" يولد الناس جهلاء، والتعليم أحيانا يحولهم إلي أغبياء "!،بقلم: أسامة رضوان

أسامة رضوان

التعليم هو أهم الأدوات الإنسانية التي تقود المجتمعات نحو التغيير للأفضل, وهو مقياس تقدمها ونهضتها وحضارتها على مر التاريخ. فجميع الأمم المتقدمة راحت في تبني نظم تعليمية محدثة ومواكبة للتغير الحاصل على مستوى سياقاتها المجتمعية والتطور العالمي المحيط.

وإن نظرنا إلى أبرز ما يميز هذه النظم التعليمية, نجدها تتميز بأنها تتيح للمتعلمين الحرية وتتبني نهج يتيح لهم التفاعل والمشاركة واكتشاف وبناء وتطوير كل من مهاراتهم, وقدراتهم, واهتماماتهم, وميولهم وقدراتهم الفكرية والعقلية أيضا.

هذا النهج من التعليم يندرج تحت مفهوم أصبح متعارف عليه مؤخرا بالتعليم التحرري, هذا المفهوم ثوري في جوهره لأنه يقوم علي مواجه مستمرة بين العقل والوعي من جهة والمسلمات الثقافية والاجتماعية الموروثة والمنقولة دون وعي من جيل لآخر من جهة أخرى.

فالتعليـم التحرري هـو عملية تعليم وتعلم, مركزهـا الفرد وغايتها المجتمـع، تقوم علـى تحرر العقل والتشـاركية والتأثيـر المتبادل بيـن الأفراد والجماعـات فـي البيئـة التعلّميـة والتعليميـة، ينتج عنهـا اكتسـاب معـارف وممارسـات متجـددة تقـود إلـى التغييـر الإيجابي الفردي والجماعي.

و يتعدى العملية التعليمية القائمة في المدارس إلى مسرح الحياة وجميع جوانب البيئة المحيطة بالمتعلم، وان كان تعميم هذا المفهوم على التعليم المدرسي يكتسب أهمية استثنائية نتيجة الدور الهام والمؤثر للمدرسة والمنهاج المدرسي في بناء شخصية الفرد. وبالتالي، فإن من شأن تكريسه كبديل للمنهاج المدرس التقليدي أن يسرع في عملية التغير الاجتماعي والتطور المنشود

وعودة إلي منهاج التعليم في مجتمعنا الفلسطيني وإن ظهرت مؤخراً جهوداً ومساعٍ عدة لتحديثه وتطويره ليكون مواكباً للتطورات العلمية الجارية في الدول المتقدمة على المناهج كما هو معمول به في منهج المرحلة الأساسية التي كرس خلالها مهارات التخيل والبحث والتفكير وركز على مهارات التحليل والتركيب لدى المتعلمين في هذه المرحلة, إلا أنه يؤخذ عليه بعض المآخذ بشكل خاص وكذلك على تعليمنا بشكل عام. فتعليمنا كان وما زال يوصف بأنه يعتمد على التلقين وتقديم المعلومات للمتعلمين من خلال المعلم أو الكتاب المدرسي أو أوراق العمل أو ملزمة المراجعة للامتحانات التي يجتهد عليها بعض المعلمون وما على الطلبة سوى فهمها أو حفظها للنجاح في الاختبارات. وهنا نجد أن المعلم لم يأخذ بعين الاعتبار ممارسة دوره داخل الغرفة الصفية بالشكل المطلوب, وقد أهمل المهارات التي يحاول المنهاج الجديد أو حتى القديم إلى حد ما- إكسابها للطلبة. فنجد أن هذه المصادر هي المصدر الوحيد للمعلومة لدى الطالب.

يصبح الطالب هنا مرهونا بالمعارف التي يقدمها للمحتوى وبالتالي فإن بوابة عبوره للنجاح والتحصيل الأكاديمي تقاس بمقدار حفظه لها واستخراجها عند الحاجة علي ورقة الامتحان.

فكما تظهر حنان الرمحي في دراسة قدمتها بعنوان" التعليم في فلسطين" استعرضت خلالها بعض مظاهر الخلل في النظام التعليمي القائم فتقول:" لا تستطيع الغالبية العظمي من طلابي أن تعد ورقة بحثية لأنهم لا يستطيعون التفكير ذاتي, ولا توجد لديهم ثقة بالنفس، أو القدرة علي التفكير بشكل نقدي". وبالتالي يصعب عليهم التقدم في الحياة او المساهمة في المجتمع وتضيف:" إن المعضلة التي تواجههم هي أن المعلمين أنفسهم هم نتاج المجتمع الذي يحتاج إلى تغير".

ثمة حكمة تقول ) يولد الناس جهلاء، والتعليم أحيانا يحولهم إلي أغبياء, ( حتى نكف عن إنتاج أجيال منسوخة عن بعضها، وحتى نستطيع أن نضع أقدامنا علي سكة التغيير والتطور؛ لابد من تشجيع تعزيز وانتهاج منهج التعليم التحرري, فهو يسعى لتحرير العقل من القيم السلبية، وفكفكة الموروث السائد من خلال بناء التفكير الناقد ومهارات التحليل والتقويم ، من خلال الحوار والتشارك واحترام إنسانية الطلبة، واحترام عقولهم، وبالتالي بناء قدراتهم القيادية، وتعزيز روح التسامح واحترام وجهات النظر المختلفة .

ترجع مسؤولية محتوى هذا المنشور لمؤسسة بيت الصحافة, ولا يعكس بالضرورة موقف مؤسسة روزا لوكسمبورغ

مشروع خطوة نحو تعليم أفضل- تنفيذ بيت الصحافة – فلسطين وتمويل مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد