تتحدث وسائل الإعلام عن زيارة لرئيس السلطة محمود عباس إلى تركيا في (١٢ و١٣ ) من الشهر الجاري بناء على دعوة رسمية من الرئيس التركي أردوغان. وتقول المصادر إن الطرفين سيبحثان في العلاقات الثنائية، وفي المساعدات التركية، وفي خطوات عمل السلطة في مجلس الأمن، وفي محكمة الجنايات، وتداعيات ذلك على الملف الفلسطيني، وسيجتمع عباس مع خالد مشعل المتواجد الآن في العاصمة التركية.
ما يهمني أولاً وأخيراً في هذه المقاربة هو: خبر اجتماع محتمل بين مشعل وعباس، وأنا أدعو الطرفين لهذا اللقاء لغرض وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بملف ما يسمى بحكومة التوافق، وما يتعلق بملف المصالحة. لأن ثمانية أشهر مضت بين ( أبريل وديسمبر ) من العام المنصرم كافية جداً، بل وأكثر من كافية، للصبر على قسوة المعاناة التي تعانيها غزة ، لا من المحتل، ولكن من سياسة عباس، وإهماله لغزة، وتقييده لعمل الحكومة في غزة بشكل إيجابي.
لقد ملّ الموظفون من طول الانتظار، وشربوا المرّ من تصريحات وبيانات حكومة ما يسمى بالتوافق، وقد تجاوزت مرارة البيان الأخير مرارة العلقم، حتى وإن تنصل وزراء من الحكومة منه، حين نسبوه إلى الأمين العام لمجلس الوزراء، وأنه كان إملاء من مكتب رئيس السلطة نفسه؟!. حتى ولو صح هذا القول بنسبة مائة في المائة، فإن البيان في وسائل الإعلام صادر باسم الحكومة، التي وصفها الحمد الله بأنها حكومة الرئيس؟! ثم ماذا فعل الحمد الله لمن أصدر هذا البيان بدون علم الوزراء؟! ثم ماذا فعل الوزراء الذين تنصلوا من البيان والمسئولية عنه؟!
الأسئلة الجدلية كثيرة، والإجابة لم يفعل أحد شيئاً، وما زالت الأمور في جيب الساحر( عباس)، ولا ندري هل سيخرج لنا منها فأراً، أم جملاً؟!
يحسب الناس أن مشكلة غزة مع رئيس السلطة، وحكومة التوافق، تنحصر في رواتب الموظفين؟! وهذا حسبان مخلّ جداً. مشكلة غزة أكبر من الرواتب ومن الموظفين. مشكلة غزة أن عباس أهملها، وألغى وجودها، وهمش كل مطالب الحياة والسكان فيها، وكان هذا قبل اتفاق الشاطئ وبعده، وربما يبقى بعد لقاء خالد مشعل، وإن كنت أتمنى أن يصل الطرفان إلى حل مقبول بوساطة تركية، غير أن موانع الحلّ ونجاح الوساطة على المستوى الفلسطيني والعربي ما زالت قائمة، ولا أتوقع من عباس قراراً يتجاوز فيه هذه الموانع بشقيها الذاتي والخارجي.
غزة حرس الله أهلها، وحماهم من الكارهين والمعتدين، تطلب هذا اللقاء، وتطلب أن يكون لقاء جاداً يضع النقاط على الحروف: إما مصالحة وشراكة، وإما لا مصالحة ولا شراكة؟!، وعندها على مكونات الوطن أن تبحث في الحلول البديلة، وأهم هذه الحلول : الذهاب الفوري إلى انتخابات رئاسية وتشريعية لتجديد الشرعيات المنتهية، وإنشاء شرعيات جديدة بإرادة شعبية ، وبرامج سياسية وإدارية ومالية تحلّ مشاكل الوطن، ومشاكل القرار الفلسطيني، وعلى رأس ذلك مشاكل غزة وفي مقدمتها الإعمار و مشكلة الموظفين ، وحق غزة في الموازنة العامة، وحقها في أموال المقاصة التي تجبى عن البضائع التي تدخل إلى غزة، والتي تقدر في بعض المصادر بسبعين مليون دولار شهرياً.
غزة تناشد خالد مشعل أن يحرص على اللقاء، وأن يكون لقاء جاداً يضع النقاط على الحروف، وأن يكتب الطرفان ما يتم الاتفاق عليه، مع التوقيعات. لقد ملّ الشعب المناورات، وكره السياسة، بعد أن عجز الآباء عن توفير حليب الأطفال للرضع من أبنائهم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية