فلسطين تنقل خبراتها الإدارية للعالم
نتظم موظفون حكوميون ودبلوماسيون وأكاديميون من 9 دول عربية، في برنامج تدريبي لتطوير القدرات الإدارية، تستضيفه المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة في البيرة، في إطار ترؤس دولة فلسطين لمجموعة ال77 +الصين، ولتعزيز العمل العربي المشترك.
والتحق في البرنامج التدريبي العربي، بحسب تقرير للوكالة الرسمية، 18 مشاركًا ومشاركة من الأردن، والعراق، وعمان، والبحرين، وتونس، والمغرب، والصومال، وجيبوتي، وموريتانيا، في حين تغيب الوفد المصري قسرياً نظراً لعدم صدور التصاريح اللازمة من الاحتلال الإسرائيلي الذي يتحكم بالمعابر والحدود، ويحاول فصل شعبنا عن العالم.
وقال المدير التنفيذي للمدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة وجدي زياد أن هذا البرنامج التدريبي يأتي في إطار ترؤس فلسطين لمجموعة ال77 والصين، والتي تعد أكبر تكتل دولي في الأمم المتحدة حيث يضم 134 دولة، ما يشكّل اعترافاً من العالم بالمهنية والخبرات التي تمتلكها مؤسسات دولة فلسطين"، مشيراً في ذات الوقت إلى أنه يأتي في إطار التعاون المشترك مع أشقائنا العرب وتفاعلنا الدائم مع محيطنا العربي وعمقنا الاستراتيجي الذي يشكّل رافعة ودعم لمؤسساتنا.
وذكر زياد أن المدرسة الوطنية استضافت برنامجاً تدريبياً مماثلاً شاركت به 7 دول إفريقية في شهر آب من العام الماضي، حيث تهدف هذه البرامج إلى تبادل الخبرات بين فلسطين والدول الشقيقة والصديقة.
ويتضمن البرنامج مواضيع تتعلق بالمهارات القيادية، والتخطيط الاستراتيجي، وآلية تنفيذ الخطط وتقييمها، وإدارة فرق العمل، والحوكمة والمنظومة القيمية في القطاع العام، والاتصال والتواصل، وعدة مواضيع لها علاقة في تحسين القدرات القيادية للعاملين في القطاع العام.
وأكد زياد أن "فلسطين أصبحت اليوم ناقلة للخبرة وليست فقط مستقبلة للخبرات، ومواردنا البشرية كفؤة ومؤهلة وتتمتع بالمهنية العالية وتستطيع أن تقدم خبراتها للأشقاء والأصدقاء من دول العالم".
وتم إعداد المدربين الفلسطينيين الذين يتولون مسؤولية التدريب في البرنامج على مدار سنتين، وفقاً لأحدث أساليب ومنهجيات التدريب، وهم من حملة الشهادات العليا، حيث جرى تدريبهم على آليات تحديد المادة التدريبية واستخدام التكنولوجيا في التدريب وتقديم التدريب بأفضل الطرق وتقييم المادة التدريبية. وقاموا بتنفيذ العديد من البرامج التدريبية في المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة.
وقال زياد: "لدينا طموحات كبيرة لتصدير الخبرة من جانب، ولتبادل الخبرات من جانب آخر، وهذا البرنامج فرصة لتبادل الخبرات المتراكمة"، لافتاً إلى أن المدرسة ستستضيف برنامجاً تدريبياً مماثلاً لعشر دول من أمريكا اللاتينية في شهر أيار القادم.
من جهته، أوضح المدرب المعتمد في التخطيط الاستراتيجي والمتابعة والتقييم في المدرسة الوطنية للإدارة عصام دنادنة، بأن المدربين المعتمدين في المدرسة الوطنية تلقوا تدريبات لنحو عامين ونصف كي يستطيعوا التدريب في مواضيع مهمة في قطاع الخدمة المدنية الفلسطيني، لافتاً إلى أن المواضيع جرى اختيارها بناءً على دراسات للاحتياجات التدريبية، ومن ثم الإطلاع على التجارب في سنغافورة وفرنسا والولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية".
ونجحت المدرسة في تدريب وتأهيل 15 مدرباً معتمداً، يدربون حالياً الموظفين في المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، إلى جانب عقد برامج تدريبية للأشقاء العرب والأجانب.
وقال دنادنة، إن "البرنامج التدريبي العربي له ميزة خاصة، ليس فقط في مجال تبادل المعرفة لتجارب في الغالب تكون متقاربة، بل على صعيد تعزيز وتقوية العلاقات".
وأضاف: "من خلال هذا البرنامج، نقول أن فلسطين هنّا، وقادرة على نقل الخبرة والإبداع، على الرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها".
وأعرب المشاركون من الوفود العربية عن استفادتهم من البرنامج التدريبي، معبّرين في ذات الوقت عن فرحتهم بزيارة فلسطين للمرة الأولى.
وقال رئيس قسم الابتكار وبرامج التحديث من وزارة الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة في المغرب حاتم مرادي، "تلقينا دعوة كريمة من دولة فلسطين للمشاركة في البرنامج التدريبي في مجالات التخطيط والتقييم والحكم الرشيد، حيث تضمن التدريب معلومات عن الدولة الفلسطينية وإنجازاتها في مجال ديوان الخدمة المدنية، وأطلعنا على معلومات حول المدرسة الوطنية للإدارة، والبرامج التدريبية التي تقدمها لفائدة الموظفين العموميين والأجانب وخاصة الأفارقة والعرب، وعلى أجندة السياسات الوطنية 2017-2022".
وأضاف: "كانت فرصة سانحة للتعرف على التجربة الفلسطينية في مجال التخطيط الاستراتيجي، خاصةً أن دولة فلسطين استفادت من تجارب أخرى رائدة في هذا المجال مثل التجربة الفرنسية والكورية والسنغافورية، نحن منبهرون من هذه الإنجازات الرائعة".
وعبّر زميله عبد الإله أنس الشايب، من وزارة الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة في المغرب، عن سعادته بالتواجد في فلسطين، وقال:"نحن سعداء جداً بتواجدنا في فلسطين الغالية على قلوبنا ونعتبر أنفسنا في بلدنا الأول، ومنبهرون بالتقدم على مستوى البنية التحتية والإدارات والأماكن والمنشآت التي زرناها، والمستوى العالي الذي وصلت له المدرسة الوطنية للإدارة رغم حداثة إنشائها، على مستوى المدربين والبرامج التي تقدمها".
وأضاف: "استفدنا كثيراً من الدورة وبرنامجها القيّم الذي أثرى معارفنا ومداركنا واطلعنا على الكثير من التجارب التي سننقلها بصدق لبلدنا ونبلغ زملائنا أن فلسطين ومؤسساتها على مستوى عال من الكفاءة ويجب الاستفادة من خبراتها وتجربتها في إطار تبادل شراكات".
من جانبه، قال عثمان علي محمد من وزارة العمل والإصلاح الإداري في جيبوتي، أن "أمنيته تحققت بزيارة فلسطين"، معتبراً زيارتها أمنية وحلم لكل عربي ومسلم، لافتاً إلى أن أهله وأصدقاءه وزملاءه طلبوا منه أن يحمل لهم حفنة من تراب فلسطين إلى جيبوتي.
وأضاف: "رغم الظروف والصعوبات التي يعيشها أشقاؤنا الفلسطينيون، إلا أن لديهم الخبرة والثقافة والعلم، وتقدموا على كثير من الدول في هذا المجال".
وأشار إلى أن المتدربين اطلعوا عن كثب على التجربة الرائدة للمدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة، والتي يمكن نقلها إلى الدول الأخرى، موضحاً أن البرنامج شكّل فرصة للقاء الأشقاء العرب وتبادل الخبرات معهم والاستفادة من المدربين الفلسطينيين الذين يمتلكون كفاءة عالية وخبرات عالمية مكتسبة.
من جهتها، قالت مدير مساعد دائرة التأمين في وزارة الخدمة المدنية في سلطنة عمان بدور عيسى الحارثي، إن البرنامج منحهم الفرصة لتبادل الخبرات مع الدول المشاركة، مؤكدةً أنها استفادت من المواضيع التي قدمها المدربون. كما عبّرت عن سعادتها بزيارة فلسطين لأول مرة قائلةً: "سعداء بزيارة فلسطين وهذه أمنيتنا وأمنية جميع المسلمين والعرب".
من ناحيته، أكد مدير الدراسات والتعاون في وزارة الوظيفة العمومية والعمل والتشغيل وعصرنة الإدارة الموريتانية محمد اسماعيل حود، أن البرنامج التدريبي يتميز بأن المدربين شباب ولديهم قدرات وكفاءة عالية، إلى جانب استخدام التكنولوجيا في التدريب والتي تنم عن خبرات كبيرة.
كما عبّر عن سعادته بتحقق أمنيته بزيارة فلسطين، مشيراً إلى أنه تفاجئ بحجم التقدم والتطور العمراني الذي يضاهي وحتى يتفوق على كثير من الدول التي نالت استقلالها منذ عشرات السنين.
وكان البرنامج التدريبي العربي قد افتتح يوم الأحد الماضي تحت رعاية وبحضور رئيس حكومة تسيير الأعمال رامي الحمد الله، ويختتم يوم الخميس المقبل، ومن المنتظر أن يحظى المشاركون في البرنامج بلقاء مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس ، الذي يؤكد دوماً على أهمية تبادل الخبرات بين الأشقاء العرب.
يشار إلى أنه بدأ العمل على فكرة إنشاء المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة عام 2012، وتم تفريغ طاقم من ديوان الموظفين العام لها، وفي أيار عام 2015 صدر قرار مجلس الوزراء بإنشائها، كما صدر في شهر شباط عام 2016 قرارا بقانون ينظم أعمال المدرسة، واعتمد من قبل الرئيس، واستطاعت المدرسة خلال فترة وجيزة أن تترك بصمتها سواء في مجال تدريب الموظفين العمومين، أو في مجال البرامج التدريبية المخصصة للأشقاء العرب والأصدقاء الأجانب.