يجتمع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) الإسرائيلي، اليوم للمرة الثالثة خلال أسبوع واحد (لبحث الوضع المتوتر في قطاع غزة ) في وقت من المقرر أن يصل فيه الوفد الأمني المصري برئاسة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل ، الذي سيزور أيضاً رام الله وقطاع غزة، وفي هذه الأثناء تتصاعد وتيرة متدحرجة نحو احتمالات حرب إسرائيلية رابعة وواسعة على قطاع غزة، في حين يرى بعض المراقبين، أن هذا التصعيد، سواء الأمني الميداني، أو التصريحات المتبادلة بين قياديي حركة حماس والمستويات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، إنما يأتي في سياق تحسين شروط التفاوض على الملفات التي سيطرحها الوفد الأمني المصري على مختلف الأطراف، سواء حول المصالحة أو التوصل إلى تهدئة بين حركة حماس وإسرائيل.
وقد يتساءل البعض، فيما إذا كانت الجهود المصرية، بعد هذه الاجتماعات التي سيعقدها عباس كامل مع مختلف أطراف الملفات المطروحة، ستتوقف إذا لم تتمكن من تحقيق اختراق حقيقي في بعضها أو كلها، وذلك بعد كل ما قامت به القاهرة، خلال السنوات الماضية على ملف المصالحة، ومؤخراً على ملفات التهدئة، هل أولاً، سيؤدي ذلك إلى اندلاع حرب عدوانية رابعة على قطاع غزة، والتسليم بانتهاء فرص التوصل إلى نهاية للانقسام في الساحة الفلسطينية؟ وأخيراً، هل ستمتنع القاهرة عن المضي قدماً في المثابرة مجدداً والتقدم بجهد متواصل رغم انسداد الأفق والعمل على تجسير الخلافات بغية تحقيق اختراقات جديدة على الملفات، الإجابة بالغة الصعوبة، إلاّ أنه يمكن القول، إن انسداد الأفق لا يعني بالضرورة حرباً جديدة واسعة على قطاع غزة، لأسباب إسرائيلية بالدرجة الأولى، وإذا ما تابعنا تصريحات بعض القادة الإسرائيليين، على المستوى الأمني والمستوى السياسي، نجد أن هناك تخوفات حقيقية من اندلاع مثل هذه الحرب، رغم تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير حربه ليبرمان، حول أن الحرب قد تكون حلاً، في حين يرى وزير الاستيطان يوآف غالانت «أن أي حرب جديدة، ستكون بوابة لحرب تالية، وعلى ضوء التدهور الإنساني والاقتصادي في قطاع غزة، فإن ضحايا هذه الحرب سيكونون من المدنيين، ما سيؤدي إلى تفاقم الانتقادات الدولية لإسرائيل، وبالتالي علينا التفكير عشر مرات قبل أن نصل إلى حرب جديدة». وكذلك فإن ما تسرب من اجتماع المجلس الوزاري المصغر يوم الأحد الماضي، يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يفضل تأجيل المواجهة قبل نهاية العام القادم حتى يكتمل بناء «العائق» الذي سيحيد الأنفاق الهجومية لحركة حماس، في وقت يرى فيه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي ايزنكوت أن سورية هي الجهة الأخطر على إسرائيل وأن اهتمام الجيش يجب أن ينصبّ على جبهة الجولان، حيث يوافق على هذا الرأي وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس.
الجهد المصري لن يتوقف، هذه الملفات لا تشكل خياراً من خيارات، بل ضرورة يمليها دور مصر الريادي في المنطقة العربية والإقليم، من ناحية، والأهم من ذلك تقاطع وارتباط هذه الملفات بالأمن القومي المصري، وبحيث تشكل القضية الفلسطينية، مسألة داخلية مصرية، والقاهرة معنية، ليس كوسيط، بل كطرف إيجابي وشريك فاعل، في استمرار جهودها لإزالة العقبات والاستعصاءات التي تواجه مساعيها نحو إنهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية، وبنفس الوقت، فإن القاهرة معنية بعدم الانجرار نحو حرب عدوانية إسرائيلية جديدة والتوصل إلى تهدئة من شأنها استعادة العمل على اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه بنهاية الحرب الإسرائيلية الثالثة عام 2014 والقاضي بإنهاء الحصار وحرية التنقل والتجارة على كافة المعابر، سواء مع الاحتلال، أو مع مصر من خلال معبر رفح وإعادة إعمار ما دمرته حروب ثلاث على قطاع غزة، وإنهاء الأزمات الإنسانية في سياق إعادة بناء هكيلية البنية التحتية كالكهرباء والماء والصرف الصحي ومساحة الصيد في المتوسط.
إن التركيز على المسألة الإنسانية في قطاع غزة، سيظل مفتاح الحراك والجهود لإيجاد حلول ما، وهنا تكمن مخاطر هذا التركيز، كونه يأتي على حساب جوهر المشكلة، وطبيعته سياسية بالدرجة الأولى، وستظل الحلول جزئية، إذا لم يتم التوصل إلى جهود حقيقية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية