أنهى رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية السابق غادي ايزنكوت ولايته التي استمرت لخمس سنوات بالإنجاز الأكثر أهمية بنظر العديد من الاستراتيجيين الإسرائيليين، ويتمثل هذا الإنجاز بعدم خوض الجيش الإسرائيلي لأي حرب واسعة «غير ضرورية لا في الشمال ولا في الجنوب» وأن الحفاظ على هذا الإنجاز من قبل رئيس الأركان الجديد الجنرال افيف كوخافي سيكون أحد أهم التحديات التي ستواجهه فور تسلمه مهماته يوم أمس، في ظل ظروف جديدة مختلفة، ذلك أن إسرائيل تستعد لعقد انتخابات برلمانية مبكرة في ظروف سياسية غير مستقرة في وقت لاتزال حقيبة الأمن مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اثر استقالة ليبرمان، مع شكوك متزايدة في الإوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل حول مدى جاهزية الجيش لشن حرب على أي جبهة من الجبهات، الشمال والجنوب وإيران.
من مضمون «ورقة موقف» صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب بمناسبة تسلم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي مهامه، هناك عشرة تحديات تواجه الجنرال الجديد، من بينها التهديد النووي الإيراني واستمرار الغارات الإسرائيلية على سورية، والاستعداد لحرب في الشمال متعددة الجبهات، وبناء قوة عسكرية للاجتياحات البرية، ومنع التدهور في الضفة الغربية، والحفاظ على ثقة الجمهور بالجيش، وإعادة التعاون والتنسيق بين رئيس الأركان والمستوى السياسي، وتنظيم العلاقة مع خيارات المناطق العسكرية، واستبدال خطة جدعون القاضية بتقليص عدد الفرق العسكرية وتطوير أداء القوات الخاصة والكوماندوز، بخطة جديدة، مغايرة، واحتمالات التصعيد في قطاع غزة .
ولعل أول هذه التحديات، يتمثل في قطاع غزة يوم الجمعة القادم على ضوء تأجيل إدخال أموال المنحة القطرية لحركة حماس ، وكوخافي ليس غريباً عن قطاع غزة، فقد قام بقمع الانتفاضتين الأولى والثانية بينما كان مسؤولاً عن الحروب الثلاث عليه عندما كان قائداً لوحدة غزة، وفي ذلك الوقت تم تنفيذ ما تسميه إسرائيل «فك الارتباط» عن قطاع غزة، إلا أن الأهم من ذلك كله انه كان في موقع المسؤولية كقائد لوحدة غزة عندما وقع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت أسيراً لدى المقاومة الفلسطينية، لذلك دعا بعض الاوساط الى مراقبة اداء كوخافي بشكل عام، وكيفية تعامله مع تحديات قطاع غزة على وجه الخصوص على ضوء العلاقة الانتقامية المحتملة، في ضوء تجربته الماضية التي تتلخص في عدم التردد في استعمال القوة المفرطة بشكل دائم في المواجهات والحروب، خاصة وان هذه التجربة تشير الى عدم اخذ الاحتياطات اللازمة لتجنيب السكان المدنيين ويلات هذه القوة المفرطة بحيث انه لا يحسب اي حساب لهم.
أثناء عملية «السور الواقي» عام ٢٠٠٢، عندما كان كوخافي قائداً لفرقة المظليين، سيطرت قواته على مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين من خلال التحرك عن طريق الجدران وعبر فتحات جدران المنازل التي أحدثتها جرافات الاحتلال. المحاضر الجامعي والباحث المتخصص في مثلث العلاقات، الجيش والمجتمع والسياسة البروفيسور ياغيل ليفي، ينسب لكوخافي مصطلح «الهندسة المقلوبة» الذي يشرعن اختراق البيوت عن طريق إحداث فتحات في الجدران، يذهب ضحيتها المدنيون أساساً، ودون الحاجة الى اي تبرير عسكري او أخلاقي.
لذلك، فإن تحديات التصعيد في قطاع غزة، وعلى ضوء ملامح انتقامية تستخدم بها القوة المفرطة، ليس كلما اقتضى الامر، ولكن كلما كانت هناك مواجهة، فإن امكانية انتقام كوخافي في قطاع غزة قد تشجع على تصعيد المواجهة والحرب الى «احتلال» تسمح له بممارسة انتقامه وساديته.
إلا أن الوضع الإسرائيلي الداخلي غير المستقر بالنظر الى الانتخابات البرلمانية من ناحية، وتقلد رئيس الحكومة منصب وزير الجيش في ظل جملة من التحقيقات والاتهامات، وانعدام الأفق السياسي على الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، كلها تحديات أمام كوخافي من الصعب اجتيازها بسهولة، ما يضعه في مواقف تتطلب عدم التسرع، وهي صفة لا يمتلكها كما تشير الصفحات العديدة، التي تم تناول سيرته الشخصية من خلالها، رغم ان ترشيحه لمنصب رئاسة الأركان تم من خلال وزير الجيش السابق ليبرمان الأكثر تردداً وحرصاً من الناحية العملية رغم تسرعه في إطلاق الشعارات والتهديدات، وكوخافي بحاجة الى تردد ليبرمان، اكثر من حاجته الى استنساخ تصريحات وزير الحرب السابق!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية