في الذكرى السنوية الرابعة لمجزرة رفح “الجمعة السوداء” في الأول من آب/ أغسطس 2014 تقفز أمامي أسماء الشهداء، أيمن ابن عبد الرؤوف الذي عثروا على جثته في ثلاجة الخضروات في المستشفى وتم دفنه، والمسعف الذي نقل جثة ابنه من دون ان يعرف انه ابنه، وبعد ان وضعه في ثلاجة الموتى قالوا له انه زياد، فعاد والقى نظرة الوداع عليه ونقله الى المقبرة لدفنه، ويوسف ابن جلال استشهد، ويوسف ابن جابر أيضا إستشهد أثناء عمله في الاسعاف.


مجزرة “الجمعة السوداء” نفذتها قوات الإحتلال الإسرائيلي الفاشية في رفح من خلال ما يسمى إجراء هنيبعل، واستخدمت جميع انواع الأسلحة والطائرات الحربية والمدفعية وسقطت القنابل على المنازل وعندما هرب الناس من منازلهم، طاردتهم القنابل وأطلقت القذائف على كل شيئ متحرك، وسقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى وتدمير مئات المنازل. أجزاء من جثث النساء والأطفال وكبار السن لم تستطع سيارات الإسعاف أن تتمكن من جمع الاشلاء، كان يوما فظيعا وذكراه المخيفة تلاحق الجميع.


وعند حوالي الساعة الثالثة من فجر الأول من آب/ 2014، إستكملت إسرائيل المهمة حيث ألقى طيار إسرائيلي من سلاح الجو قنبلة على حي الشابورة في مخيم رفح للاجئين حيث ولدت وتربيت وكبرت فيه وفي أزقته وحواريه وتعلمت في مدارس الاونروا ومدرسة بئر السبع الثانوية، وكنا ولا يزال أقاربي وأهلي وجيراني يتلقون العلاج في مستشفى ناصر بخانيونس ومستشفى غزة الاوروبي ومستشفى الشفاء بمدينة غزة. لم تكن مهمة الطيار صعبة هي مهمة سهلة من ضمن مهمات القتل التي ينفذها جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي واستهدفت ثلاث عائلات من قريتي “برير” التي هجر أجدادي ووالدي وعمي في العام 1948، عاشوا معا قبل الهجرة وبعد الهجرة حيث استقروا في رفح وبالتحديد مخيم الشابورة للاجئين وسمي الحي بحي “برير” على اسم قريتهم، واستمروا في السكن ولا يزالوا ليومنا هذا يسكنون معاً وتصاهروا مع بعضهم، فهم لم يكونوا جيران فقط، بل كانوا اقارب تربطهم اواصر المحبة والتضامن والتعاون في كل شيئ.


في تلك الليلة استشهد منهم 14 إنسان، تتراوح أعمارهم بين 4 و60عاماً، بقصف من قبل الجيش الإسرائيلي، القصف لم يدمر فقط ثلاثة منازل من الاسبستوس ليست بحاجة لصاروخ وزنه طن بل دمر ثلاث عائلات، استشهد ثمانية أشخاص، بينهم ستة أطفال. إبراهيم المنيراوي، 55عاما أروى النيرب، 40 عاما وبناتها الثلاثة ضحى 15، ابتسام 12، علا 4. إبراهيم أبو عيطة، 11 عاما، وشقيقه أحمد، 8 اعوام ومحمد 4 اعوام. واصيب الأب فتحي أبو عيطة بجروح خطيرة الذي استشهدت شقيقته غادة قبل ايام جراء اصابتها بصاروخ اسرائيلي في منزلها بمدينة غزة.


رفح خلال العدوان لم تجد مكانا تحفظ فيه جثث شهدائها، وما يسمى مستشفى أبو يوسف النجار تم اخلاؤه بسبب تساقط القنابل في محيطه وتوغل الدبابات على مقربه منه، ولم تستطع سيارات الإسعاف الوصول الى المستشفى غزة الأوروبي لعلاج الجرحى وتم تحويلهم لمستوصفات خاصة غير مجهزة ولم تستطع تقديم الحد الأدنى من الخدمات الطبية لهم.


رفح بحاجة لإهتمام وخدمات ومستشفيات بحجم عدد سكانها البالغ 250 الف نسمة، ليس فقط من أجل الشهداء وحجم نضالاتهم وقوة التحدي والصمود والصبر، إنما من أجل الأحياء، وهم بحاجة لمستشفى وهم ليسوا مجرد أرقام، هم لهم حقوق وأمل في تحقيق أحلامهم ببناء مستشفى، والحق في العلاج داخل المدينة وعدم التنقل بين مستشفى النجار وغزة الأوروبي، وانتظار شهور طويلة لإجراء عمليات جراحية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد