تعرفت على الرئيس برهم صالح، والتقيته غير مرة من خلال الدعوات والزيارات المتكررة لبغداد وكردستان من قبل صديقي حكمت محمد كريم (ملا بختيار) أمين سر المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ووجدت لديه وفيه أنه من مدرسة الرئيس الراحل جلال الطالباني، التي تؤمن حقاً بمسألتين مترابطتين وهما:
أولاً: الحفاظ على الشخصية الكردية واستقلاليتها وهويتها الوطنية القومية ورد الاعتبار لها بما تستحق بعد ظُلم تاريخي وقع عليها من قبل ثلاث قوميات عملت وإن كانت منفصلة عن بعضها البعض، على اضطهاد الكرد وحرمانهم حقهم في التعبير والهوية وسرقة تاريخهم وتشويه روايتهم وتحالفاتهم وهم العرب في العراق وسورية وتركيا وإيران، فالكرد وأرضهم ينقسمون بين البلدان الأربعة حيث تمزق ولاؤهم وثقافتهم وتشردوا مضطهدين لما تعرضوا له من حرمان حق تقرير المصير وتدمير تماسكهم بأقسى أنواع الذل والمهانة، باستثناء فترة قصيرة سعى لها الرئيس الراحل صدام حسين، حينما قرر منح الحكم الذاتي منفرداً عن باقي دول الإقليم، لإقليم كردستان العراق.
ثانياً: الحفاظ على وحدة العراق وتماسكه على أساس المواطنة والشراكة ودولة عراقية موحدة تضم قوميتين متساويتين في الحقوق والواجبات العرب والكرد، وضمن دستور ديمقراطي يكفل الموازنة بين الأغلبية والأقلية.
سمعته يقول رداً على رغبات الانفصال الكردي عن العراق وعلى فكرة الاستفتاء: «كيف يمكن المساواة بين فكرة الشراكة في دولة كبيرة قوية، وبين دولة مستقلة صغيرة محاصرة من خصوم وأعداء لن يتركوا لها فرص الحياة السوية والطبيعية».
برهم صالح أدرك بشكل مبكر مثله مثل رفيقه ورئيسه جلال الطالباني أن تركيا وإيران ضد أي نزوع استقلالي لدى الكرد، لأن ذلك سيؤثر عليهما، فإذا كان الكرد في العراق ستة ملايين، وفي سورية مليونين، فهم في تركيا ثمانية عشر مليوناً، وفي إيران حوالي عشر ملايين ما يعني أن فكرة استقلال كردستان العراق إذا انتصرت وتعززت ستدمر تركيا وإيران لأنها ستتسلل لهما وتدفع باتجاه استقلال الكرد لدى تركيا وإيران، كما أن الاستقلال الكردي وإن كان قضية وطنية قومية لدى الكرد، ولكنها قرار دولي، لم يكن متوفراً حتى لدى الولايات المتحدة التي رفضت فكرة الاستفتاء وهذا ما نصحتْ به واشنطن حليفها رئيس الإقليم مسعود البرزاني الذي ارتكب خطأه التاريخي بالإصرار على الاستفتاء ما أدى إلى هزيمة كردستان وخسارة العديد من الإنجازات التي حققها الكرد عبر نضالهم الطويل وتضحياتهم الكبيرة.
جلال الطالباني كان يتباهى بعلاقته مع رفيقه الراحل جورج حبش، ومع صديقه نايف حواتمة فيصف نفسه على أنه لو لم يكن كردياً لكان قومياً عربياً بروح تقدمية تصر على الشراكة والوحدة والمساواة بين العرب والكرد.
نجاح برهم صالح لم يكن نتيجة التصويت فقط بل هو نتاج تاريخ ونضال وتفاهم وإصرار على العلاقة الندية المتكافئة وإرساء قيم المساواة بين العرب والكرد لدى الدولة العراقية الموحدة على أساس المواطنة والشراكة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية