة لجولات المصالحة أثبتت أن وجود أي حكومة ومهما كانت هويتها لم تكن عائقاً أمام أي إتفاق , فحكومة الدكتور سلام فياض كانت دائماً جاهزة بأن تقدم إستقالتها بالتزامن مع حوارات المصالحة والتي كانت تعقد سابقاً , وكذلك حكومة الدكتور رامي الحمدالله كانت على جاهزية أيضاً , وحكومة اشتية ستكون على جاهزية بأن تقدم إستقالتها في حال التوصل الى أي حلول أو إتفاق مصالحة أو إنتخابات , فالحكومة هي سلطة تنفيذية ولم تكون عائقاً أمام أي حل قادم , وحتى ولو كانت فصائلية كالحكومة التي ستشكل قريباً .

رغم أن وجود حكومة جديدة ليس موضوع الخلاف الأساسي بين الأحزاب كما أسلفت , فالخلاف أعمق من ذلك بكثير , ولكني لو كنت مكان الرئيس أو مكان حركة فتح لما أقدمت على هذه الخطوة , لأن هذه الخطوة ستكون كبش فدا لكل الخطايا المسببة للإنقسام , وستنهال جميع الإتهامات على هذه الحكومة وكأن الحكومة التي تسبقها كانت مرضياً عنها أصلاً  , وكأن الإنقسام لم يكن حتى جاءت هذه الحكومة وتسببت فيه , فكان يجب على حركة فتح أن تدرك ذلك تماماً , وأن تكثف جهودها لإجراء إنتخابات عامة تضح حداً للصراع , وخاصة أن حماس وافقت على إجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية , وأجلت الحديث عن إنتخابات المجلس الوطني خشية تعقيد الأمور .

أعتقد أن حكومة اشتيه وبرغم أنها مهنياً أفضل من الحكومة السابقة , كونها فصائلية وكون رئيسها ذا خبرة إقتصادية وسياسية عالية , وكونها أخذت على عاتقها إنهاء حالة الإنقسام , وخروج السلطة من المأزق المالي , إلا أنها ستعزز حالة الخلاف والتي هي بالأصل عادة , أما موقف حماس فهو واضح وقد أعلنت عدم الإعتراف بها كما الحكومات السابقة , ولكن السؤال ماذا ستفعل حماس في المقابل؟ أرى أن حماس ستتجنب تشكيل حكومة موازية لها في غزة , أو حتى تشكيل لجنة إدارية كما في السابق , وذلك لتثبت أنها لا زالت متمسكة بإنهاء الإنقسام وإجراء إنتخابات عامة , مرتكزة في هذا الخطوة على أنها تعتمد في غزة على أدوات الحكم وليس على رأس الحكم "رئيس حكومة ووزراء" وستكتفي بعدم الإعتراف بالحكومة الجديدة , مهاجمة لها ومحملة لها كل خطايا الإنقسام كالعادة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد