في غزة يتم تداول عملات الشيكل الإسرائيلي والدولار الأمريكي والدينار الأردني، لا يوجد لدينا التزام بأسعار البورصة التي تُحدد قيمة العملات، فهي متروكة لحاجة السوق والعرض والطلب، والسوق السوداء، واحتكار الصرافين، وتفردهم في تحديد السعر الذي يتماشى مع مصالحهم وحسب احتياجاتهم، فالبنوك خلال صرف الرواتب للموظفين مع مطلع كل شهر، وخصم القروض المستحقة على الموظفين، يتم رفع سعر بيع الدولار.

فبعد أن أصدر البنك المركزي الأمريكي، النسخة الجديدة من الدولار ذات اللون الأزرق، بدأت المؤسسات المصرفية والبنوك ومراكز الصرافة والباعة المتجولون في غزة بالتلاعب بسعر صرف الدولار للمواطن، والتمييز بين الورقة البيضاء والورقة الزرقاء، حيث يتم صرف الورقة البيضاء بسعر أقل من الورقة الزرقاء، وذلك بعد امتناع البنوك عن استقبال الورقة البيضاء، ومحلات الصرافة، والصرافين المتجولين، بحجة أن الزبائن لا ترغب بتداولها، وتتذرع البنوك في غزة بأن الاحتلال الإسرائيلي يمنع ترحيل العملات القديمة واستبدالها بحديثه من وإلى القطاع المحاصر.

في ظل غياب الرقابة الإدارية والمالية على سوق صرف العملات في قطاع غزة، يومياً يتم تداول العشرات من أوراق الدولار البيضاء القديمة في السوق المحلي، بهدف الكسب غير المشروع، من خلال خلق فُروقات في سعر صرفها، مما يساهم بقدر كبير في الحاق الخسائر بالمواطن مما ينعكس على تردي الحالة الاقتصادية والمعيشية خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي يمر بها القطاع.

وبذلك يتم السعي لخلق سوق سوداء يتم من خلالها، فتح الباب أمام الصرافين والمتلاعبين للكسب غير المشروع، مع توافر اشاعات كثيرة في الأسواق الفلسطينية بوجود دولار مطبوع في إيران وهو ما يُعرف بالدولار "الإيراني"، وهذا لم يُثبت صحته على الإطلاق.

لم يتمكن العديد من المواطنين في القطاع خلال الأيام الماضية من تصريف ما لديهم من دولارات ذات اللون الأبيض، لأنها تمثل لهم خسارة كبيرة، فالواقع يقول أن كل 100$ تخسر ما يقارب ال3$ دولار أو أكثر، في الوقت الذي لم يصدر بياناً من سلطة النقد الفلسطينية والدوائر الرقابية لدى وزارة المالية توضحان فيه سعر صرف الدولار الأبيض وكيفية التعامل معه أو التخلص منه، ليبقى هناك تساؤل، لماذا يتحمل المواطن نتيجة تواجد الدولار الأبيض في السوق ولماذا لا تسعى سلطة النقد والبنوك الفلسطينية، لجمع الدولار الأبيض وتصريفه بالطريقة التي تراه فيها مناسباً، وذلك من أجل تفادي الخسائر الكبيرة التي يتكبدها المواطنون في قطاع غزة بفعل ذلك، لماذا لا يتم وضع الضوابط والقوانين المحددة لمزاولة مهنة الصرافة في القطاع ومن المسئول عن غياب الرقابة على أسواق العملات.

علماً أن فئة الدولار الأبيض يتم تداولها في كل أرجاء ومصارف العالم دون النظر إلى اللون أو الصفة.

كما أن أسواق العملة في قطاع غزة تعاني من أمر خطير وهو انتشار ظاهرة الصرافين مجهولي المصدر، حيث أن عمليات تداول وصرف العملات تتم بشكل غير قانوني، وخارج الإطار المصرفي، مما أدى إلى وجود السوق السوداء والتلاعب في الأسعار، كما وأن مهنة الصرافة تحتاج إلى تراخيص عديدة، والقانون يمنع ممارسة هذه المهنة، بهذا الشكل، وأن القوانين التي تضبط هذه المهنة قد توصل بممارسيها خارج الإطار الرسمي قد تصل إلى حد الإعدام في الكثير من الدول، وأحكام بالسجن وعقوبات مشددة.

تلك الظاهرة تساهم بشكل كبير في عمليات غسيل الأموال وتبييضها، المُكتسبة من خلال عمليات غير مشروعة، كتجارة المخدرات ومصادر الدخل الغير مشروعة، علماً أن ظاهرة الصرافين المتجولين والغير مرخصين منتشرة في قطاع غزة، ولا وجود لها في الضفة الغربية، ومعظم بلدان العالم.

كاتب وصحفي فلسطيني

alhadath@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد