فرضت حركة حماس نفسها بشكل قوي في عدم قبول ما يُطلق علية في الإعلام " صفقة القرن "، فقد اختفى منذ أن انطلقت مسيرات العودة اي تفاصيل جديدة عن معالم ومستقبل تلك الصفقة، وكذلك استمرار الرفض الفلسطيني الرسمي لبنود وتسريبات تلك الصفقة، ومعارضه الدول العربية لما طرحه مبعوثي ترامب خلال لقائهم مع بعض الزعماء العرب، اجهض المحاولات الامريكية لصناعة فرص للتسوية على الطريقة الأمريكية والإسرائيلية والتي تتنصل من حقوق الفلسطينيين.

فقد لعبت المتغيرات على أرض الواقع دوراً هاما في تغيير السياسة الأمريكية تجاه فرض معادلات جديدة تخص القضية الفلسطينية والتي تبلورت في مسيرات العودة وعدم تحقيق المصالحة وعدم وجود شريك فلسطيني يُنفذ تلك الصفقة أمنياً واقتصادياً، والتي أدركت من خلال ذلك كافة الأطراف انه لا مستقبل لصفقة القرن في ظل الظروف الحالية فقد أصبح من الممكن الحديث أن صفقة القرن عادت إلى ادراجها من جديد.

لذلك انحصر التفكير في الآونة الأخيرة على تنفيذ الخطة البديلة لصققة القرن وهي تحسين الظروف المعيشية لسكان القطاع، وتقديم مساعدات إنسانية لهم، والإبقاء على جبهه غزة متوتره لتمرير مخططات إسرائيلية جديدة هدفها تطبيق مبادرة السلام العربية ولكن على الطريقة الإسرائيلية من خلال زيادة تطبيع العلاقات مع الدول العربية دون حل القضية الفلسطينية.

لذا تسعى الحكومة الإسرائيلية بزعامة نتنياهو لتعزيز مفهوم اللاحرب في غزة، لأنها تُدرك أن ثمن المصالحة هو بمثابة إشعال النار تحت موقد ائتلاف نتنياهو والذي هو بالأساس يغلي على نار هادئة ويواجه معارضه قوية تكللت في الاجتماعات الأخيرة للمجلس الأمني المصغر والتي يتعارض فيها الأفكار المتداولة تجاه غزة بين المستوى السياسي والمستوى الأمني، فالحكومة الإسرائيلية تُفضل البقاء على قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس ولا تريد حكماً للسلطة وحركة فتح للقطاع لأنه ذلك يعني قُرب الوصول لفكرة الدولة الفلسطينية، وسيكون بإمكان الرئيس أبومازن إقناع العالم بأن الوقت قد حان لقيام دولة فلسطينية وأنه يسيطر على القطاع وقد انتهى الانقسام.

فما نراه اليوم من تسارع إسرائيلي على تقديم يد العون والمساعدة لسكان القطاع وتسهيل دخول الوقود والأموال من خلال الوسطاء ما هو إلا السبيل الأخير لإبقاء حكم حماس في غزة وضرب مشروع المصالحة بين حركتي فتح وحماس.
المفهوم الجديد للتهدئة هو اخراج الملفات الخدماتية من  دائرة المناكفات السياسية، وهذا بدأ واضحا من خلال إدخال الوقود القطري تحت رعاية الأمم المتحدة وكذلك ضخ أموال قطرية لقطاع غزة من خلال الأمم المتحدة دون موافقة السلطة، وهي خطوات تُعزز مفهوم تدويل قطاع غزة وإخراج تلك الملفات من تحت سيطرة حركة حماس على أن مستقبل النقاش والحوار في قادم الأيام على ملفات أكثر سخونة مثل الأمن وسلاح المقاومة والمصالحة الجدية.

الدلالات السياسية القادمة قد تؤشر إلى حالة الاستقرار الاقتصادي في القطاع من خلال تفعيل منظمات الأمم المتحدة في خدمة الأغراض المدنية والحياتية مع الحفاظ على جوهر الصراع متعدد الأطراف بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس من جانب وحركة فتح وحماس من جانب آخر، في انتظار أن يحدث الاختراق في المواقف الفلسطينية والتي تمهد لحوار شامل برعاية مصرية لإنهاء الانقسام وتوحيد الوطن.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد