بات من المؤكد ان وقف المساعدات الأمريكية المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا " والحرب التي اعلنتها واشنطن على الوكالة ، تهدف الى انهائها ، لان اسرائيل وامريكا تريد محو الذاكرة التراكمية والوجدانية للشعب الفلسطيني و بشكل ادق انهاء وازاحة حق العودة من التراث الوطني الفلسطيني .
فإدارة ترامب قد بدأت فعليا بتطبيق خطة لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتي تعرف" ب صفقة القرن " و وما يُروج له تحت بند" السلام الاقتصادي " وكلها خطط ورؤى تتفق مع الرؤيا الاسرائيلية لوأد أي تسوية يكون اساسها حل الدولتين ، وذلك لقتل الحلم الفلسطيني وتقزيم حجم المطالب الفلسطينية الى ان تصبح ادارة حكم ذاتي محدود مقطع الاوصال في الضفة المحتلة من خلال زيادة البناء في المستوطنات ، وحتى خارج الكتل الاستيطانية وقي منطقه
1 اي من اجل دفن فكرة الدولة الفلسطينية ذات التواصل الجغرافي على حدود عام 1967 وهذا التفسير يعززه التصميم على اخلاء التجمع البدوي في الخان الاحمر لعزل القدس عن الضفة وطبعا انشاء كيان منفصل في قطاع غزة والعمل على انسنة القضية الفلسطينية .
فبعد اعلان ترامب عن ازاحة قضية القدس عن طاولة المفاوضات، والتي تعتبر من اعقد واصعب قضايا الوضع النهائي والعمود الفقري للقضية الوطنية الفلسطينية ، و استناد الموقف الامريكي الى تقرير ساهم مسؤولون إسرائيليون في الترويج له خلال السنوات الماضية ، والذي جاء فيه انه طالما كان هناك موقف ضبابي بخصوص قضية ما وتحديدا "القدس" فان ذلك يُغري السلطة الفلسطينية للتشدد في مواقفها عبر رهانها على امكانية تحقيق انجاز ما عبر الضغط الأمريكي على الطرف الاسرائيلي ، ويضيف هذا التقرير الذي تبنته ادارة ترامب ان حسم الموقف من القدس يبدد رهانات السلطة الفلسطينية ويدفعها الى التخلي عن اوهامها وتسليمهم بواقعية الامر الذي فرضته واشنطن على ارض الواقع .
وفي ضوء ما سبق يصبح مفهوما فرض ترامب للعقوبات المالية على السلطة الفلسطينية بعد اعلان القدس كعاصمة للاحتلال ، فذلك يعني ان واشنطن تتعامل مع اعلان القدس كعاصمة للاحتلال كنقطة انطلاق جديده في عملية تسوية جديده ولكن بمقاسات امريكية اسرائيلية ، وبناء عليه تلاحقت الخطوات الاسرائيلية الأمريكية التي تسعى الى تحويل كل شيء الى امر واقع يعجز الفلسطينيون على تغيره ، حيث راينا سرعة الخطوات الاسرائيلية على الارض بالتزامن مع المواقف الامريكية ومصادقة الكنيست الاسرائيلي على" قانون القومية " " والقدس الموحدة" وايضا قرارات مركز حزب الليكود ضم مستوطنات الضفة الى اسرائيل .
وكان اللافت ان ترامب تعامل " كفتى كوبوي " مع السلطة الفلسطينية وبسياسة فرد العضلات لترهيبنا وتركيعنا وكان اخر هذه البلطجة توقيع ترامب على قانون ينهي المساعدات الامريكية المقدمة لأجهزة الامن الفلسطينية معتقدا ان ذلك سيعمل على رضوخنا له ولكن كل ذلك تبدد بموقف وتصميم الرئيس ابو مازن وخطابه التاريخي في مقر الامم المتحدة الذي ازداد ثباتا وقوة امام التعنت والانحياز الامريكي وكان تحدي الحق الفلسطيني واضح وجلي امام الضغوط الامريكية الهائلة التي تعرض لها الرئيس وإصراره على مقاطعة اي وفد امريكي مما يؤكد على ثبات الموقف السياسي الفلسطيني في مواجهة كل المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية والمشاريع التصفوية لها وتمسكه بثوابتنا الوطنية بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على اراضينا المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس بمقدساتها الاسلامية والمسيحية .
وبناء عليه فان المؤامرات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية باتت لا تحتمل اي تأخير في تحقيق المصالحة الداخلية فالمصلحة الوطنية هي الاساس وما دون ذلك هو امر ثانوي لذلك يجب ان يرتقي الجميع الى مستوى التحديات التي تعصف بنا وذلك من خلال تنفيذ ما تم التوصل اليه بين حركتي فتح و حماس سنة 2011و2017 في القاهرة وعدم الحديث عن اي مبادرات جديدة لان الوضع لا يحتمل اي مماطلة او تأخير، فالقاهرة تبذل ما بوسعها في محاولة اعادة اللحمة للبيت الفلسطيني وفي هذا السياق نحن نثمن الجهود المصرية للمصالحة فمصر ستبقى الراعي الاساسي للمصالحة برغم من محاولة بعض الدول الصغيرة لتدخل في هذا الملف ،حيث ستبقى مصر هي العنوان الرئيسي وذلك للخصوصية وعمق العلاقة بين مصر وفلسطين فهي الشقيقة الكبرى عزتها ورفعتها عزة ورفعة لفلسطين ، لذلك المطلوب ان تصفو النوايا بين الفصائل الفلسطينية وان تسود لغة العقل من اجل تغير الواقع الفلسطيني المتشرذم ،و ضرورة العمل على توحيد الصف الفلسطيني وتجاوز الخلافات الداخلية من أجل افشال المخططات التي تعصف بالقضية الفلسطينية ومواجهة صفقة القرن التي يجب ان تدفعنا جميعا الى التوحد تحت عنواننا الكبير وهو منظمة التحرير الفلسطينية التي ستبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني شاء من شاء وابى من ابى .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية