اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته العنصرية قرار تجميد الأموال الفلسطينية وسيلةً لمعاقبة الشعب الفلسطيني وقيادته عقب التوجه إلى الأمم المتحدة وتقديم طلب للجنائية الدولية. وهذ ليست المرة الأولى التي تمارس فيها حكومة الاحتلال القرصنة وتسيطر على المستحقات الفلسطينية.
وفي كل مرة تُستنفد الاتصالات مع دول العالم لإعادة هذه المستحقات، وفي كثير من المرات يأتي الانتقام الإسرائيلي بصورة أخرى، وذلك عبر خصم ديون للجانب الإسرائيلي وبعض هذه الديون مبالغٌ فيها ومشكوك في أمرها مثل مستحقات العلاج في إسرائيل والقصص التي يرويها مواطنون ومسؤولون كثيرة وتؤكد ذلك، ولكن الغريب أننا نظهر في كل مرة وكأننا لا حول لنا ولا قوة سوى الانتظار، وهذه المرة سننتظر حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية؛ لأن موضوع القرصنة أصبح جزءاً من الدعاية الانتخابية لليمين العنصري تحت عنوان أنه القادر على مواجهة الفلسطينيين ومعاقبتهم، وكأننا ليس بيدنا قرار حقيقي للرد على هذه الاعتداءات الإسرائيلية.
وبناءً على ذلك يتوجب على الحكومة الفلسطينية إيجاد رد على هذه القرصنة الإسرائيلية وأن يكون الرد مؤلماً للقطاعات الاقتصادية الإسرائيلية، فماذا لو قررت الحكومة الفلسطينية وقف إدخال كل السلع الاستهلاكية الواردة من إسرائيل أو من وكلاء إسرائيليين حتى يتم الإفراج عن أموالنا المحتجزة.
مثل هذه الإجراء يحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع من خلال وضع الحواجز على مداخل المدن والقرى الفلسطينية من قبل الضابطة الجمركية لمنع إدخال أي بضائع، مع إعطاء التجار مهلة أسبوع تبدأ بعدها الضابطة بتنفيذ القرار على المستوى الحكومي وبدعم شعبي من القوى والفصائل والقطاع الخاص والأهلي.
الرد الحكومي يجب أن يشمل البضائع القادمة من إسرائيل وليس فقط من المستوطنات وكل البضائع التي تساهم في تشغيل عجلة الاقتصاد الإسرائيلي، ما عدا تلك المتعلقة بالصحة.
ولكن في موازاة هذا القرار يجب أن تأخذ القوى والفصائل الوطنية والشعبية دورها في مساندة الحكومة للبدء فوراً بتشكيل لجان أحياء ولجان مناطق من أجل التأكيد على الدور الجماهيري في تعزيز قرار الحكومة بالرد على الاعتداءات والاستفزازات الإسرائيلية.
أيضاً يجب أن يكون واضحاً أن القضية تتعلق فقط بالرد على قرار عدواني، وبعد ذلك يجب أن يكون هناك إجماع وطني على كيفية التعامل مع الاستفزازات الإسرائيلية، بمعنى أن الوضع هنا يختلف نوعاً ما عن مفهوم المقاطعة بطرقها السابقة.
الحكومة هنا لا تخالف الاتفاقات، ولكن لها الحق قانونياً بالرد على قرارات اقتصادية ومالية عدوانية. ولكن لابد من التأكيد أن هذا القرار الحكومي سيتأثر به بعض رجال الأعمال أو التجار الذين يجب أن يتم التعامل معهم على أساس التعويض ربما بأكثر من شكل سواء أكان مالياً أم تجارياً وفق ما تحدده الوزارات المختصة. وقد ينعكس هذا على بعض أسعار السلع من خلال قيام بعض التجار ضعيفي النفوس باستغلال هذا الوضع لكسب المزيد من الأرباح وهذا يحتاج إلى دور رقابي أكبر من لجان حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد أو جمعية حماية المستهلك كذراع جماهيرية للمراقبة.
إذن نحن أمام مرحلة فاصلة لابد للحكومة فيها من اتخاذ دورها الحازم وأن تظهر قدرتها الحقيقية على اتخاذ القرار وتتحمل تبعاته ولكن بإسناد جماهيري واسع، وبذلك نستطيع القول إنه يمكننا الرد بالأسلوب نفسه على قرصنة الاحتلال ولكن بوسائل يكفلها القانون وتحقق لنا المصالح.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية