التعليم الجامع ... أمل وحياة..بقلم: محمد الكحلوت

محمد الكحلوت

صغيرا لم يتجاوز ربيعه السادس فقد الطفل محمد يوسف النجار نور حبيبتيه ؛ جراء تعرضه لحادث سير مؤسف ليواصل مسيرته التعليمية محروما من نور بصره، وبنور بصيرته شق طريقه المظلم، فلا عثرات تقف أمام الإرادة والتحدي والإصرار حتى تحقيق الهدف الأكبر في مرمى الحياة من خلال إحراز تفوق دراسي في تلك المرحلة المصيرية الثانوية العامة ، فخاض تحديًا بعد أن تعرض لحادث في طفولته أثناء ذهابه للمدرسة.

يعاني الكثير من الطلبة وبالأخص ذوي الإعاقة منهم من مشاكل عدم ملائمة البيئة المدرسية لاحتياجاتهم, فتصميم البيئة المدرسي يفتقر للموائمة المكانية المتمثلة في كل من تصميم مبنى المدرسة والفصول ومرفقاتها, والمعلوماتية المتمثلة في وسائل التدريس والمصادر العلمية التعلمية وتدريب المعلمين على تعليم الأطفال بمختلف الإعاقات.

وهنا تأتي فكرة العمل على الدمج التربوي للطلبة ذوي الإعاقة مع الطلاب العاديين في المدارس. وبحسب تقرير " للأونروا " للعام 2016, فإن التعليم الجامع له دور هام في إحداث فارق ايجابي في نظام التعليم وضمان التعرف على الاحتياجات الإضافية للطلبة لتمكينهم من بلوغ كامل طاقاتهم.

هنا يعرف التعليم الجامع بأنه: " إزالة كافة المعيقات التي تمنع جميع الأطفال واليافعين والراشدين من الوصول إلى فرص وبيئة تعليمية عادلة دون اعتبار للقدرة أو العجز أو الجنس أو الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو الصحية أو الاحتياجات الأخرى".

في إطار هذا الموضوع قمنا بعمل مقابلة مع الطالب الكفيف محمد النجار الحاصل على معدل 94% في الثانوية العامة, ومن خلال الحديث تعرفنا منه عن أهم المشاكل التي كانت تواجهه خلال فترة دراسته وكيف وظفت المدرسة والمعلمين و الأهل كافة الإمكانيات لتعزيز مشاركته و دمجه مع الطلاب العاديين في المدرسة.

ولابد من عثرات في الطريق، وصعوبات من أهمها, أخبرنا عنها النجار في حديثه: "في مرحلة الثانوية العامة يلتحق الطالب في مدارس المبصرين بعد أحد عشر عامًا من الدراسة في المدارس الخاصة، وصحيح أنها مرحلة تؤهله للالتحاق بالجامعة، ولكن الأفضل أن يكون صف الثاني ثانوي مع الطلبة المبصرين ليتمكن الطالب الكفيف من الاندماج".

دور الأهل :

ونوه إلى أن أكثر ما كان يعاني منه في هذه المرحلة هو عندما يكتب المدرس شرحًا على السبورة ولا يستطيع أن يكتب كباقي الطلاب، فيضطر إلى استعارة كراسات زملائه كل نهاية أسبوع، ويتولى أحد من أفراد عائلته مهمة إملائه لكي يقوم بالطباعة على آلة "برايل"، وكان هذا الأمر يأخذ منه وقتًا كبيرًا, بالإضافة إلى تشجيع الأهل له وعدم تعاملهم على أنه صاحب إعاقة وأيضا أيمانهم الكامل بقدراته وإمكانياته.

دور المدرسة :

وقد وفرت له وزارة التربية والتعليم الكتب الخاصة بالمنهاج الدراسي بلغة برايل، وتخصيص لجنة خاصة لتقديم الامتحانات، كما وفرت له كاتبا خاصا لتدوين إجاباته، ولكنه كان يأمل أن يكتبها بيده ليستطيع أن يعبر عما بداخله، خاصة في موضوع التعبير، والأسئلة التي تحتاج إلى الشرح.

وأوصل رسالة للطلبة العاديين بضرورة استثمار نعمة الصحة بالاجتهاد والمثابرة من أجل تحقيق التفوق والنجاح، وعلى الطلبة المكفوفين التمسك بالعلم والتعليم فهو سلاحهم الوحيد في سبيل الدفاع عن حقوقهم، وبالتحدي والاجتهاد ستهزم الإعاقة.

أراء المرشدين التربويين في التعاليم الجامع

يقول رائد غنام المرشد التربوي في مدرسة أحمد ياسين الذي كان يتابع حالة الطالب محمد النجار خلال الفترة الدراسية، هو طالب ثاني عشر آداب حاول الانضمام للمدرسة من الصف الحادي عشر واخذ الفرصة لكي يخوض التجربة ويبدوا انه لم يتعايش مبدئيا مع أجواء المدرسة كونه انه تأسس في مدرسة النور والأملللمكفوفينالأمر الذي كان صعباً أن يتعايش في مدرسة عادية للمبصرين بسبب عدم تهيئة الوضع المناسب له .

ويضيف غنام أن مجرد سماعي بأن هناك طالب قادم للمدرسة كفيف ويمتلك قدرات ذهنية وعقلية عالية قمت بالاتصال على المرشد التربوية في مدرسة النور التي كانت تشرف على الطالب محمد وبعدها قمت بعمل ملخص لحالته لمعرفة نقاط القوة والضعف لدى محمد ومعرفة الأشياء الايجابية إلي كانت تميزه بشخصيته وتعاملاته وقدراته العقلية وأيضا سلبياته مثل الخجل الزائد في بعض الأحيان الحاجز بينه وبين المبصرين والاهم انه حد الاستثارة كان عند محمد بسيط جداً انه من اقل موقف كان يغضب وينفعل . هذا الشيء واجهته في البداية بالمعايشة مع محمد بمواقف حصلت بينه وبين المدرسين والطلاب ولكن بحمد الله تمكننا من تجاوز هذه المرحلة ووصلنا محمد أن يكون من الطلبة الهادئين داخل المدرسة.

ويشيد غنام أن محمد النجار بداية المدرسة اندمج مع الطلبة العاديين سريعاً بسبب إمكاناته العقلية الممتازة وبالإضافةإلى المساعدة التي قدمتها شخصياً كمرشد تربوي في المدرسة وأيضا الطاقم الإداري والمدرسي واليات التعامل من خلال النصائح الي قدمتها لطاقم العمل بكيفية التعامل مع محمد والتهيئة السابقة للطلاب الفصل المبصرين بحيث يتعاملوا مع محمد كأنه طالب مبصر وليس من باب العطف والشفقة بقدر ما هو يحتاج للمساندة والدعم من أصدقائه.

مشاركة محمد في الفعاليات والإبداعات

يقول غنام كان محمد دائما مبادراً في الفعاليات والأنشطة داخل المدرسة فقد تم تشكيل لجنة إرشادية كان يترأسها محمد النجار وكنت معنى بقوة انه يكون على رأس اللجنة حتى يتمكن من كسر الحاجز بشكل نهائي بينه وبين الطلاب العاديين , وقدم برامج إرشادية ومواضيع نوعية للطلاب ودخل مسابقة مع أقرانه المبصرين على مستوى مدارس رفح كانت المبادرة تهدف إلى تهيئة الطلاب المبصرين بحقوق الطالب المعاق .

وكون محمد فريق عمل وقام بعمل لقاءات ومقابلات مع زملائه والمدرسين ومدير المدرسة وخاض أكثر من حصة توجيه جمعي داخل الفصول بالتوعية حول الطالب المعاق وفاز محمد بأنه صاحب أفضل مبادرة على مستوى رفح وتقاسم مع زملائه الجائزة المادية فكان هذا الجانب الإنساني الجيد في محمد .

نحن بحاجة إلى تعميم هذه التجارب وتوعية الأهالي والمعلمين بأهمية :

الإقرار بالاحتياجات الفردية وبضرورة توفير الدعم المناسب لتلبيتها .

تلبية احتياجات جميع الطلاب مع التركيز على أولئك الأطفال الأكثر عرضة للتهميش والإقصاء.

تبني النموذج الاجتماعي للإعاقة.

تعزيز البيئة المدرسية الجامعة الصديقة للطفل, الصحية والآمنة والمحفزة.

تعزيز الدعم المدرسي للطلبة ذوي الاحتياجات الإضافية.

إن التعليم عملية حية للارتقاء بالشخصية الإنسانية في كافة الجوانب العقلية, والمهارية, والوجدانية, وإن الجهود الرامية لتوسيع فرص الالتحاق بالتعليم لا بد وأن تكون مصحوبة بسياسات تسعى إلى جودة التعليم في كافة مستوياته, وفي كل من البيئات التعليمية النظامية وغير النظامية معاً. والتعليم الجيد حق أساسي للجميع, بصرف النظر عن العمر , أو الجنس, أو الأصل العرقي, أو اللغة, أو الدين, أو الرأي, أو الإعاقة, أو المركز الاجتماعي أو المستوى الاقتصادي.

ولتحقيق ذلك, لابد من تعليم حر وواعي يبني مجتمع مستقل متكامل متسامح و يتقبل الحوار ويكون فيه التعليم قائم على المساواة والشمولية والمشاركة ويحترم قدرات ومهارات جميع المتعلمين.

_____________________________________________________

ترجع مسؤولية محتوى هذا المنشور لمؤسسة بيت الصحافة, ولا يعكس بالضرورة موقف مؤسسة روزا لوكسمبورغ

مشروع خطوة نحو تعليم أفضل- تنفيذ بيت الصحافة – فلسطين وتمويل مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد