السرطان ينتزع بسمة مصابيه من أطفال غزة
حينما تطأ قدماك قسم مرضى السرطان بمستشفى الرنتيسي للأطفال، تستقبلك وجوه بريئة تنتظر جرعة العلاج، علها تنقض حياتهم وتنعش أرواح أهاليهم المتعبة.
والدة الطفلة منه الحو (أربع سنوات) من سكان مدينة غزة ، لم تكن تدري أن إصابة ابنتها العام الماضي بألم في الحلق، سيضحى سببا لجعلها تواظب على زيارة مستشفى السرطان. وتقول والدة منه لوكالة (سوا): قبل ثمانية أشهر أصيبت بالتهاب حاد في لوزتيها، جعلها طريحة الفراش، ورافق ذلك ظهور بقع زرقاء على جسدها، الأمر الذي أثار ريبتي.
واصطحبت طفلتها إلى المستشفى، وأجرت لها تحاليل عدة، ليتبين من نتيجتها أنها مصابة بسرطان في الدم. "انتشر المرض الخبيث في جسد منه، وتساقط شعرها، ولم تعد تحتمل" تضيف والدتها وملامح الأسى ترتسم على وجهها. يحاول كل من حوله بتخفيف عليها ببعض الكلمات التي لا تحذو مع طفلة حلمها ان يعود شعرها كم كان
وفي غرفة مجاورة بذات المستشفى، ترقد الطفلة جنات جراد (9 اعوام) على سريرها، وعيناها تراقبان قطرات محلول الكيماوي التي تتسلل عبر أنبوب بلاستيكي مشبوك بجسدها النحيل الذي تشبث به سرطان الدم منذ سنتين. على صدى أنين الألم الذى ينهش جسد الطفلة جنات ، يقول والدها لـ(سوا) : "حبات الدواء هيا الأمل الوحيد لنا بالشفاء من المرض الذي يأكل أجساد ابنائنا مع مرور الوقت دون أن يشعر بنا أحد". ويضيف : "انقطاع الدواء يضاعف معاناتنا وآلامنا، ويجعلنا كالمتعلق بقشه (..) نخشى أن يتوقف بأي وقت وينتهي معه كل شيء". ويتابع بنبرة غاضبة : "لا نطلب من المسؤولين المستحيل، كل ما نريده هو أن يرحمونا و يوفروا العلاج لأطفالنا لأنه مكلف جداً ولا نستطيع تأمينه خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشة الصعبة التي نعيشها في غزة
". وتقول والدة الطفل محمود عطوة التي تحدثنا لوكالة (سوا) عن لحظة معرفته بمرض طفلها : "توقف الزمن فعلا حين تم إعلامي بأن طفلي مصاب بالسرطان". وتضيف : "لو أستطيع أن أفديه بكل ما لدي لأشتري شفاءه لما بخلت عليه بشيء حتى وإن اضطرني الأمر لأتدين ”ّ وتشير إلى أن "انعدام الدخل المادي يقف عائقاً في بعض الأحيان أمام توفير الأدوية الطبية اللازمة للرعاية الأولية لصحة محمود"، مطالبة بتوفير العلاج لجميع الأطفال مجانا
. في ظل النقص بالأدوية ونفاذ العديد منها، طالب مركز "حماية" لحقوق الإنسان، رئيس السلطة الفلسطينية، بإنهاء كافة الاجراءات المتخذة ضد غزة وإنهاء كافة الأزمات المتعلقة بالقطاعات الانسانية المختلفة، وعلى رأسها أزمة قطاع الصحة.
كما دعا المركز حكومة الوفاق إلى اتخاذ التدابير الفورية اللازمة، لإنقاذ مئات المرضى، مطالبًا منظمة الصحة العالمية لسرعة التدخل لحل الأزمات المتعلقة بالقطاع الصحي، وإنهاء معاناة المرضى. تجدر الإشارة إلى أن قطاع غزة، يعاني ومنذ عام 2007 أزمات معيشية وإنسانية وصحية حادة، جراء مواصلة فرض الحصار الإسرائيلي، واستمرار الانقسام الفلسطيني. يذكر أن حكومة الوفاق الوطني، وردت عبر وزارة الصحة، شحنة من أدوية السرطان إلى المرضى الأطفال بغزة، وذلك بعد إعلان مستشفى الرنتيسي قرب نفاذ عدد من الأصناف الرئيسية.