المونيتور: هل تكفي المنحة القطريّة لإنعاش الاقتصاد في قطاع غزّة؟

صرف رواتب موظفي غزة من المنحة القطرية -من الارشيف-

نشر موقع "المونيتور" الأمريكي تقريرًا باللغة العربية حول المنحة القطرية التي استفاد مواطنون وموظفون ب غزة  من أولى دفعاتها خلال شهر نوفمبر الجاري، متسائلا حول مدى فاعليتها في إنعاش الاقتصاد بالقطاع.

وذكر الموقع في مستهل تقريره أن المنحة القطريّة المقدّمة إلى "حكومة غزّة" بموجب إعلان صندوق قطر للتنمية الحكوميّ في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، وبتوجيه من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بقيمة 150 مليون دولار، أدّت إلى تحريك عجلة الاقتصاد المتهاوي في غزّة، بشكل إيجابيّ ومحدود.

وأشار التقرير إلى حزمة المساعدات والمشاريع التي أعلنت عنها وزارات المالية والتنمية الاجتماعية والعمل يوم 6 نوفمبر الجاري، وكذلك صرف دفعة من الرواتب إلى موظّفي حركة حماس  في القطاع.

اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل تعلن موقفها من دخول ثاني دفعات المنحة القطرية لغزة

وفي مقابلة مع الموقع، قال وكيل وزارة التنمية الاجتماعيّة يوسف إبراهيم: "بدءاً من 7 تشرين الثاني/نوفمبر الحاليّ، تمّ صرف مساعدات ماليّة من المنحة القطريّة بقيمة 700 شيكل (200 دولار) لـ5 آلاف من ذوي شهداء مسيرات العودة والجرحى من ذوي الحالات الخطيرة وكلّ حالات البتر".

ووفقاً لإحصائية وزارة الصحة بغزة، بلغ عدد الجرحى في مسيرات العودة منذ انطلاقتها في 30 آذار مارس الماضي، نحو 21 ألف إصابة من بينها نحو 76 حالة بتر، اضافةً إلى 225 شهيد.

وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر أيضاً، تمّ صرف مساعدة ماليّة بقيمة 100 دولار لـ50 ألف أسرة فقيرة، عبر وزارة التنمية الاجتماعيّة.

كما قال وكيل وزارة العمل في غزّة موسى السمّاك : "سيتمّ اختيار 10 آلاف شخص لبرنامج التشغيل الموقّت، على مرحلتين، بدأت المرحلة الأولى بالإعلان عن أسماء 5000 خريج وعامل، في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الحاليّ، للحصول على فرصة عمل موقّتة لمدّة 6 أشهر". ولم يحدد السماك متى ستبدأ المرحلة الثانية.

وأتاحت هذه المنحة المجال لإبراهيم سعدة، (31 عاماً)، للعمل بشهادته الجامعيّة بعد 8 أعوام من تخرّجه من جامعة الأزهر بدرجة دبلوم في التمريض، وذلك بعد إعلان وزارة العمل عن إطلاق برنامج التشغيل الموقّت "طموح 2"، الذي سيعمل على تشغيل 2500 خرّيج و2500 عامل في مرحلته الأولى.

وقال للموقع الأمريكي بنسخته العربية : "أشعر بفرحة، لكن منقوصة، لأنّ الفرصة المتاحة لي عبر المنحة القطريّة ليست دائمة، فهذه الفرصة ستمتدّ فقط 6 أشهر. أتمنّى أن تتوافر فرصة دائمة للعمل كي أستطيع تأمين مستقبل أسرتي".

وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر، بدأ الموظّفون الذين عيّنتهم حركة "حماس" بالحصول على راتب كامل عن شهر تمّوز/يوليو الماضي، ضمن المنحة القطريّة. ومن الجدير ذكره أن موظفي حكومة حماس بغزة يواصلون العمل في وزارتهم، رغم حصولهم على راتب جزئي منذ سنوات، بسبب عدم قدرة الحكومة على تغطية رواتبهم بسبب الحصار السياسي والاقتصادي المفروض على الحركة منذ عام 2007. وفق المونيتور.

وأوضحت وزارة الماليّة في غزّة ببيان في 9 تشرين الثاني/نوفمبر أنّ من تقاضوا راتباً كاملاً، عن شهر يوليو الماضي، سيصرف لهم بواقع 50 في المئة من نسبة راتبهم عن شهر أغسطس، سبتمبر، أكتوبر، ونوفمبر في الأشهر الخمسة المقبلة.

وفي هذا السياق، أشار إبراهيم محفوظ (25 عاماً)، وهو صاحب سوبرماركت "ابراهيم" في شارع عمر المختار الرئيسيّ بوسط مدينة غزّة، إلى أنّ الحركة الشرائيّة كانت خلال الأشهر الماضية شبه معدومة، لكنّ اليوم بعد أن تقاضى موظّفو حكومة غزّة رواتبهم، وكذلك بعد أن تمّ إعطاء مبلغ ماليّ للأسر الفقيرة، تحسّنت المبيعات لديه قليلاً، وقال لـ"المونيتور": "فور تلقّيهم رواتبهم، استطعت تجميع القليل من الديون المتراكمة عليهم، وذلك ساعدني في تسديد ما هو عليّ للتجّار".

وقالت وكالة الأنباء القطرية إن 27 ألف موظف سيستفيدون من المنحة القطرية. مضيفة : "سيتم صرف الرواتب للبقية من الإيرادات المحلية".

وأشار بيان وزارة الماليّة نفسه، إلى أنّ "الموظّفين غير المستفيدين من المنحة سيصرف لهم بواقع 60 في المئة على مدار الأشهر الستّة من الإيراد المحليّ".

وبحسب مصدر رسمي في "حكومة غزة" فإن "الموظفين غير المستفيدين من المنحة هم من الموظّفين العسكريّين الذين اعترضت إسرائيل على أن تشملهم المنحة، سيتم دفع رواتبهم من الإيرادات المحلية".

ولفت الموظّف في وزارة الداخليّة والأمن الوطنيّ بغزّة محمود مصطفى، (39 عاماً)، وهو يعيل 3 أفراد، إلى أنّ المنحة القطريّة لم تشمله كونه موظّفاً عسكريّاً، وقال: "منذ 4 أعوام، لم أحصل على راتب كامل. واليوم، لم أستفد من المنحة القطريّة كوني أعمل في وزارة الداخليّة حيث تعترض إسرائيل على أن تشمل المنحة القطرية رواتبنا أيضاً".

أضاف: "إنّ أوضاعنا الاقتصاديّة بغزّة في غاية الصعوبة، ونسبة الرواتب التي نتقاضاها 40 في المئة منذ 4 سنوات. لقد استغنيت عن الكثير من متطلّبات الحياة وكلّ الكماليّات الحياتيّة، واعتمدت على الدين كثيراً".

من جهته، قال عبد الوهاب بيان (37 عاماً)، وهو يعيل 4 أفراد وموظّف حكوميّ مدنيّ واستفاد من المنحة القطريّة، في حديث لـ"المونيتور": "حصلت على راتب كامل، وتعتبر هذه النسبة من الراتب، التي تقاضيناها الأعلى منذ آب/أغسطس من عام 2016، حيث لم أتقاض سوى 40 في المئة من قيمة راتبي منذ ذلك الوقت".

بدوره، قال الناطق باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع : "إنّ المنحة القطريّة، التي نتجت منها مشاريع لشعبنا (يقصد مشاريع تشغيل الخريجين والعمال، وصرف الرواتب والمساعدات) هي إحدى ثمرات تضحياته في مسيرات العودة السلميّة".

ولفت إلى أن "مسيرات العودة تتغيّر أدواتها وتتبدّل وسائلها بحسب كلّ مرحلة، لكنّها ستستمرّ حتّى تحقيق كامل أهدافها، وعلى رأسها كسر الحصار بشكل كامل"، وقال: "إنّ ما جرى من مشاورات وتفاهمات مع أطراف عدّة، أحرز تقدّماً في إطار كسر الحصار عن غزّة، وتثبيت حالة من الهدوء من دون دفع أيّ ثمن سياسيّ".

وأشار إلى أنّ حركته ماضية "في تثبيت حالة الهدوء للانتقال إلى المرحلة الثانية من تنفيذ التفاهمات"، لكنّه رفض التعقيب عليها.

ونقل الموقع عن المحلّل السياسيّ مصطفى الصوّاف أن "هذه الحزمة من المشاريع والدعم المقدّم إلى قطاع غزّة ناتجة من مسيرات العودة، التي شكّلت ضغطاً هائلاً على الاحتلال، أجبرته على التفكير في التخفيف عن الحصار، إضافة إلى خشية الأمم المتّحدة ودول الإقليم من انفجار كبير لو استمرّ الحصار، لأنّ هذا الانفجار سيصيب المنطقة الإقليميّة، وعلى الجميع حينها تحمّل المسؤوليّة".

أضاف: "الجهد المصريّ والقطريّ والدوليّ ليس نهاية المطاف، لكنّه أوّل الغيث الذي ينتظره الشعب الفلسطينيّ بعد الأزمة الإنسانيّة الكبيرة التي يعاني منها القطاع وسكّانه".

وتابع مصطفى الصوّاف: مسيرات العودة مستمرّة بأدوات مختلفة، وهناك تخفيف واضح من أدواتها حاليّاً، كالبالونات الحارقة، وذلك في إطار إتاحة الفرصة للوسطاء للعمل والخروج بهدنة، ولكن إذا لم يتحقّق كسر الحصار بمسيرات العودة سيكون هناك انفجار ومواجهة في وجه إسرائيل.

فيما أشار المحلّل الاقتصاديّ ماهر الطبّاع إلى "أنّ المنحة القطريّة عملت على تحريك عجلة الاقتصاد في القطاع، ولكن ليس بالشكل الكافي"، معتبراً أنّ "المنحة إنعاش موقّت سينتهي بانتهاء المنحة بعد 6 أشهر، ولا تكفي لإنعاش تامّ للاقتصاد في القطاع. ولذلك، يجب الذهاب إلى المصالحة الفلسطينيّة لحلّ الأزمة الإنسانيّة في غزّة".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد