ما يزال العمل جاريا ليل نهار على تفكيك « الأونروا »، بعد أن اتضحتْ خيوط مؤامرة التفكيك، التي جُهِّزتْ منذ مدةٍ طويلة على نارٍ هادئةٍ، كنتُ قد أشرتُ إلى بعضِ خيوطها منذ أشهرٍ طويلة، غير أنَّ خطوات التصفية العملية النهائية تجري اليوم بخطواتٍ سريعة جدا، في عصرٍ إسرائيلي زاهٍ، لم تظفر إسرائيلُ بمثيله أبدا!
فقد بدأ العمل على التفكيك منذ سنوات عديدة، بتأسيس هيئات ومراكز أبحاث لمتابعة ملفات «الأونروا»، أوصتْ وزارة خارجية إسرائيل سفاراتها في العالم بمزج (الإرهاب) بـ»الأونروا»، بإبراز نصوص من الكتب المدرسية المقررة على الطلاب الفلسطينيين مشحونة بالتحريض على إبادة إسرائيل، بخاصةٍ، الخرائط المعلقة في مدارس «الأونروا» الخالية من دولة إسرائيل.
روَّج الإعلامُ الإسرائيليُ فيديو صوَّره (أحدهم) في صباح يومٍ مدرسي، حيث يهتف طلابُ غزة بالموت لإسرائيل، ثم صوَّر الفيديو معسكرات الطلاب الصيفية، حيث يتدربون على السلاح!!
كذلك فقد أبرز إعلامُ إسرائيل في الحروب الثلاث على قطاع غزة، خبرَ استعمال مباني الأمم المتحدة مخازن لصواريخ « حماس ».
في الحقيقة، لم تُحقق إسرائيل مبتغاها كما ترغب، فقد كانتْ تلك بدايات، لم نتنبه لها نحن الفلسطينيين، بل ظنَّنا خطأ أنَّ أحدا لا يجرؤ على تفكيك هذه المؤسسة الدولية!
إلى أن بدأتْ الخطوات العملية لتفكيك هذه المؤسسة بعد تولَّي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فقد كان المفتاح الرئيس لتفكيك «الأونروا» يملكه الداعمون بالمال، ومن هنا بدأت أخطر عمليات التفكيك بإلغاء الدعم المالي الأميركي عن «الأونروا»، لأن اتحاد العاملين في «الأونروا» هم من أعضاء في منظمات إرهابية.
إنَّ مطبخ المؤامرة يقع بالضبط في مكتب رئيس حكومة إسرائيل، نتنياهو، ومعاونته في وزارة الخارجية، تسفي حوتفيلي، ومبعوثه الشخصي للأمم المتحدة، داني دانون المدعوم من حكومة، ترامب، بزعامة مندوب أميركا في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، هذا الطاقم يتولى قيادة أخطر مراحل التفكيك، التي بدأت بالفعل في مقر الحكومة، وها هي الخطةُ تنتقل اليوم إلى رئيس بلدية القدس ، نير بركات في لقاء له مع وكالة أسوشيتد برس يوم 4-10-2018م حيث يقول: «لا مكان للأونروا في نطاق بلدية القدس، فمؤسساتها التعليمية والصحية غير مُرخصة من حكومة إسرائيل، سنؤسِّس (لوبي) من السياسيين والقادة لغرض إنهاء عمل (الأونرو)، خاصة بعد نقل السفارة الأميركية لأورشليم».
يقول أيضا: «سنغلق مدارس (الأونروا) ومراكزها الصحية في نهاية هذا العام، ليس هناك لاجئون في القدس، ولا نسمح بذلك، سنُتبع المدارس، والمراكز الصحية التابعة لـ(أونروا) سنتبعها للبلدية، لن نسمح بتحويل قضية اللاجئين إلى ورقة مساومة».
أما أخطر حلقات الخطة فهي أن نتولى نحن، الفلسطينيين، تفكيك «الأونروا» بأيدينا، وذلك باحتلال مقراتها، وبإعلان الإضرابات التقليدية، والمطالبة بطرد صغار مسؤوليها المنفذين للأوامر، مُدَّعين بأنهم هم السبب، وليس أباطرة المحتلين وأنصارهم.
إنَّ خطةَ التفكيك تتسارعُ كذلك بصمتنا عن العبث بممتلكاتها، إذ إن مدارس «الأونروا» لا تُعاني فقط من الإهمال، بعد إنهاء عقود حارسيها، بل إنها اليوم تعاني من سرقات ممتلكاتها، ومقاصفها.
إنَّ الوعي بخطورة ما يحدث، اليوم، يقتضي أن نُسارع بتأسيس لوبي فلسطيني يتولى حماية مؤسسات «الأونروا»، لنُبرز للعالم فهمنا لخطورة هذه المؤامرة بتوجيه الرأي العام الفلسطيني وكشف بعض المدسوسين، ممن يساعدون على تنفيذ المؤامرة.
يجب أن نضع استراتيجية مشتركة بين «الأونروا»، وبين الفلسطينيين غايتُها تجاوز المؤامرة، والحفاظ على هذه المؤسسة الدولية باعتبارها أهم وثيقة دولية تحفظ حق العودة المقدس.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية