مركز حقوقي: قرار حل التشريعي صادر عن محكمة مطعون في شرعيتها

جدل حول قرار حل المجلس التشريعي

أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان اليوم الاثنين ان المحكمة الدستورية التي أصدرت قرار حل المجلس التشريعي الفلسطيني هي محكمة مطعون في شرعيتها لظروف تشكيلها في ظل الانقسام من قبل الرئيس الفلسطيني الذي من المفترض أنه مسير أعمال لحين عقد الانتخابات الرئاسية التي استحقت منذ العام 2010 ولم تعقد للآن.

نص البيان كما وصل وكالة سوا الاخبارية

المجلس التشريعي يحتاج قرار سياسي لإعادة تفعيله وليس قرار قضائي لحله

يتابع المركز بقلق بالغ تصريحات الرئيس الفلسطيني، التي أدلى بها يوم السبت الموافق 22 ديسمبر 2018، وقال فيها: "اتخذت المحكمة الدستورية قراراً بحل المجلس التشريعي وإجراء الانتخابات التشريعية، وسوف ينشر القرار في جريدة الوقائع الفلسطينية (الجريدة الرسمية) وسنلتزم بتنفيذ القرار." وكانت المحكمة قد أصدرت القرار الاستشاري بناء على طلب وزير العدل، بإيعاز من الرئيس الفلسطيني.

ولاحقاً، صرح وزير العدل، السيد على أبو دياك، أن ما صدر عن المحكمة الدستورية هو قرار تفسيري رقم (10 /2018) بتاريخ 12 ديسمبر 2018. وإن قراراها في حل المجلس استند إلى أن "شرعية وجود المجلس التشريعي تكون بممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية ونظرا لعدم انعقاده منذ سنة 2007 يكون قد فقد صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي." كما أضاف بأن المادة (47 مكرر) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2005، والتي تنص على بقاء المجلس إلى حين تسلم المجلس الجديد مهامه، تتطلب وجود انتخابات دورية تعقد كل أربع سنوات.

وقد علق راجي الصوراني المحامي، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، على القرار بقوله: "إن قضية المجلس التشريعي هي قضية سياسية بامتياز أكثر منها قضية قانونية. إن ما قام به الرئيس الفلسطيني من الإيعاز لوزير العدل لطلب رأي تفسيري من المحكمة، ومن ثم صدور رأي استشاري لتبرير حل المجلس، ليتعهد الرئيس بعدها بتنفيذه، هو تغول وتواطؤ واضحين بين السلطتين القضائية والتنفيذية ضد السلطة التشريعية، سيقود بيقين إلى تدمير النظام السياسي الفلسطيني، وذلك بدلاً من تصحيح الوضع القائم."

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يرى في الإقدام على هذه الخطوة تدهوراً خطيراً، في الوقت الذي يتنظر فيه الشعب الفلسطيني التحرك نحو إنهاء الانقسام ورفع العقوبات عن قطاع غزة ، وليس اتخاذ مزيد من القرارات السياسية التي من ِشأنها تعزيز الانقسام.

ويشدد المركز على أن محاولات تخريج القرار في صورة قانونية لن يغير من حقيقة وطبيعة النزاع السياسي، والتوظيف السيء لأدوات القانون في هذا الصراع الذي بدأ منذ قيام السلطة الفلسطينية وتصاعد في اعقاب الانتخابات الفلسطينية في العام 2006.

يؤكد المركز رفضه الكامل لاستغلال الوسائل القانونية والسياسية للطعن في التمثيل السياسية الفلسطيني على المستوى الدولي، سواء من قبل الرئيس الفلسطيني أو من قبل المجلس التشريعي. ويتخوف المركز أن يكون قرار الرئيس الفلسطيني جاء رداً على محاولات كتلة التغيير والإصلاح الطعن في شرعيته أمام الجهات الدولية. فقد سبق وأن قدمت كتلة التغيير والإصلاح عريضة لأمين عام الأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيروس، قبيل خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة في العام 2017، حرضت فيها ضد الرئيس الفلسطيني مدعية أنه منتهي الولاية ولا يمثل الشعب الفلسطيني.

يؤكد المركز أن المحكمة الدستورية التي أصدرت قرار حل المجلس التشريعي الفلسطيني، هي محكمة مطعون في شرعيتها لظروف تشكيلها في ظل الانقسام من قبل الرئيس الفلسطيني الذي من المفترض أنه مسير أعمال لحين عقد الانتخابات الرئاسية التي استحقت منذ العام 2010، ولم تعقد للآن. وبالتالي، ليس له إصدار قرارات بقانون مصيرية، مثل تشكيل محكمة دستورية، بل وتعديل القانون الخاص بها ليضمن سيطرته عليها.

المحكمة الدستورية التي شكلها الرئيس بقرار منه قد أظهرت عدم استقلاليتها في أكثر من قرار سابق، حيث داومت على إطلاق يد الرئيس الفلسطيني واعطائه صلاحيات تشريعية مطلقة، بل واعطته صلاحية رفع الحصانة عن أعضاء المجلس التشريعي. واليوم نجد المحكمة تتجاهل انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني، وتصدر قراراً استشارياً يطيح بالسلطة التشريعية، بالرغم من أن كلاهما قد انتهى ولايته التمثيلية منذ العام 2010. ويأتي هذا القرار الإستشاري في ظل سياسة ممنهجة اتبعتها مؤسسة الرئاسة للسيطرة على القضاء الفلسطيني، كان أبرز معالمها الإطاحة برئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، السيد سامي صرصور، والذين تبين أنه موقع استقالته قبل تسلمه منصبه،[1] وكذلك قيام الرئيس الفلسطيني بتشكيل المحكمة الدستورية وتعديل القانون الخاص بها ليضمن سيطرته التامة عليها.[2]

يؤكد المركز أن استصدار قرار بحل المجلس التشريعي سيساهم في تعزيز الانقسام ويعمقه. ويتخوف المركز من استغلال دعوة المحكمة لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال ستة أشهر لإجراء الانتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزة، مما يعني الفصل الفعلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويذكر أن الصراع السياسي قد اشتد بين حركتي حماس و فتح منذ فوز كتلة التغيير والإصلاح بأغلبية كبيرة من مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات التي عقدت في العام 2006، وقد حلت حركة فتح في المرتبة الثانية. وعقد المجلس دورته الأولى بتاريخ 18/2/2006 في جو من المناكفة السياسية بين الكتلتين الكبيرين في المجلس، مما عطل عمل المجلس بشكل كبير. وترتب على ذلك انتهاء الدورة الأولى والوحيدة للمجلس التشريعي الفلسطيني الثاني دون انجازات تذكر على المستويين التشريعي والرقابي، حيث كانت حصيلة الدورة الأولى (التي عقدت من مارس 2006 وحتى يوليو 2007) إقرار قانون واحد، وهو قانون إقرار الموازنة العامة للعام 2006، بالإضافة إلى 9 أسئلة فقط للوزارات المختلفة.

وفي اعقاب الانقسام الدموي، وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، استأثر الرئيس الفلسطيني بإصدار التشريعات، من خلال إصدار قرارات بقانون استناداً إلى المادة (43) من القانون الأساسي، ينحصر تطبيقها في الضفة الغربية.

وبالمقابل عملت كتلة التغيير والإصلاح على الاجتماع في قطاع غزة، واصدار تشريعات ينحصر تطبيقها في قطاع غزة وممارسة مهام باسم المجلس التشريعي، على الرغم من عدم وجود النصاب القانوني اللازم لانعقاد المجلس وعدم دعوة المجلس للانعقاد من قبل الرئيس كما يتطلب القانون.

وقد أكد المركز في حينه وفي أكثر من موضع رفضه لأية تشريعات تصدر في ظل الانقسام، وشدد على أن الرئيس الفلسطيني يتجاوز شرط الضرورة في إصدار قرارات بقانون، وأن اجتماعات كتلة التغيير والإصلاح لا تمثل المجلس التشريعي، وكل ما يصدر عنها ليس تشريعاً.

وفي ظل الأجواء المشحونة التي فاقمها قرار الرئيس الفلسطيني، فإن المركز يطالبه بالتراجع عن قرار حل المجلس التشريعي، حيث إن قرار المحكمة استشاري غير ملزم، والعمل فوراً على إنهاء الانقسام الفلسطيني. ويحمل المركز الرئيس الفلسطيني المسؤولية عن تداعيات قرار حل المجلس وما قد يسببه من فصل كامل لقطاع غزة عن الضفة الغربية وهدم كامل لطموحات وآمال الشعب الفلسطيني وحقه في دولة ديمقراطية مستقلة.

ويحث المركز أعضاء المجلس التشريعي والقوى السياسية والمجتمع المدني على الخروج بموقف واضح من حل المجلس التشريعي لوضع الأمور في نصابها الصحيح بعيداً عن الأهواء السياسية.

يطالب المركز جميع الجهات الدولية والدول الصديقة بالتدخل من أجل وقف مسلسل التصعيد بين حركتي حماس وفتح، وترتيب الأجواء اللازمة من أجل دفع الطرفين لإنهاء الانقسام.

يطالب المركز طرفي الانقسام الفلسطيني بالشروع فوراً في تنفيذ اتفاقات المصالحة التي تم توقيعها بينهما، بما يشمل إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وضمان استقلال القضاء والمحكمة الدستورية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد