معكرون: الإدارة الأمريكية هي الأقل معرفة بالشرق الأوسط

جلسة حوارية

نظمت مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية جلسة حوارية بعنوان "السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية" عبر السكايب مع جــو معكرون؛ المحلل السياسي في المركز العربي لنزاعات الشرق الأوسط في واشنطن وفي وويست بوينت، وسابقاً في مركز كولين باول للدراسات السياسية في معهد سيتس كوليدج في نيويورك، وذلك بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية ضمن مشروع “إبقاء القضية الفلسطينية على الأجندة السياسية الإقليمية والدولية”.

ورحب ﻋﻤﺮ ﺷﻌﺒﺎﻥ مدير ﺑﺎﻝ ﺛﻴنك للدراسات الاستراتيجية بالحضور ﻣﻦ النشطاء السياسيين ﻭﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴين، وفق بيان وصل وكالة "سوا" الإخبارية نسخة عنه، وأكد على سعي مؤسسة بال ثينك المستمر نحو إبقاء التواصل مع العالم والمجتمع الدولي بالرغم من كل التحديات في قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة؛ وذلك بالديمومة على عقد جلسات تفاكر بهدف ربط وتعزيز تواصل غزة وفلسطين مع العالم.

وأشار شعبان إلى أهمية الشراكة مع مؤسسة مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية وجهودها في تعزيز الوعي الفلسطيني لتكون فهم أعمق للموقف الغربي تجاه القضية الفلسطينية.

وبدوره، بيَن أﺳﺎﻣﺔ عنتر مدير برامج ﻣﺆﺳﺴﺔ فريدريش ﺇﻳﺒﺮﺕ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ فعّالية الشراكة مع بال ثينك وأهمية التعاون لإنجاح مثل هذه المشروعات؛ حيث أن حلقات النقاش المستديرة أسلوب ناجح جداً في تعزيز الوعي ومن خلال الحوار والنقاش البناء، وذلك خاصة أن الجانب الفلسطيني يعاني من نقص كبير وتقصير في مدى فهم الموقف الغربي بالشكل الكافي الذي يدعم العلاقات الفلسطينية الدولية واتخاذ القرار.

وأكد عنتر أنه من الضروري في ظل الأحداث السياسية القائمة التصدي لفزّاعة صفقة القرن وعدم الخضوع للسياسات الإملائية الغربية.

وتناولت الجلسة عدة محاور أهمها: مؤتمر وارسو وتداعياته، القضية الفلسطينية وصفقة القرن ، والرؤية الأمريكية لقضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.

ومن جهته، أوضح معكرون ما يتعلق بمؤتمر وارسو وتداعيته، وأن فكرة المؤتمر الأولية كانت ردة فعل لاستيعاب تداعيات قرار ترامب المفاجئ بالانسحاب العسكري من سوريا على حلفاء واشنطن في المنطقة وبالتالي كان هناك حاجة لرص الصفوف؛ لكن هذا المؤتمر وفي صورته الأشمل هو تكريس لمحاولة إدارة ترامب بناء تحالف عربي إسرائيلي، لردع إيران حتى قبل إيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.

وذكر أن الإدارة الأمريكية الحالية تختلف بشكل كبير عن الإدارات السابقة بما فيها إدارة أوباما في مقاربتها للشرق الأوسط والعلاقة مع إيران والقضية الفلسطينية، وتميل إلى التخلي عن إعطاء انطباع بلعب دور الوسيط المحايد في عملية السلام.

ولفت إلى أن إدارة ترامب كأنها تسعى إلى أن يدفع الفلسطينيون ثمن هذا لتحالف العربي-الإسرائيلي لردع إيران عبر تجريدهم من أوراقهم التفاوضية حتى قبل طرح خطة السلام، وبالتالي لا بد من فك الارتباط بين محاولات إدارة ترامب لردع إيران وجهود حل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وقال:" في الحقيقة إن القضية الفلسطينية ليس على قائمة أولويات الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي؛ حيث أن تركيز ترامب هو على أزمته الداخلية ومحاولات ردع إيران عبر حرب نفسية وضغوط دبلوماسية واقتصادية لجر طهران إلى طاولة المفاوضات؛ مع العلم أن هناك قرار أمريكي بتجنب المواجهة العسكرية مع إيران في وقت لا يزال تشارك النفوذ قائما بين الطرفين في العراق ولبنان".

أما فيما يتعلق بقضية صفقة القرن ومعالمها التي يغلب عليها طابع السرية؛ حيث أنه من الإعجاز أن يكون هناك خطة سلام لا يعلم عن تفاصيلها طرفي النزاع، خاصة أن ذلك يأتي في ظل عدم وجود رعاية دولية، ورئيس وزراء يميني في إسرائيل مصالحه متقاطعة مع رئيس جمهوري في واشنطن يوفر له دعم سياسي مطلق على عكس ما كانت العلاقة المتوترة بين أوباما ونتنياهو.

جهود صفقة القرن مصيرها الفشل وهذا بالفعل ما يدركه نتنياهو لكنه يتجنب الإبداء باعتقاده حتى لا يتحمل مسؤولية هذا الفشل وبالتالي يجاري الرئيس الأمريكي وإدارته، معربا عن استعداده لقبول جهود السلام المطروحة. والتحدي أمام الفلسطينيين ليس مهمة إفشال صفقة القرن بل محاولة تفادي تحملهم وحدهم المسؤولية الكاملة لهذا الفشل.

وفي الوقت ذاته هناك تحدي أكبر للفلسطينيين وهو عدم الانجرار إلى لعبة الاختيار ما بين المعسكر الأمريكي والتحالف بين روسيا وإيران وتركيا.

ورأى معكرون أن محاولات إدارة ترامب معاقبة الضفة الغربية وإطلاق مشاريع في قطاع غزة تهدف إلى تعزيز الانقسام الفلسطيني بدل التشجيع على المصالحة، وهي خطوة تحاكي مقاربة جورج بوش الابن الذي كان يرسل المساعدات إلى الضفة الغربية ويقطعها عن غزة.
واعتبر انه إذا لم تتوفر متطلبات المصالحة كأولوية فلسطينية، على الأقل ان يكون هناك نعم او لا مشتركة في التعامل مع صفقة الفرن.

وذكر أن هناك اتجاهات جديدة أثرت على القضية الفلسطينية في العقد الأخير، لا سيما تراجع القضية الفلسطينية كأولوية عربية بعد عام 2011 وبروز تحالفات جديدة في المنطقة وانحسار معسكر السلام في إسرائيل وتكريس الانقسام الفلسطيني والتحول في المزاج العام الأميركي حيال إسرائيل في ظل التحولات الديمغرافية وصعود اليسار.

صفقة القرن قد تعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، والتحدي أمام الفلسطينيين هو الصمود وتجاوز الانقسام الداخلي كما هناك حاجة ملحة لإعادة صياغة أدوات العمل المشترك والتخاطب مع الخارج وإعادة تسليط الضوء والاهتمام الأمريكي والدولي على القضية الفلسطينية.

أما فيما يتعلق بنظرة المجتمع والرأي الأمريكي العام؛ إن الرأي الأمريكي يميل منذ الركود الاقتصادي عام 2008 الى التركيز على القضايا الداخلية، لا سيما في ظل الصراع الأيديولوجي الدائر بين المحافظين والليبراليين، وبالتالي القضية الفلسطينية وغالبية قضايا السياسة الخارجية ليست على رادار الأميركيين. لكــن هذا يعني أن لابد من بذل جهود أكبر لأجل إعادة الاهتمام للقضية الفلسطينية وذلك يتم من خلال تنشيط دور المنظمات العربية الأمريكية وعملها للضغط والترويج للقضية الفلسطينية.

وقد طرح المشاركون الكثير من الأسئلة القيّمة بما في ذلك: كيف يمكن للفلسطينيين التأثير في السياسات الأمريكية الحالية.؟ إلى أي حد يمكن أن تنجح سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال صفقة القرن.؟ ما مخاطر استمرار الانقسام الوطني الفلسطيني واحتمالات انتخاب ترامب لفترة حكم جديدة.؟ ما طبيعة التقارب بين مؤتمر وارسو وهل يمثل مُخرج لما تم تخطيطه في صفقة القرن.؟ ما الأطراف التي تريد السياسة الأمريكية فرضها لحل القضية الفلسطينية.؟ ما مدى تبدل وتغير السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط- تجاه ايران وغيرها؟

ال.JPG
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد