المنظمات الأهلية توصي برؤية وطنية للحد من البطالة والفقر بغزة
أوصى ممثلو منظمات أهلية ونقابية واقتصاديون وخبراء، بضرورة صياغة رؤية وطنية من أجل المساهمة في التخفيف من حدة البطالة والفقر في قطاع غزة ، مشددين على أهمية توفير البيئة السياسية والاقتصادية، واستقرار النظام السياسي الفلسطيني ووجود حكومة واحدة.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها شبكة المنظمات الأهلية بعنوان "التشغيل المؤقت بين الاغاثة والتنمية" بالشراكة مع شبكة سوليدار ضمن مشروع "العمل اللائق والحماية الاجتماعية وحرية التنظيم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وطالبوا بتكتيف الجهود من أجل وضع برامج التشغيل المؤقت ضمن أُطر تمكينية للشباب بما يفور لهم فرص حقيقية لبناء قدراتهم ويتعزز من فرصهم للمنافسة على فرص العمل مشددين على ضرورة وضع خطط فعالة للتدريب المهني والتقني، ومواءمة مخرجات التعليم العالي ومدخلات سوق العمل، وسن التشريعات التي تكفل حماية المتعطلين عن العمل.
وافتتح الورشة مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا قائلاً أن الورشة تأتي في ظل تراكم الأزمات المتواصلة على قطاع غزة، مؤكداً على أن نسبة البطالة في قطاع غزة ارتفعت الى نسب غير مسبوقة، حيث تعتبر أحد المعضلات الصعبة التي تتضاعف تداعياتها الخطرة بالذات على فئة الشباب.
وأشار الشوا إلى أن الحصار الإسرائيلي الجائر خلف الكثير من الآثار المدمرة على واقع ومستقبل الشعب الفلسطيني وهو يعتبر السبب الأول للبطالة، كذلك الانقسام السياسي، وعجز التمويل التنموي والإنساني ، حتى باتت مختلف المؤسسات تعاني من قدرتها على تقديم الخدمة للمواطنين.
ولفت الشوا الى أن الورشة تهدف لدراسة سبل بلورة رؤى موحدة اتجاه مشاريع التشغيل المؤقت، مشيرا الى أن رؤية الشبكة تنطلق من ضرورة تمكين الشباب اجتماعيا واقتصاديا وسياسياً وتفعيل مشاركتهم في رسم مختلف سياسات التشغيل.
وطالب الشوا بضرورة بذل كل الجهود الممكنة للتخفيف من حدة البطالة وتعزيز التنسيق والتعاون بين المؤسسات المختلفة وصندوق التشغيل الفلسطيني في سبيل توفير فرص العمل المناسبة، وإعطاء فرص أفضل للشباب في التوظيف والمساهمة في عملية التنمية، مشدداً على ضرورة وضع رؤية حقيقية وخطة واضحة يشارك فيها الجميع.
ومن جهتها قدمت م. نور حبيب مديرة المشاريع في الصندوق الفلسطيني للتشغيل في ورقة العمل بعنوان "رؤية الصندوق الفلسطيني اتجاه مشاريع التشغيل المؤقت من أجل التنمية"، مشيرة الى أن صندوق التشغيل هو المظلة الوطنية والمرجعية القانونية للتشغيل حسب قرار مجلس الوزراء والذي أنشئ من أجل المساهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية من خلال تفعيل وتحفيز سياسات سوق العمل والمساهمة في خلق فرص عمل مستدامة لمحاربة الفقر والبطالة.
وأشارت حبيب الى أن الصندوق يسعى لتوفير الموارد المالية والفنية التي تساهم في تنمية الموارد البشرية وتطوير قطاع الأعمال في شتى المجالات، وذلك من خلال تمويل ودعم للمشاريع الإنتاجية والخدماتية والاقتصادية، موضحة أن الصندوق يساهم في صقل مهارات الخريجين الجدد وفقاً لاحتياجات سوق العمل المحلية والذي يواجه ضعفاً في مهارات وكفاءات الخريجين الناتجة عن الفجوة ما بين مخرجات التعليم والمهارات اللازمة في سوق العمل.
وأكدت حبيب على ضرورة توجيه كافة التمويل للمشاريع التشغيلية التنموية لحل أزمة البطالة وصقل مهاراة الخريجين، والعمل على تعزيز البرامج التنموية الهادفة والمنتجة وخاصة القطاعات الاقتصادية التي تسمح بالتوسع واستيعاب عمال جدد بما يحقق الاستدامة في العمل، وفقاً لاحتياج المؤسسات للموارد البشرية.
وبدوره لفت د. ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والأعلام لدى غرفة تجارة وصناعة غزة في ورقة بعنوان "رؤية القطاع الخاص اتجاه مشاريع التشغيل المؤقت" الى دور القطاع الخاص كمشغل رئيسي للعمالة، حيث بلغت نسبة العاملين في القطاع الخاص 52.7% في فلسطين لعام 2017.
واستعرض د. الطباع ابرز مؤشرات البطالة حيث بلغت نسبتها في قطاع غزة 53.7 % خلال الربع الثاني من عام 2018 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني كما بلغ عدد العاطلين عن العمل 283 ألف شخص، ووصلت نسبة البطالة بين الخريجين 73% في الفئة العمرية من 29-20سنة، وأن معدلات الفقر أصبحت 53%، ونسبة انعدام الأمن الغذائي لدي الأسر 72%.
وقال الطباع أنه وعلى مدار العشر سنوات السابقة انتشرت برامج التشغيل المؤقت في قطاع غزة بشكل ملحوظ حيث تم تشغيل ألاف الخريجين وصرف ملايين الدولارات من خلال برامج التشغيل التي ساهمت في التخفيف من حدة الظروف الاقتصادية بإيجاد فرص عمل لعدد من الخريجين لفترات محدودة دون تحقيق التنمية المطلوبة أو أن تساهم في خفض معدلات البطالة المرتفعة، كما أشار الى التحديات التي تعيق نجاح برامج التشغيل المؤقت اولها استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وعدم التنسيق أو الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص في تنفيذ تلك البرامج، الى جانب النمو السكاني المتزايد، واخيراً أزمة الكهرباء والتي بدورها تساهم في خفض الإنتاجية في كافة الناشطة الاقتصادية.
وأوصى الطباع بضرورة تنفيذ برامج التشغيل المؤقت بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص والتي تعتبر المشغل الأكبر للعمالة في فلسطين، لتوجيه الخريج للعمل بما يتلاءم مع طبيعة التخصص، وتغيير المفهوم السائد حول برامج التشغيل المؤقت.
وبدوره أشار عضو الهيئة التنسيقة في الشبكة ومدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين نضال غبن في ورقته بعنوان "سبل الاستفادة من برامج التشغيل المؤقت في التنمية ورؤية المجتمع المدني" الى التداعيات المترتبة على انهيار مستويات المعيشة عقب تعطل آلاف المنشآت في قطاع غزة وتسريح قرابة 30 ألف عامل.
ونوه غبن إلى أن البنك الدولي في بيانه عام 2015 يشير إلى أن قطاع غزة يحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم في معدل البطالة، مبينا أن عدد العاطلين عن العمل حسب تعريف منظمة العمل الدولية وصل إلى 377.300 شخص، بواقع 220.200 في قطاع غزة مقابل 157.100 في الضفة الغربية.
وأكد غبن أن الوضع الكارثي نتج عن العديد من العوامل منها اتفاق باريس الاقتصادي الذي وضع الاقتصاد الفلسطيني رهينة بيد الاحتلال ليوظفه لخدمة أهدافه السياسية، ناهيك عن الحصار وإغلاق المعابر مسبباً تراجع كبير في مشاركة قطاع الزراعة والخياطة والنسيج والصناعة والبناء.
وطالب غبن بضرورة وجود خطة طوارئ عاجلة لإنقاذ الحالة الفلسطينية من الانهيار الكلي، من خلال تشكيل صندوق تكافل اجتماعي تديره هيئة وطنية مستقلة تشرف بشكل كامل على توزيع المساعدات والتبرعات وفقًا لمعايير الإنصاف والعدالة الاجتماعية.
ومن جهتهم طالب المشاركون خلال مداخلاتهم في نهاية الورشة الى ضرورة توجيه الخريجين الحاصلين على تشغيل مؤقت الى مؤسسات أهلية واقتصادية تكسبهم خبرات جديدة لتكون فرص إضافية لتوظيفهم، مشددين على تغيير المفهوم السائد حول برامج التشغيل المؤقت بأنها دورات بطالة مؤقتة ووضعها في قالب تمكين تنموي.