277-TRIAL- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "رحــم اللــه إمــرأً أهــدى إلـيّ عيـوبـي". وفي الذكرى الخمسين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح سأعمل على تشخيص المرض، وسأحاول استشراف فرص العلاج عبر بعض النصائح التي أتمنى أن يأخذها المؤتمر السابع للحركة في الحسبان.
النظام السياسي كالبناء، لو أزلنا جزءًا منه قد يسقط كل البناء أو على أقل تقدير سيضعف، وحركة فتح أحد مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وعندما تتعرض لأذى فإن بنية النظام السياسي ستضعف، وسيكون المستفيد الوحيد من هذا الضعف والترهل هو الاحتلال الصهيوني.
فقوة حركة فتح وتماسكها هي مصلحة إستراتيجية للشعب الفلسطيني ولقضيته، وهذا ينطبق على كل مكونات الحركة الوطنية والإسلامية، ولكي تتماسك حركة فتح وتبقى كما كانت أحد أعمدة النضال الفلسطيني بكل أشكاله، فعلينا أولاً تشخيص المرض ثم البحث عن العلاج.
أولاً: تشخيص المرض الذي أصاب حركة فتح
من أصعب الأمراض التي تصيب حركات التحرر هو المزاوجة بين الثالوث الخطير الثورة والثروة والسلطة، وهذا الثالوث استطاع أن يؤثر على وحدة وتماسك الحركة، كما أثر على مسار الانتماء لفتح، فقد ينتمي الكثير من الشباب الفلسطيني لحركة فتح من أجل الثروة والسلطة، بمعنى (الراتب والرتبة)، بينما تجد الشريحة الأقل هي من ينتمي للتنظيم من بوابة الثورة والتحرير، وهذا عائد لعدة أساب أهمها:
1-  ذوبان حركة فتح في بوتقة السلطة الفلسطينية بعد تأسيسها عام 1994م، فنالها ما نالها من فساد السلطة، ومن تراجع فكر الثورة لحساب فكر الثروة والسلطة (الراتب والرتبة)، وهذا أفقدها الكثير من حيويتها، وساهم في خسارتها للانتخابات عام 2006م.  
2- عدم قدرة حركة فتح بعد تأسيس السلطة الفلسطينية من الفصل بين الحركة ونظام الحكم، واستمرت هيمنتها التي بدأت عام 1969م على منظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً إلى هيمنتها على السلطة الفلسطينية.
3-  سيطرة الفرد على حساب المؤسسة، وهذا بات ظاهراً في عهد الزعيم الراحل ياسر عرفات، واستمر في عهد الرئيس محمود عباس ، فكلا الزعيمين يرأسان المناصب الثلاث: منظمة التحرير – السلطة الفلسطينية- حركة فتح، وبذلك أي خطأ يحدث في احدي المؤسستين تتحمل تبعاته حركة فتح.
ثانياً: فرص العلاج
انطلاقاً من المسئولية الوطنية، ينبغي على كل أقطاب الحركة الوطنية والإسلامية والنخب الفكرية مساعدة حركة فتح للخروج من أزمتها، وعدم السماح للمساس بوحدتها، وتقديم المشورة لها، وعلى كل الغيورين على حركة فتح من أبنائها وأنصارها إجراء تقييم ذاتي لكل المراحل السابقة، والخروج بتوصيات تنسجم وأدبيات ووثائق الحركة التي قامت فتح من أجلها وقدمت آلاف الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح الحرية، وعليه فإنني أوصي إخواني في حركة فتح على ما يلي:
1-  الفصل الكامل بين منصب رئيس الحركة ومنصب رئيس السلطة ورئيس المنظمة، حتى لا تتحمل الحركة استحقاقات السلطة والدولة.
2-  ضرورة توحيد الصف الفتحاوي أولاً، والتجاوز عن بعض الأخطاء السابقة والإعلان عن ميلاد فتح بثوب جديد يقوم على الحب والوحدة ويؤسس لثقافة الثورة والتحرير.
3-  ضرورة صياغة محددات خطاب إعلامي تعزز من الوحدة والوئام وتتجاوز عن أخطاء الماضي وتؤسس لمرحلة نضالية جديدة يخرج من رحمها الأمل المنشود بدولة فلسطينية كاملة السيادة على الأرض المحتلة على حدود الرابع من حزيران/1967م.
4-  الاهتمام بالإنسان الفلسطيني بشكل عام وبالكادر الفتحاوي على وجه الخصوص، وغرس ثقافة العمل المؤسسي التنظيمي بدل تعزيز ثقافة الفرد أو القائد، فحركة فتح لا تختزل في أشخاص، وإنما تختزل في شعب وقضية.
وفي الختام أهنئ حركة فتح بانطلاقتها الخمسين وأذكرها بقصة صلاح الدين الأيوبي لعل الجميع يستخلص الدروس والعبر منها، وكما يعلم الجميع أن صلاح الدين هو كردي الهوية ولكنه عندما أعلن مشروعه السياسي بتحرير بيت المقدس، التفت حوله الأمم. وبعد وفاته وتقلد أبناؤه وإخوته مقاليد السلطة، فانتبهوا لترفها وجمالها وبريقها، وحادوا عن أهداف الدولة الأيوبية التي قامت من أجلها، فسقطوا وسقطت الدولة الأيوبية.
Hossam555@hotmail.com 253

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد