العلاقات الفلسطينية الجزائرية ندوة سياسية في مركز عبد الله الحوراني
نظم مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في قطاع غزة والاتحاد الوطني للنساء الجزائريات ندوة سياسية بعنوان "العلاقات الفلسطينية – الجزائرية: تاريخ ورؤى مستقبلية".
و تحدث في الندوة، وفق بيان وصل وكالة "سوا" الإخبارية نسخة عنه، إبراهيم أبو النجا محافظ محافظة غزة، إبراهيم الفرا، والمحامية حنان الشيبي رئيسة فرع فلسطين للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والاعتبارية ومن النساء الجزائريات والعائلات الجزائرية، وكتاب ومثقفين ومخاتير ووجهاء، قد غصت بهم قاعة المركز.
افتتح الندوة ناهـض زقـوت مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق بقراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين والجزائر والأمة العربية، ورحب بالحضور وبالمتحدثين، كما أرسل تحياته إلى فاطمة الطيب مسؤولة الجالية الجزائرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والى نورية حفصي الأمين العام للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات.
وافتتح مداخلته بقول الرئيس الراحل هواري بومدين: "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، وقال: "من هذه الرؤية المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية تشكلت العلاقات الجزائرية الفلسطينية التي كانت ومازالت قوية، كما أن الشعب الفلسطيني أينما كان ما زال يتذكر وقفة الجزائر معه قيادة وشعبا، وهو الأمر الذي يزيد من التآخي بين الشعبين، كما أن الدولة الجزائرية لم تتوان لحظة في دعم القضية الفلسطينية حتى تحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ".
وأضاف:" لعب الكتاب والمثقفون الجزائريون دورا كبيرا في التحريض على الاحتلال والتنبيه إلى مخاطره، وفي شحذ الهمم في الدفاع عن فلسطين منذ وعد بلفور والاحتلال البريطاني لفلسطين، رغم انشغالهم بقضيتهم الوطنية ومواجهة الآلة الاستعمارية الفرنسية.
وأكد في مداخلته على أن فلسطين كانت حاضرة في الذهنية الجزائرية منذ أيام الثورة التي قادها الأمير عبد القادر الجزائري، ونتيجة للظلم الفرنسي الذي عانى منه الشعب الجزائري، هربت العديد من العائلات الجزائرية متوجهة للإقامة في قرى ومدن فلسطين، وثمة العديد من الأراضي والأوقاف الجزائرية في القدس وغيرها، أهمها حارة المغاربة التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي عام 1968 وأن الأوقاف الجزائرية الموجودة في فلسطين هي أكثر من أي أوقاف أخرى في العالم.
وأشار زقوت إلى أن القواسم المشتركة بين الشعبين الفلسطيني والجزائري جد متقاربة، فالشعب الجزائري قدم مليون ونصف شهيد على مذبح الحرية والاستقلال، والشعب الفلسطيني قارب على المليون شهيد وهو يناضل من أجل حريته واستقلاله بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبقيادة الرئيس محمود عباس فقد كانت الجزائر من أولى الدول التي اعترفت بالمنظمة وفتحت أول مكتب لها عام 1965، وهي أول من اعترفت بحركة فتح وفتحت لها مكتبا في عام 1966، وهي أول دولة افتتحت سفارة فلسطين عام 1974، وأول من اعترف بدولة فلسطين عام 1988 حيث كان الإعلان على أراضيها.
وقرأ مدير عام مركز الحوراني رسالة الجزائر: "تحية عطرة محملة بأجمل التحيات لأهلنا وأشقائنا في فلسطين الحبيبة كم نشعر بالفخر والاعتزاز ونحن ننقل لكم رسالتنا هذه من خلال فرعنا في فلسطين: فرع الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات وان استطعنا أن نستعير صوت كل جزائري وجزائرية ونبثه دافئاً حارا في هذه القاعة وأمام تلك الوجوه التي يؤكد حضورها إرث من بنوا العزة هامة على جبين كل فلسطيني مازال يزهر، ونقول لكم بأنهم يعرفونكم ويحبونكم جميعاً وهم معكم في تواصل الفكر والروح والنضال. ... ففلسطين البعيدة عنا بالجغرافيا حاضرة دوماً ماثلة في تفاصيل كل يوم من أيامنا فمن طبائع الدنيا أن يكون الابتعاد عن الوطن غربة ولكن بالنسبة لجاليتنا وأخواتنا في فرع الاتحاد يظل شيئا مختلفاً فهم ينقلون لنا صورة فلسطين الحية النابضة برائحة ترابها وتاريخها وأحزانها وماسيها وتظل متشبثة في قلوبهن ففلسطين يحملنها قلباً خافقاً بين ضلوعهن ولم يشعروا فيها بأنهن أغراب أو بعيدات وإنما بقيت فلسطين لهن حضناً دافئاً وقلباً عربياً كبيراً وسارية شامخةً لبيارق أهدافهن الوطنية والعربية وبذلك فهن سفراء الجزائر التلقائيون وبعض صورها روحاً وجسداً".
وتحدث أبو النجا بتوسع عن تاريخ العلاقات الفلسطينية الجزائرية قائلا:" لعلها المرة الأولى التي نتحدث فيها عن دولة لم نسمع ولم نر منها إلا كل صدق وموقف مشرف، نحن اليوم في حديث عن علاقات مع اصدق دولة عربية كانت مع الفلسطينيين، فالجزائر عرفت معنى الظلم والاستبداد والاستعمار، وما معنى الحرمان، وما معنى المؤامرة، من هنا كانت القواسم المشتركة التي جعلت الجزائر اصدق دولة مع الفلسطينيين".
وتناول باستفاضة تاريخ احتلال الجزائر والأسباب والدوافع، وموقف الشعب الجزائري الذي وقف وقفة رجل واحد مدافعا عن ارض الجزائر، والتفوا حول القائد عبد القادر الجزائري وأعلنوا ثورتهم.
وأضاف ونحن آنذاك كنا صغارا في المدارس لا نعرف عن الجزائر وثورتها، غير أن مدرسنا في الصباح كان يريد من الطلاب تعريفة لدعم الثورة الجزائرية، وكنا لا نملك تعريفة في ذلك الوقت، ومع ذلك كنا نعتصم في البيت ولا نذهب إلى المدرسة إلا ومعنا التعريفة لندعم الثورة. وانتصرت الثورة الجزائرية وقدمت مليون ونصف المليون شهيد، وكان انتصار للأمة العربية، ولا ننسى في هذا المقام دور مصر والرئيس جمال عبد الناصر في دعم الثورة الجزائرية.
ومن جانب آخر، تحدث عن بدايات تكون العلاقات بين الفلسطينيين والجزائريين في مصر بين الشهيد ياسر عرفات والأخوة الذين معه صلاح خلف، فاروق القدومي، وأبو الأديب وغيرهم، وبين الجزائريين النشطين المقيمين في مصر سواء للدراسة أو يعملون في المجال السياسي، ونسجوا علاقات جديدة جدا أثمرت لاحقا بعد الاستقلال. وأضاف نتذكر هنا الدور الطيب لزوجة القائد فاروق القدومي التي كان لها باع طويل في صناعة العلاقات خاصة مع نساء القادة الجزائريين في مصر.
وبعد استقلال الجزائر، كما قال أبو النجا، قال الجزائريون الآن جاء دورنا لكم بالاستحقاق الوطني الذي قطعناه على أنفسنا، فكانت الجزائر محطة إقامة ولقاء وترحيب، ومحطة دعم ومساندة. فقد وعت دورها وأهميتها وفتحت أبوابها على مصراعيها للفلسطينيين، وكان الاحتفال بافتتاح أول مكتب للفلسطينيين في الجزائر باسم مكتب فلسطين قبل قيام منظمة التحرير، وقدمت السلاح والمال، وقواعد التدريب، والدورات العسكرية لثورة الفلسطينية، وكانت أول دورة عسكرية في عام 1964.
وأضاف توطدت العلاقات وساهم الفلسطينيون في عملية تعريب الجزائر، وأصبح لدينا بعثة تعليمية تتساوى في الحقوق مع الطلاب الجزائريين، وكذلك إنشاء الاتحادات على ارض الجزائر، وعندما عادت السلطة الوطنية كان خيرة خريجي الجزائر هم الذين ساهموا في بناء مؤسسات السلطة الوطنية.
وختم كلمته بالقول:" إن الحديث عن الجزائر ودعمها ومساندتها للفلسطينيين يطول ويحتاج إلى ساعات بل أيام لكي نوفي الجزائر قيادة وشعبا حقها علينا".
وفي الجانب العسكري من العلاقات، أكد الفرا على دور الجزائر في دعم ومساندة الثورة الفلسطينية على مدار كفاحها الطويل، من خلال تجربته الشخصية فهو أحد العسكريين في الثورة الفلسطينية الذين تخرجوا من أعرق الأكاديميات العسكرية في الجزائر وهي أكاديمية شرشال.
وقال: "من تلامس تجربتي المتواضعة كوني خريج الأكاديمية العسكرية أقول وبلا مجاملة أننا كنا نحظى باهتمام قد يفوق في كثير من الأحيان الاهتمام بالطالب الجزائري، وقد أفادونا بتجربتهم الغنية في الحرب التحررية".
وأضاف:" ان الجزائر شرعت بتكوين إطارات للثورة الفلسطينية بعد الاستقلال مباشرة، وقد فتحت في هذا الإطار كافة مدارسها ومعسكراتها أمام قوافل الفدائيين"، وأشار إلى أن الثورة الفلسطينية حظيت بالدعم اللوجستي الدائم وخاصة في حقبة تواجدها في لبنان من سلاح وذخائر وتموين.
ونوه إلى الوضع الفلسطيني بعد خروج الثورة من لبنان، إذ انتقلت القوات الفلسطينية على دفعتين للجزائر، الأولى من بيروت، والثانية من طرابلس، وهنا ازداد التكوين في الجزائر وفي مدارسها المختلفة، وان جميع قواتنا التي كانت موجودة في الجزائر هي قوات مظلية وعلى استعداد دائم للقتال، وبعد العودة إلى الوطن عام 1994 ورغم الظروف القاسية التي كانت تمر بها الدولة الجزائرية إلا أن هذا لم يثنيهم عن تقديم الدعم العسكري لنا من عتاد وسلاح، مما جعل القوات القادمة من الجزائر قوات مميزة.
ومن جانب آخر تحدث المحامية حنان الشيبي باسم الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، قائلة: لنا الشرف أن نقف أمامكم على هذا المنبر وفي هذا الصرح الثقافي مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير، وعلى هذه الأرض المباركة أرض الأنبياء والشهداء، لكي أنقل لكم تحيات أخوتي المناضلات الجزائريات معبرين عن محبتنا وفخرنا واعتزازنا بكم وبنضالكم ووقوفهم معكم جنبا إلى جنب في قضيتكم العادلة.
وتناولت في كلمتها تاريخ نضال المرأة الجزائرية من انخراطها في الثورة الجزائرية عام 1954، وقدمت العديد من الشهيدات على مذبح الحرية والاستقلال، وبعد الاستقلال انخرطت المرأة الجزائرية في جميع المجالات لبناء الدولة الجزائرية.
وتحدثت الشيبي عن الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات مؤكد انه ومنذ تأسيسه في عام 1944 كان من أهدافه مساندة المرأة الفلسطينية والمرأة العربية في نضالهن ضد الاحتلال، وتعريف المجتمع العربي والدولي بمختلف الوسائل المعرفية الحديثة بالقضايا القومية المعاصرة لمناصرتها، وتعزيز الدور الحضاري والإنساني للمرأة العربية.
وأشارت إلى انتشار فروع الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات حول العالم ومن بينها فلسطين من أجل النهوض بالمرأة الجزائرية والعربية.
وأكدت في ختام كلمتها أن القضية الفلسطينية هي قضية كل الشعوب العربية، وان الجزائر وفلسطين رصاصتان في بندقية واحدة، وأن الجزائر في الماضي والحاضر والمستقبل ستبقى مع فلسطين ولن تتخلى عنها، فالجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة.