أثبتت السياسة الفلسطينية، تجاه لبنان، وتحديدا العلاقة الفلسطينية - اللبنانية، جدواها وصحتها ونجاعتها بعد الممارسة والتجربة. مفاد تلك السياسة، ما اكده عضو اللجنة المركزية لـ «فتح» ومشرف الساحة اللبنانية عزام الأحمد، خلال لقاءاته السياسية مع مسؤولين لبنانيين، وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وهو أن المخيمات في لبنان، هي في إمرة الدولة اللبنانية وتحت سلطة القانون اللبناني، وبأن م.ت.ف، سيكون دورها، دور المنسق مع الدولة اللبنانية وأجهزتها السيادية كافة، لقطع الطريق على أية محاولة لاستغلال المخيمات.
عانت المخيمات الفلسطينية في لبنان، طويلاً، من لجوء مطلوبين للسلطة اللبنانية، الى داخل المخيمات، ولعل ما حدث في نهر البارد، لا يزال محفوراً في الذاكرة. تحاول جهات عدة، ومنها منظمات إسلامية متطرفة، الاختباء في المخيمات، واللجوء اليها، وهذا ما تمنعه اللجان الشعبية. لعل تشكيل الوفد الفلسطيني برئاسة عزام الأحمد، وما قام به من زيارات للمسؤولين اللبنانيين، دلل بوضوح، وبما فيه الكفاية، بأن الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان، باتت تحت مظلة واحدة، وهي مظلة الشرعية الفلسطينية، وبأنها جميعاً تتعاون من أجل التنسيق بين م.ت.ف والسلطة اللبنانية، وفي ذلك، مصلحة بينّة للطرفين، ومن شأنه حماية الوجود الفلسطيني في لبنان، والإسهام في توفير الأمن والأمان، للفلسطيني كما للبناني.
عانت المخيمات الفلسطينية في لبنان، معاناة طويلة وخاصة، منذ العام ١٩٤٨ حتى يومنا هذا، كان لتلك المعاناة أسبابها المختلفة، اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً، ودفع الفلسطينيون في مخيمات لبنان، أثماناً باهظة، وصل بعضها، الى مسح مخيمات عن الوجود، كما حدث في تل الزعتر وضبة وجسر الباشا، وكاد يحدث في نهر البارد.
ما دفعه الفلسطينيون في المخيمات كان باهظاً وقاسياً للغاية، خاصة إبان حرب ١٩٨٢، والاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وكان أبرزها مذابح صبرا وشاتيلا.
لا يمكن تجاوز المعاناة، او الإسهام في حصرها وتراجعها، دون الحوار والتفاهم، ودون الإقرار نظرياً وعملياً، بأننا كفلسطينيين عبارة عن ضيوف، ينضوون تحت قوانين الدولة المضيفة، وللضيف على مضيفه حقوق لا بد من التفاهم عليها، وتقديم الشكر والامتنان للمضيف.
لعل المعاناة الإنسانية، الاقتصادية القاسية التي عاشها أبناء المخيمات الفلسطينية، في لبنان، أسهمت إسهاماً كبيرا في دفعهم للهجرة، نحو الدول الاسكندنافية خاصة، فتراجعت أعدادهم في لبنان، على نحو خطير، بعد أن ضاقت الدنيا بهم، أكان في ظروف السكن، او في ظروف ما هو متاح لهم في سوق العمل. لا تزال قضايا كثيرة عالقة، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل، لكن ذلك لا يحل إلاّ في حوار جاد، فلسطيني - لبناني، ووفقاً للقوانين اللبنانية المرعية، وهذا ما يحتاج الى عمل دؤوب ومسؤول من اللجان الشعبية الفلسطينية في المخيمات الفلسطينية، وبتعاون جاد ايضا من السلطات اللبنانية المختصة، وبمختلف الشؤون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد