عاصف المناخ السياسي، كما هو حال الطقس هذه الأيام، فالكل يرفع من سقف تهديداته وممارساته ضد الكل، مفهوم وان كان غير مقبول أن تصعد إسرائيل من تهديداتها ومن ممارساتها العدوانية الخطيرة، سواء على ساحتي الضفة و القدس ، أو على الساحة «الإيرانية» في سورية، بعد القصف الإسرائيلي لما تدعي الأوساط الأمنية والسياسية في إسرائيل بأنه يستهدف مصانع أسلحة وقواعد إيرانية في سورية يطلق نتنياهو تحذيرات قوية، حين يطالب ايران بالانسحاب من سورية على وجه السرعة لأن إسرائيل ستواصل ملاحقة الوجود الإيراني. 


ثمة أسئلة تتعلق بالحرية التي تتمتع بها إسرائيل في انتهاك سيادة سورية، بذريعة إرغام ايران على إنهاء وجودها هناك. إذ يبدو ان اكثر من طرف فاعل في الوضع السوري، له مصلحة في ذلك. وبالرغم من تكرار عمليات القصف إلا أن منظومة صواريخ اس ٣٠٠، واس ٤٠٠ لم تتحرك للتصدي، ما يدعو للاعتقاد أن روسيا مثلا من الأطراف الفاعلة التي ترى من مصلحتها تخفيف او حتى تجفيف الوجود الإيراني، ودون أي تكلفة من قبل روسيا وأيضا دون ان تدخل في تناقض غير مرغوب مع القيادة الإيرانية.


نتنياهو ورئيس الأركان الراحل آيزنكوت، اعلنا ان إسرائيل قامت بشكل سري بآلاف عمليات القصف، ما يعني ان الإعلان الأخير يدخل مباشرة في حسابات المزايدات الانتخابية لصالح نتنياهو الذي لم ينج بعد من الملاحقة القضائية، وبعد ان فتح له القضاء ملف فساد آخر.


من جهة أخرى، يصعد وزير الأمن الداخلي اردان من تهديداته للسلطة والرئيس محمود عباس وأيضا لحركة حماس .


اردان يتحدث عن مصير للرئيس محمود عباس يشبه المصير الذي تعرض له الرئيس الراحل ياسر عرفات، ويدعو الى عدم السماح له بالعودة الى الضفة في حال خرج منها.
يتهم اردان الرئيس ابو مازن، بأن سياسة التضييق على حركة حماس التي تتبعها السلطة، من شأنها ان تؤدي الى تصعيد الوضع على جبهة قطاع غزة مع إسرائيل، ولكنه يحذر حركة حماس من المبادرة للتصعيد بأن خطة احتلال قطاع غزة جاهزة في أدراج الحكومة.


يتحدث اردان عن أن إسرائيل جاهزة لإعادة احتلال قطاع غزة إذا حاولت «حماس» تجاوز الخطوط الحمراء، لكنه لا يحدد ماهية هذه الخطوط.


في تصريحات اردان ما يشبه الاعتراف الرسمي العلني من ان الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة عن اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات الأمر الذي يستدعي الحذر من ناحية، وفضح هذه السياسة الإسرائيلية الرسمية بشأن ملف اغتيال الشهيد عرفات من ناحية ثانية.


التهديدات للرئيس وللسلطة، لم تعد مجرد تصريحات نظرية، ذلك ان إسرائيل لم تتوقف عن سياسة إضعاف السلطة ربما تمهيدا لتفكيكها او تحويلها الى بلدية كبيرة، فضلاً عن تكثيف الاستيطان والاعتقال، والمداهمة التي لا تتوقف.


على الجانب الآخر، تواصل السلطة تهديداتها باتخاذ المزيد من الإجراءات بحق حركة حماس، فبعد نجاحها في منع الأموال القطرية من الدخول الى غزة، ومنع وفد «حماس» من الخروج الى موسكو، فإن معبر رفح شبه مغلق إلا للعائدين، بعد وبسبب سحب موظفي السلطة من المعبر.


يمضي الوقت والسلطة لم تقدم إجابتها على الرسائل التي حملها الوفد الأمني المصري، بشأن إمكانية عودة الموظفين ما يتيح فتحه وفق الآلية التي كانت معتمدة قبل مغادرة الموظفين، ما يعني ان المعبر سيكون شبه مغلق.


الحرب مستعرة بين الطرفين «فتح» و»حماس»، والحملات الإعلامية، على اشدها، وبأسوأ العبارات، وأقوى الاتهامات فيما لا يعرف احد ماهية الخطوات والإجراءات التي ستتخذها السلطة لمحاصرة «حماس» والضغط عليها.


من الواضح ان «حماس» التي لا تستطيع الإيفاء باستحقاقات رواتب موظفيها منذ بضعة اشهر، ستكون أمام خيارات صعبة للغاية، فيما لو أقدمت السلطة على اتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية.


المعالم بدت واضحة في الصراخ المستمر، والمتعالي من ان المستشفيات بدأت تفقد قدرتها على تقديم الخدمة، بسبب أزمة الوقود، لكن أحداً لم يستجب حتى الآن لا من العرب ولا من المجتمع الدولي الذي قلص من الهبات حتى الإنسانية المخصصة لقطاع غزة.


مسيرات العودة باتت تراوح مكانها فبعد نحو عشرة اشهر من انطلاقها لم تنجح حتى الآن في كسر الحصار، إذ لم تلتزم إسرائيل بما تعهدت به للوسيط المصري مقابل التهدئة.
تهدد فصائل المقاومة في غزة، بتسخين الأوضاع على الحدود، في حال استمرت إسرائيل بالتنصل من التزاماتها، الأمر الذي يفتح على إمكانية اندلاع مواجهة ساخنة لا يريدها الطرفان، لكنها قد تصبح أمراً لا مفر منه.


وعلى خط مواز، أقدمت حركة حماس على خطوات غير منطقية وتتعارض مع ابسط قواعد العمل السياسي، ودون ان تحقق الجدوى من ورائها. 


لن يتجاوز تأثير رسائل كتلة التغيير والإصلاح الى البرلمانات العربية والدولية، سوى الفعل ذاته فهذه معظمها ان لم يكن كلها تواصل التعامل مع الشرعية الفلسطينية والمجلس الوطني، كبرلمان للشعب الفلسطيني، اما الخطوة الأسوأ والتي تتعارض مع أصول العمل السياسي فتتجلى في إرسال ثمانين مؤسسة، تنصلت منها شبكة المنظمات الأهلية، للأمم المتحدة لتبلغها بعدم شرعية وأهلية الرئيس محمود عباس، واضح ان الأثر صفر، فلقد تسلم الرئيس باسم فلسطين مسؤولية مجموعة الـ77 + الصين، وأجرى كل اللقاءات الرسمية البروتوكولية على مستوى قمة الأمم المتحدة، وكأن لا احد قرأ او استمع الى نداء المؤسسات الاجتماعية التابعة في الأغلب لحركة حماس.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد