عند وقف مفاوضات التسعة أشهر في 25/4/2014 بقرار إسرائيلي نتيجة لاتفاق الشاطئ الذي مهد لحكومة الوفاق الوطني، حاولت أن أُلَخّص مواقف الحكومة الإسرائيلية بشأن ملفات قضايا الوضع النهائي كافة. الحدود: أكدت الحكومة الإسرائيلية استعدادها للانسحاب من الأراضي المُحتلة عام 1967، مع بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي على طول نهر الأردن وفي مواقع عسكرية محددة في المرتفعات الوسطى.
القدس : الاحياء العربية لدولة فلسطين والمستوطنات الإسرائيلية لدولة إسرائيل، أما الحرم القدسي الشريف فيتم بناء كنيس يهودي فيه، وتكون السيادة مشتركة، على ان يكون حائط البراق الشريف تحت السيادة الإسرائيلية.
اللاجئون: تتم العودة إلى دولة فلسطين، اي إسقاط القرار "194، وحق العودة للاجئين.
المياه: ما استولت إسرائيل عليه من مياه الضفة يكون تحت سيطرتها، وتتم تحلية مياه البحر لتوفير حاجات الجانبين.
الأمن: تستمر السيطرة الإسرائيلية على أجواء فلسطين، وتكون قوات إسرائيل موجودة على المعابر الدولية.
التعويض: طلبوا تعويضات لما سمّوه (اللاجئين اليهود من الدول العربية).
أذكر أنني قلت للوفد الإسرائيلي "ليفني- ميلخو" بحضور المبعوث الأميركي مارتن أنديك، وحضور الأخ الوزير ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية: "أنتم تطرحون حل الدولة الواحدة بنظامين وليس حل الدولتين". "أنتم تطرحون استمرار الاحتلال وبموافقتنا، وما تطرحونه مخالف للمرجعيات والقانون الدولي والشرعية الدولية، ولو انتظرتم ألف عام لن تجدوا فلسطينيًا يوافق على ما تطرحونه".
أدرك الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة "فتح"، وكذلك قيادة حركة " حماس " وحركة "الجهاد"، حيث شرحت لهم ما آلت إليه المفاوضات، وعدم وجود أية إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام مع الحكومة الإسرائيلية.
تم إقرار استراتيجية فلسطينية لمواجهة إصرار الحكومة الإسرائيلية على إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، فكما نضع استراتيجية وضعت إسرائيل استراتيجية ارتكزت على ثلاث ركائز:
أ-إبقاء السلطة الفلسطينية لكن من دون سلطة.
ب-إبقاء الاحتلال الإسرائيلي من دون كُلفة.
ت-إبقاء قطاع غزة خارج إطار الفضاء الفلسطيني، لأن إسرائيل تُدرك أن لا دولة من دون قطاع غزة ولا دولة في قطاع غزة.
بالفعل جردت الحكومة الإسرائيلية السلطة الوطنية من ولايتها القانونية والاقتصادية والأمنية، وعلى الأرض، وسعت ولا تزال إلى تحويل وظيفة السلطة من سلطة ولدت لنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، إلى سلطة وظيفية تسيّر حياة الشعب الفلسطيني اليومية. وتحت السيطرة الكاملة لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ولإبقاء قطاع غزة خارج إطار الفضاء الفلسطيني، شنّت الحكومة الإسرائيلية حربها الإجرامية على قطاع غزة، ليس ضد هذا الفصيل أو ذاك، وانما ضد المشروع الوطني الفلسطيني.
الاستراتيجية الفلسطينية تمثلت بتدويل القضية الفلسطينية، وكسر الوضع القائم وصولًا إلى تغييره جملة وتفصيلًا.
ويتم إقرار ركائز هذه الاستراتيجية فلسطينيًا وعربيًا، وعناصر هذه الاستراتيجية هي:
1- استصدار قرار من مجلس الأمن يؤكد أن المرجعيات والقانون الدولي، أي دولة فلسطين صاحبة السيادة، ناجزة الاستقلال على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها.
2- دعوة الأطراف المُتعاقدة السامية لمواثيق جنيف لعام 1949 للانعقاد، والتأكيد على إنفاذ وتطبيق هذه المواثيق على الأراضي الفلسطينية المحتلة "أي الضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".
3- دعوة السكرتير العام للأمم المتحدة للعمل على إنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني في "الضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".
4- الانضمام للمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات الدولية وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية.
5- السعي للحصول على الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، وبعاصمتها القدس الشرقية، وخاصة من دول الاتحاد الأوروبي التي لم تعترف بعد، وذلك على ضوء التغييرات الايجابية للرأي العام في أوروبا.
6- توسيع دائرة التعاون مع الاحزاب والحركات السياسية والمنظمات الشعبية ومؤسسات المجتمع الدولي إقليميًا وقاريًّا ودوليًا، وذلك لحشد أكبر دعم لعزل سلطة الاحتلال وتعزيز تدويل القضية الفلسطينية.
7- داخليًا:
أ- الإسراع في إزالة الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، إذ يُشكل ذلك نقطة ارتكاز للاستراتيجية الفلسطينية.
ب-استمرار بناء مؤسسات الدولة وتعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني، وتعزيز وتقوية المقاومة الشعبية السلمية.
كنا نعرف أن مشروع القرار العربي لن يمر عبر مجلس الأمن، إما بعدم تمكيننا من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة، أو استخدام أميركا "الفيتو". مجلس الأمن ليس سوى انعكاس لأعضائه، والولايات المتحدة الأميركية أفشلت مشروع القرار. وهذا يجب ألا يعني ألا نكرر المحاولة، فهذا حق يجب ممارسته. ففي عام 1951، طرحت اليابان عضويتها للأمم المتحدة على مجلس الأمن واستخدم الاتحاد السوفييتي "الفيتو"، فقدمت الطلب ست مرات متتالية خلال ستة أيام وحصلت في كل مرة على "فيتو".
الاطراف المتعاقدة السامية لمواثيق جنيف اجتمعت يوم 18/12/2014، في جنيف وأصدرت بيانًا أكدت فيه انطباق مواثيق جنيف على الأراضي الفلسطينية المحتلة "الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة".
السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، تسلّم رسالة الرئيس محمود عباس الذي طلب منه العمل على إنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
يوم 31/12/2014، وقّع الرئيس محمود عباس صك الانضمام لـ 18 ميثاقًا دوليًا، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية، التي أعلن السكرتير العام للأمم المتحدة، أن دولة فلسطين قد استكملت متطلبات الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية كافة، وأنها ستصبح عضوًا كاملًا يوم 1/4/2015.
على صعيد الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، فلقد اعترفت مملكة السويد، وصوّتت برلمانات بريطانيا، ايرالندا، فرنسا، لوكسمبرغ، اسبانيا، الدنمارك، وفي نهاية هذا الشهر إيطاليا، لمصلحة الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، فكما يعرف الجميع فإن هناك ثورة حقيقية في الرأي العام الأوروبي لمصلحة القضية الفلسطينية، ورفضًا لإسرائيل وسياساتها، واحتلالها، وما تكرسه من نظام "ابرتهايد" أعمق وأخطر مما كان عليه وضع جنوب أفريقيا إبّان سطوة نظام الأبرثايد العنصري هناك. إلى ذلك لا بد من استمرار الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية لاستقطاب وتوسيع دائرة التأييد لفلسطين من الأحزاب والحركات والمنظمات الشعبية ومؤسسات المجتمع الدولي إقليميًّا وقاريًّا ودوليًّا.
أما بالنسبة للوضع الداخلي الفلسطيني، فإن لم نساعد أنفسنا لن يُساعدنا أحد. فالضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة مُحتلة من قبل إسرائيل. ولا يوجد ما نختلف حوله او نقتتل حوله، وعندما نختلف لا نلجأ إلى صناديق الرصاص، بل نعود إلى صناديق الاقتراع.
فلسطين التي نريد، سوف تكون دولة المحاسبة والمساءلة والمكاشفة، دولة الحريات الخاصة والعامة الفردية والجماعية، حرية المرأة، التعددية السياسية، حرية العبادة. فالشعب الفلسطيني لن يرى بعيون حكومته أو يسمع بآذانها أو يتحدث بلسانها.
اليوم أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى كل طاقاتنا وإمكاناتنا، فلا فرق بين فلسطيني وآخر أي كان مكان وجوده في القارات الخمس إلا بمقدار ما يقدمه من خدمات لإعادة فلسطين إلى خريطة الجغرافيا. كل في مجال تخصصه وقدارته وإمكاناته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية