حكومة التوافق تعيش وضع حرج للغاية

غزة / خاص سوا/ أعاد التراشق الإعلامي بين حكومة التوافق وحركة حماس إلى الواجهة حالة التوجس والقلق في قطاع غزة من العودة إلى مربع الانقسام الذي لم لم ينته بتشكيل الحكومة قبل سبعة اشهر.


وبعد هذه الفترة من عمر الحكومة يرى الشارع الغزي أن بقاء تلك الحكومة في ظل هذه الأجواء هي مجرد أوهام، متوقعين أن يسمعوا خلال الأيام القادمة أن الحكومة ستحل في غزة أو ستبقى تعمل في الضفة فقط، وتحميل كلاً من حركتي فتح وحماس لبعضهما البعض المسئولية عن فشل تلك الحكومة.


بيان الحكومة


نقطة الخلاف التي أوصلت الفلسطينيين لهذه القناعة هو بيان الحكومة الأخير والذي تنصل صراحة من تسكين موظفي حكومة غزة السابقة على كادر السلطة الفلسطينية، واعتبار حركة حماس أن ذلك البيان يمثل انقلاباً على المصالحة الفلسطينية .


الحكومة وعبر الناطق باسمها "إيهاب بسيسو" أكدت وجود حثيثة تبذل لاحتواء أي أزمة قد تنجم عن أي تصريحات إعلامية من شأنها أن تخلق حالة من البلبلة في الشارع الفلسطيني.


وقال خلال اتصال هاتفي مع وكالة (سوا) الإخبارية، إن هذه الجهود قام بها مجموعة من الوزراء لاحتواء الموقف انسجاماً مع مسؤوليتهم في الحكومة تجاه الشعب الفلسطيني وأهلنا في قطاع غزة، مشدداً على أن بيان الحكومة الأخير صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء.


وطالب بسيسو بمواقف تتعامل مع التحديات بحكمة واتزان بعيداً عن المناكفات والتراشقات الإعلامية التي تضر بمصلحة المواطن وتخلق حالة من البلبلة.


وجدد موقف الحكومة الذي يقضي بالتزامها ومسؤولياتها تجاه جميع المواطنين في كافة محافظات الوطن وعلى وجه الخصوص قطاع غزة، مشيراً إلى أن الحكومة تتطلع لدور ايجابي من قبل القوى الوطنية والإسلامية لدعم جهودها في خدمة المواطنين.


الجهاد: الحكومة لم تقم بدورها


أما حركة الجهاد الإسلامي فترى أنه حتى اللحظة لم تؤد حكومة التوافق ما عليها من واجبات تجاه قطاع غزة، لأن هناك من يعرقل طريقها، لكن ليس (حركة حماس) لأن البعض يتهمها بذلك.


وقال القيادي في الحركة "خالد البطش" قد تخطيء "حماس" في بعض الاجراءات اليومية والترتيبات، لكن على ما يبدو أن هناك قراراً بعدم تشغيل حكومة الوفاق بالتالي الجميع مسئول عن هذه الاعاقة وليس حماس وحدها.


ودعا إلى العودة مرة أخرى لتطبيق اتفاق القاهرة والالتزام بما اتفق عليه، مطالبًا رئيس حكومة الوفاق الوطني "رامي الحمد لله" بعقد جلسة "مع قادة الفصائل للاطلاع على روح الاتفاق وتفاصيله، بما يحل قضية الموظفين بهدوء ودون ضجيج".


وأضاف البطش "على ما يبدو لم يتم شرح الاتفاق لرئيس الوزراء رامي الحمد الله ووزراءه، هم يقرأون من صفحات قديمة بالاتفاق ويتعاملون بالأوراق التي قدمت قبل 4/5/2011"، معتبرًا أن اللجنة الادارية والقانونية للنظر في قضية الموظفين شكلت باجتهاد حكومي ولكنها لن تحل المشكلة".

لجنة قانونية وإدارية

وأوضح البطش أن الاتفاق الخاص بحل أزمة الموظفين حسب اتفاق القاهرة كانت تقوم على تشكيل لجنة قانونية ادارية لإعادة هيكلة الموظفين بعد عام 2007 في غزة والضفة الغربية بحيث تشكل لهذه مهمة لجنة مكونة من ممثلين عن حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل، بالإضافة لوزراء ووكلاء وزراء عن كل وزارة وديوان الموظفين العام، منوهًا إلى مراعاة تشكيلة اللجنة للبعد القانوني والاداري والمهني والتصالحي.


وأردف" لو أنها شكلت منذ بداية تشكيل الحكومة لانتهت من عملها الآن، ولكن ان يبقى الناس رهنا لاجتهادات قد تكون خاطئة وقد تكون بحسن نية اعتقد ان هذا الامر لن يحل المشكلة"، مشيرًا الى أن "الاجتهادات التي تقدمها الحكومة وترفضها حركة حماس والموظفين لن تؤدي إلا لمزيد من التوتر والتراشق الاعلامي على الساحة الفلسطينية".

وقال البطش إن حركته تتابع الأمر عن كثب وتُجري اتصالات حثيثة مع المعنيين لحل أزمة الموظفين، والمعابر، واعادة الاعمار، والكهرباء وكل ما يسهل حياة الناس في غزة، مضيفًا "نحن لسنا منقطعين، بل نريد حل ونمارس دورنا من خلال موقعنا.


لم نغادر مربع الانقسام


المحللون الفلسطينيون رأوا أن ما يجري من تراشق إعلامي يؤكد أن الفلسطينيين لم يغادروا مربع الانقسام أصلاً، "فالحكومة لم تقم بما هو مطلوب منها لاعتبارين أساسيين، هي أنها تأتمر بأوامر الرئيس وهذا ينسف صفة التوافق عنها، والأمر الآخر هو عدم فرض سيطرتها على قطاع غزة بسبب حركة حماس".


المحلل السياسي "خليل شاهين" اعتبر أن البيان التوضيحي الذي أصدرته الحكومة أول أمس حول موقفها من موظفي قطاع غزة وبعض القضايا وعادت للتنصل منه يثبت أن الحكومة تنفذ سياسة الرئيس محمود عباس .


وبين شاهين في حديث لوكالة (سوا) أن المشكلة تتمثل في آلية صنع القرار الفلسطيني والاستفراد به بطريقة أصبحت تؤثر على الحكومة ومجمل الحالة الفلسطينية، مشدداً على أنه لا يجب القول أن هناك حكومة توافق في ظل الوضع القائم.


وأوضح أن الحكومة عليها القيام بالواجبات المطلوبة منها تجاه الشعب الفلسطيني كله، بما فيهم موظفو قطاع غزة الذين عينوا قبل الانقسام وبعده، وأن تلتزم بما تم الاتفاق عليه من تشكيل لجنة إدارية وقانونية كما نص اتفاق القاهرة وليس اللجنة التي شكلتها الحكومة ولا أحد يعلم على ماذا استندت.

التوافق أساس العمل

ونوه إلى أن نقطة البداية لا تزال في التوافق الوطني حول مجمل القضايا، كي تستطيع الحكومة أن تقوم بمهامها، مشدداً على أنه إن لم يكن هناك توافق وطني لن تنجح الحكومة حتى ولو ضمت أفضل الشخصيات.

وطالب في الوقت ذاته، حركة حماس بتسهيل عمل أي حكومة، داعياً الحركة إلى الانسحاب من الحكم كما انسحبت من الحكومة، فالحركة – كما يقول شاهين- تسيطر على الأمن والمؤسسات المدنية ومواقع النفوذ الأخرى في غزة.


ورأى أن المطلوب الآن هو إعادة تشكيل حكومة التوافق الوطني، بحيث تكون مدعومة من الكل الفلسطيني، محملاً حركة حماس مسئولية صمتها على اختيار الرئيس عباس للوزراء عقب اتفاق الشاطئ.

ضياع فرصة قبول الحكومة دولياً

من جانبه، أوضح المحلل السياسي "حسن عبدو" أن الحالة الفلسطينية بمجملها لم تغادر مربع الانقسام، لافتاً إلى أن حكومة التوافق التي شكلت بعد اتفاق الشاطئ في أبريل 2014، لم تلق قبولاً إسرائيلياً ولا حتى إقليمياً.


وأشار في حديث لوكالة (سوا) إلى أن الجديد في الموضوع هو بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث قبلت إسرائيل والنظام الإقليمي بأن تكون الحكومة جزءً من الحل وليست جزءً من المشكلة.


ورأى أن الأطراف الفلسطينية أضاعت هذه الفرصة، وعمت الخلافات التي ظهرت جلياً في التراشق الإعلامي، مشددا على أنه لا بديل عن التوافق وأن أي عراقيل توضع أمام الحكومة هو مضيعة للوقت.


وطالب عبدو كلاً من حركتي فتح وحماس بفصل تام بين التنظيم والحكومة، مشدداً على أنه لو كان هناك نظاماً سياسياً يباعد بين الحكومة والفصائل لما حدث كل ذلك.


وفي النهاية تبقى الأيام المقبلة تحمل بين طياتها أجوبةً على كثير من الأسئلة والمخاوف التي تدور في صدور الفلسطينيين، لا سيما وأن حركة حماس الغاضبة من الحكومة تلمح بشكل جدي إلى بعض البدائل عن الحكومة في حال واصلت تقصيرها تجاه غزة حسب ما أكدت الحركة في تصريحات لقياداتها.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد