الحكومة: السبيل الوحيد لإنهاء معاناة غزة يتمثل بالمصالحة وتمكين الحكومة
أكد مجلس الوزراء الفلسطيني، أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة قطاع غزة وتجنيب شعبنا وقضيتنا المزيد من المخاطر، خاصة في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، يتمثل بالإعلان الفوري عن المضي في طريق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وتمكين الحكومة من تولي مهامها كافة في قطاع غزة.
وطالب مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية، اليوم الثلاثاء، بتمكين الحكومة "حتى تتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه أهلنا في القطاع كما في الضفة الغربية، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات والمخاطر".
وجدد مطالبته لحركة حماس بالعمل فوراً على تحقيق المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية عبر تمكين الحكومة بشكل كامل، وعدم التساوق مع ما يحاك من مؤامرات ومخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتقزيم المطالب الفلسطينية، وحصرها في قضايا إنسانية مع تجاهلٍ لحقوقنا الوطنية المشروعة التي يناضل شعبنا من أجلها، وضرورة التحلي بالمسؤولية وتوحيد الجهود لتجاوز كافة الصعاب، وإنجاز تطلعات شعبنا وطموحاته بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، كمصلحة وطنية عليا حتى نتمكن موحدين من إنجاز حقوقنا الوطنية المشروعة في إنهاء الاحتلال ونيل استقلالنا الوطني، وتجسيد سيادة دولتنا الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد المجلس أن القيادة الفلسطينية، والحكومة، وبتوجيهات من الرئيس محمود عباس ، بذلت طيلة سنوات الانقسام أقصى الجهود، وواصلت تحمّل مسؤولياتها كافة، وحرصت على حشد التمويل وتنفيذ المشاريع التنموية، وكل ما من شأنه التخفيف من معاناة أهلنا في قطاع غزة.
واستنكر المجلس التصعيد العسكري الإسرائيلي الخطير ضد قطاع غزة، وقصف عشرات المواقع والمباني، بما في ذلك عمارة سكنية وعدة منازل ومنشآت، إضافة إلى مبنى فضائية الأقصى، وفندق الأمل، مما أدى إلى وقوع ما يزيد عن 10 شهداء خلال أقل من 24 ساعة، وجرح وإصابة عشرات المواطنين بالغارات العشوائية على القطاع، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية.
وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الاعتداءات المستمرة على قطاع غزة، مشددا على أن هذا العدوان، ما كان ليحدث لولا الصمت الدولي على أفعال الاحتلال، والدعم اللامحدود والتشجيع الذي يتلقاه من الإدارة الأميركية، وتبرير الخارجية الأميركية ووصفها أفعال الاحتلال والعدوان العسكري الإسرائيلي الخطير ضد المدنيين الأبرياء والعزل في القطاع بالدفاع عن النفس.
وأكد أن جرائم الحرب الإسرائيلية والعدوان المتصاعد ضد شعبنا، واستهداف قطاع غزة المحاصر عسكرياً بشكل متواصل يهدف إلى جر المنطقة نحو مزيد من العنف وعدم الاستقرار. وطالب المجتمع الدولي، وهيئة الأمم المتحدة، بما فيها مجلس الأمن، برفع الحصانة السياسية والقانونية عن إسرائيل والتدخل الفوري لوقف عمليات القتل والتصعيد، وتوفير الحماية الدولية العاجلة والفورية لشعبنا، ورفع الحصار الجائر عن القطاع، واتخاذ تدابير جدية لمحاسبة إسرائيل ومساءلتها على خروقاتها وإنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تقرير مصيره على أرضه.
وأشار إلى أنه وبناءً على توجيهات الرئيس ورئيس الوزراء تم الإيعاز لوزير الصحة بإرسال شحنة من الأدوية والمستلزمات الطبية فوراً إلى قطاع غزة وتقديم كل ما من شأنه التخفيف من معاناة أهلنا في قطاع غزة.
كما أدان المجلس قرار حكومة الاحتلال المصادقة على مخطط لبناء 792 وحدة استيطانية سكنية في القدس المحتلة، مؤكدا أن هذه القرارات وغيرها من قرارات الهدم والإخلاء التي تطال المواطنين، وخاصة في المناطق المسماة (ج)، ووفقاً للمخطط الاستيطاني (E1)، تأتي ضمن استراتيجية تهدد تجسيد دولة فلسطين المستقبلية، وتهدد ترابطها الجغرافي.
وأكد استمرار إسرائيل في تحدي قرارات الشرعية الدولية وتجاهلها، وإصرارها على ترسيخ مشروعها الاستيطاني العنصري، وإحكام سيطرتها على الضفة الغربية بما فيها القدس، وإدامة احتلالها والحيلولة دون تجسيد إقامة دولتنا الفلسطينية، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي بكافة مكوناته ومن مجلس الأمن الدولي ممارسة صلاحياته بإلزام إسرائيل بوقف مواصلة نهب الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصالها وزرعها بالمستوطنات الاستعمارية وبالمستوطنين المتطرفين.
في سياق آخر، أطلع رئيس الوزراء، على نتائج مشاركته في منتدى باريس للسلام الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس، بمناسبة مرور 100 عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث جدد رئيس الوزراء، خلال كلمته أمام المنتدى، تأكيده أن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، متمسكة بخيار حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية، بإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة لإحلال السلام.
ودعا رئيس الوزراء إلى دعم مبادرة الرئيس محمود عباس للسلام، والتي أعلن عنها في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من خلال إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة، لحل جميع قضايا الوضع الدائم ضمن إطار زمني محدد، تفضي إلى إنهاء الاحتلال، وتجسيد سيادة دولة فلسطين، وأعرب عن تقديره للجهود الفرنسية لدعم خلق آلية متعددة الأطراف لحل المشاكل العالمية.
وأشار رئيس الوزراء، خلال كلمته، إلى الانتهاكات الإسرائيلية كافة تجاه شعبنا وأرضنا، وتحديها لقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك مواصلة بناء المستوطنات غير الشرعية، وبشكل خطير يهدد التواصل الجغرافي لدولة فلسطين، واعتبار أن القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل، في مخالفة واضحة للقانون الدولي، إضافة إلى مصادرة الأرض، وهدم البيوت وترحيل وتهجير العائلات الفلسطينية من بيوتهم، وتضييق الخناق على شعبنا بشتى الوسائل، بما في ذلك فرض الحصار الخانق على أبناء شعبنا في قطاع غزة، والتضييق الممنهج على العمل في المناطق المسماة "ج"، مؤكداً أهمية التمكين الاقتصادي، وتعزيز المشاركة في الاقتصاد العالمي، موضحاً أن الاقتصاد الفلسطيني ما زال يعاني من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وقيود بروتوكول باريس الاقتصادي، الذي كان من المفترض أن يكون اتفاقاً مرحلياً، مشدداً على ضرورة الانفكاك التام من التبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي، والاعتماد على ذاتنا وبناء قدراتنا الاقتصادية.
كما شدد رئيس الوزراء على ضرورة توفير الدعم للأونروا في ظل العجر المالي الذي تعانيه، لضمان استمرار تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، ورفض رئيس الوزراء الخطوات الأمريكية التي تستهدف اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما وقف الدعم المالي عن وكالة الأونروا ، كما رفض قرار الرئيس الأمريكي بتغيير وضع القدس، الذي يزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة. وتساءل رئيس الوزراء، في الوقت الذي يحيي فيه العالم الذكرى 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يعتبر مبدأ وبوصلة لتعزيز قيم العدل والعدالة والكرامة الإنسانية، وذكرى الحربين العالميتين الأولى والثانية، هل من العدل أن يحيي شعبنا الذكرى 70 لنكبته وتشريده وتهجيره قسراً، وإجباره على العيش في الشتات ومخيمات اللجوء، وتحت الاحتلال وإجراءاته القمعية، وعدم حصوله حتى اللحظة على استقلاله وحريته وتقرير مصيره؟ مؤكداً على أن النصر لتحقيق السلام ممكن من خلال تعزيز قيم الحرية والعدالة والمساواة، وليس انتصاراً للقوة والغطرسة.
وكان رئيس الوزراء رامي الحمد الله التقى إلى جانب مشاركته في المنتدى، أربعة عشر رئيساً ورئيس وزراء والمسؤولين من الدول العربية الشقيقة، والدول الأجنبية الصديقة، وبحث معهم آخر التطورات السياسية والاقتصادية، والتحديات التي تواجه فلسطين وعلى رأسها انتهاكات الاحتلال.
وكان في استقباله لدى وصوله إلى العاصمة الفرنسية باريس، الرئيس "إيمانويل ماكرون"، كما التقى الأمين العام للأمم المتحدة "انطونيو غوتيريس"، ورئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانتشيس"، كلا على حدة، وبحث معهما التصعيد الاستيطاني الإسرائيلي، والخطوات التي تتخذها حكومة الاحتلال لتقويض حل الدولتين، ودعا رئيس الوزراء الأمم المتحدة إلى دعم مستشفيات القدس الشرقية في ظل وقف الإدارة الأمريكية الدعم عنها، كما دعا إسبانيا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، كخطوة عملية لدعم حل الدولتين.
وتقدم المجلس بالشكر إلى فرنسا، رئيساً وحكومةً وشعباً، لتقديمها دعماً للموازنة العامة، بقيمة 8 ملايين يورو، مشيدا بالدعم الفرنسي المتواصل وخاصة للقطاعات المهمة والحيوية، والتي تشمل المياه، والطاقة، والتعليم، والقطاع الخاص، وتوفير قروض ميسرة ومنح لدعم وتطوير الشركات الفلسطينية الخاصة.
واستمع المجلس إلى تقرير من اللجنة الوزارية للحوار بشأن قانون الضمان الاجتماعي والتي وضعت برنامجاً مكثفاً، وبدأت اجتماعاتها مع مختلف الجهات ذات العلاقة بما في ذلك المؤسسات الأهلية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني وممثلي مختلف النقابات والحراك الموحد، حيث أشادت اللجنة بالأجواء الإيجابية والمسؤولية العالية التي تتحلى بها مختلف الجهات والنقاشات المعمقة والمثمرة والبناءة وبالأفكار التي تم طرحها والتي تستحق الدراسة للوصول إلى نتائج مرضية للجميع.
وأكد المجلس أن الحكومة ملتزمة بالجدول الزمني لانضمام الشركات لمؤسسة الضمان وفق الآلية التي تم إقرارها لتطبيق القانون ابتداءً من 19/11/2018 للشركات التي تضم 200 عامل فأكثر وانتهاءً بتاريخ 19/4/2020 للشركات التي تضم من 1-4 عمال.
كما أكد المجلس أنه وبناءً على تعليمات الرئيس ورئيس الوزراء فإن النتائج التي ستصل إليها اللجنة الوزارية مع جميع الأطراف بشأن بعض المواد في القانون سيجري رفعها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات القانونية حسب الأصول وبما يضمن الاستدامة والعدالة والشفافية لصندوق الضمان الذي هو بالمحصلة صمام الأمان الوظيفي والتقاعدي للفقراء والمهمشين ولمئات آلاف العاملين في القطاع الخاص وكافة القطاعات التي ينطبق عليها القانون.
كما استمع المجلس إلى تقرير من وزيرة الاقتصاد الوطني حول نتائج اجتماعات اللجنة الفلسطينية - الروسية المشتركة، حيث أكد الجانبان ضرورة تنشيط الشراكة الفلسطينية الروسية في مختلف المجالات، وأهمية زيادة حجم التبادل التجاري من خلال تعزيز اللقاءات المباشرة بين مؤسسات القطاع الخاص وإقامة المعارض والأنشطة ذات الصلة، إضافة إلى التوقيع على خارطة الطريق الخاصة بتطوير التعاون التجاري والاقتصادي خلال الأعوام (2019-2021)، والتي تهدف إلى تطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيزها وزيادة التبادل التجاري للمنتوجات الفلسطينية - الروسية، وتقديم المساعدة إلى المؤسسات التجارية لكلا البلدين فيما يتعلق بتوسيع تبادل المعلومات حول إمكانيات الأسواق في فلسطين وروسيا الاتحادية، وتحفيز النشاط الاقتصادي للشركات الفلسطينية والروسية.
وأكد الجانبان أهمية توسيع دخول المنتجات الفلسطينية المختلفة للسوق الروسية وفقاً للقوانين المعمول بها في الاتحاد الأورو آسيوي الاقتصادي، والتأكيد على أهمية إعداد آلية عمل لإزالة العقبات التي تعيق تطوير الروابط التجارية - الاقتصادية الفلسطينية - الروسية بحجمها الكامل، بما فيها زيادة الواردات المتبادلة لمجموعة واسعة من المنتجات، إضافة إلى الاهتمام المشترك بتوسيع التفاعل بين المؤسسات والمنظمات المعنية في كلا البلدين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومنها "الحكومة الإلكترونية"، وإدخال مشاريع مشتركة في مجال تطوير البرمجيات، بالإضافة إلى وسائل الإعلام والبريد، وضرورة تطوير التعاون السياحي في مجالات زيادة التبادل السياحي، وزيادة التعاون في مجال التعليم، والتعليم العالي، والصحة، والعمل والتشغيل.
كما تم التوقيع على مذكرات تفاهم في مجالات: الأعمال، والطاقة، والزراعة، والثقافة، والفن، وتبادل البيانات الإحصائية الجمركية، والمواصفات والمقاييس، والاتفاق على تعزيز التعاون بين مؤسسة التجمعات والحدائق التكنولوجية في روسيا الاتحادية والهيئة العامة للمدن الصناعية الفلسطينية للمساعدة في إنشاء وتطوير المدن والمناطق الصناعية الخاصة والحدائق التكنولوجية تنفيذاً لمذكرة التفاهم الموقعة بينهما من أجل خلق وتعزيز فرص الاستثمار بين الدولتين، بالإضافة إلى العمل على إنشاء مصانع في المدن الصناعية الفلسطينية لتصنيع الأدوية المستوردة التي ليس لها بديل فلسطيني والمستهلكات الطبية، والاهتمام بتطوير التعاون في مجال صناعة الأدوية والصناعة الطبية المتعلقة بزيادة التبادل التجاري وإقامة الصناعات المشتركة.
وشدد المجلس على أهمية انعقاد اللجنة المشتركة، والتي تعتبر تتويجاً للعلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وتشكل الإطار لتعزيز أواصر التعاون في العديد من المجالات، مثمنا المواقف الروسية التاريخية الداعمة لشعبنا من أجل تحقيق تطلعاته بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
كما استمع المجلس إلى تقرير من وزارة الاشغال العامة والإسكان حول تقدم العمل في المشاريع الإيطالية في قطاع غزة من خلال برنامج إعادة إعمار القطاع، وأشار إلى الانتهاء من تنفيذ جميع الأعمال الخاصة بمشروع التمويل الذاتي لترميم 281 شقة موزعة على مختلف محافظات القطاع بقيمة 1.2 مليون يورو، ومشروع تأهيل 17 بناية سكنية في حي الندى بقيمة مليون يورو، ومشروع ترميم 4 عمارات سكنية في منطقة أبراج حي الندى بقيمة نصف مليون يورو، ومشروع إعادة اعمار 11 بناية سكنية بواقع 75 وحدة سكنية في منطقة أبراج حي الندى بقيمة 4.2 مليون يورو وتوقيع عقود لمشروع إعادة تأهيل البنية التحتية لمنطقة أبراج حي الندى بقيمة 1.1 مليون يورو، ومشروع إعادة إعمار المجمع الإيطالي بقيمة 3.7 مليون يورو، إضافة إلى إعادة إنشاء 12 بناية سكنية جديدة بواقع 111 وحدة سكنية بقيمة3.2 مليون يورو.
وأوضح المجلس أن نحو 2100 وحدة سكنية غير منجزة بسبب نقص التمويل اللازم لذلك، ويعود سبب تأخر عملية إعادة الاعمار إلى استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، ومنع دخول العديد من مستلزمات إعادة الإعمار والسلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكينات، واستمرار حالة الانقسام وعدم تمكن الحكومة من أداء مهامها في قطاع غزة.