وعود أولمرت الكاذبة كان عنوان مقال لي نشر في العام 2007، في السنة الثانية لتولي إيهود أولمرت رئاسة الحكومة الإسرائيلية، والتي استمرت من 2006 الى 2009. اثناء اللقاء مع الرئيس محمود عباس ادعى رئيس الحكومة الاسرائيلية السابقة ايهود أولمرت الذي أطلق سراحه من السجن العام الماضي، بعد أن أدين بتلقي الرشوة، أنه على قناعة، بأنه لو استمر في منصبه ثلاثة أو أربعة شهور أخرى، لكان أنجز اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية. 


اللقاء عقد بين إيهود أولمرت والرئيس عباس في باريس، قبل توجهه الى نيويورك لإلقاء خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. 


وكأن الرئيس عباس يريد إثبات حسن نواياه تجاه إسرائيل وتمسكه بالعودة للمفاوضات، وما يسمى العملية السلمية. ويبدو أن الرئيس اراد رد الإعتبار وتبييض صفحة أولمرت على حساب الفلسطينيين والذي ظهر في مقابلة مع التلفزيون الفلسطيني، ووصف، الرئيس عباس بأنه الشخصية الأهم في العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأنه الوحيد القادر على تنفيذ حل الدولتين.


أولمرت لا يزال متمسك بوصية رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق أرئيل شارون، الذي قال لأولمرت: حينما يكون الوضع صعباً وتتزايد الضغوط، اعتمد على الفلسطينيين سيخرجونك من الورطة، سيقومون بأي هراء ينقذك. وصية من وصايا شارون لأولمرت، الذي كانت تلاحقه قضايا الفساد وصاحب السمعة السيئة في إسرائيل، وكان ولا يزال لا يملك إلا الكذب على الفلسطينيين في محاولة منه للخروج من أزماته.


 ولم يقدم شيئاً لهم إلا الوهم واللقاءات التي تجري دوريا وكان يسعى من خلالها الإثبات للمجتمع الدولي أن هناك مفاوضات سياسية تُجرى مع الفلسطينيين، وتقدمه على أنه رجل سلام.


في حينه أولمرت بعد توليه رئاسة الحكومة مباشرة طرح  خطة سياسية والوعود بالانسحاب من أراضي الضفة مقابل اتفاق سلام شامل، وعقد اللقاء الأول مع الرئيس محمود عباس بعد أن كان في نظره رجلاً ضعيفاً لا يملك القوة ليكون شريكا، أصبح شريكا ويجب دعمه وتقويته. 


أولمرت تراجع عن خطته التي طرحها  على اثر عقد مؤتمر انابوليس 2007، ، ولم ينفذ من وعوده  إلا الاستمرار في المفاوضات، ووعود بتقديم تسهيلات إنسانية. واستمر الاحتلال في مارس القتل والتدمير والاستيطان، وتهويد القدس وحصار قطاع غزة ، وشن في فترته حرب عدوانية على القطاع لم تنقذه من الملاحقات القضائية.


وتكررت اللقاءات بين أولمرت وعباس ولم يلتزم اولمرت بتقديم أي شيئ للرئيس عباس والوعد بتقديم تسهيلات للفلسطينيين ورفع بعض الحواجز في الضفة، وتسهيلات اقتصادية، وظل اولمرت  متمسك بالموقف الإسرائيلي الثابت لدى جميع رؤساء الحكومات، ورفض البحث في مسائل الحل النهائي. 


الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت ولا تزال ترى الحل من خلال رؤيتها، وضمن شروطها، واللقاءات التي عقدت والتي سوف تعقد على وقع استمرار الاحتلال بكل ما يعني ذلك من اغتصاب للأرض والمقدسات ومصادرة الأرض، وبناء المستوطنات، والقتل والاعتقالات، وقضية الأسرى تراوح مكانها.


بعد تسع سنوات من ووعود أولمرت الكاذبة. هل سيستمر الرئيس محمود عباس في السياسة نفسها، والعودة للمفاوضات، حتى بعد النكبة الجديدة التي حلت بالفلسطينيين ومحاولة انهاء قضيتهم مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية، واعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفراتها اليها، وخطة تفكيك اونروا، واغلاق مكتب المنظمة في واشنطن، وينتظرون الوعود؟ 


الرئيس محمود عباس لا يزال مؤمن بالعملية السلمية، وستبقى المفاوضات الطريق الوحيدة لمواجهة الاحتلال رغم الوعود الكاذبة والمضللة، خلال السنين الماضية وممارسات الاحتلال على الأرض، وسقفه منخفض، ولا يزال ينتظر تغيير ترامب مواقفه، ولم يتم العمل على السير في التأسيس لنظام سياسي فلسطيني، وبناء إستراتيجية وطنية لانقاذ المشروع الوطني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد