2014/12/06
31-TRIAL-
مجاهرة رئيس الوزراء رامي الحمد لله برأيه على الهواء مباشرة عبر شاشة التلفزيون خطوة غير مسبوقة فلسطينياً لم يتعود عليها الناس بسماع رئيس الوزراء يتحدث بشفافية بعيداً عن الدبلوماسية وكذب السياسيين في مواجهة مسؤول كبير عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، رداً على إدعاء الأحمد بعدم تدخله بتعيين شقيقة زوجته وزيرة للتعليم.
رد الحمد لله جاء صادماً بإن الأحمد هو الذي رشح الوزيرة وتدخل في تعيينها، وأن الحمد لله لم يتدخل أو يرفض أي وزير، ما جاء على لسان الحمد لله يؤكد أنه مجرد موظف لا حول ولا قوة له، والحكومة هي حكومة الرئيس وتشكيلها وإختيار الوزراء هي بموافقة الرئيس ومن لف لفه وتمت بموافقة حركة حماس .
حديث الحمد لله أظهر المرارة لدى الناس التي أثارتها لديهم صراحته وطبيعة النظام السياسي الفلسطيني وطريقة تعيين الوزراء وإختيارهم القائم على الجهوية والمحسوبية والواسطة، وبموافقة أطراف إقليمية ودولية، كل ذلك يظهر فنتازيا ما يسمى النظام السياسي الفلسطيني وفساده، والاستبداد والدكتاتورية التي أصبحت سمة غالبة في إدارة الحكم و شؤون الناس والتعدي على سيادة القانون و إنتهاكات حقوق الانسان والاعتداء على الحريات العامة والقهر والظلم الذي يعانوه، وما يعيشونه من تعسف في إستخدام السلطة وفق مصالح حزبية وشخصية.
الناس لا يملكوا إلا تجرع المرارة من حالهم وحال قضيتهم خاصة الشبان و إنتقاداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ويعبرون عن مشاعرهم وأحلامهم الضائعة. مكالمة الحمد لله عبر شاشة التلفزيون وضعتهم أمام حقيقة مرة وخيار صعب ومؤلم، من يصدقون وأي الخيارات التي سيسلكونها؟ إما الاستمرار في الصمت أو الخروج إلى الشوارع للتخلص من هذا الحال المقيت؟ وما هي آليات التغيير المتاحة لهم؟
وهم يعيشوا بين حركتين تتحكمان في مصيرهما، كل واحدة منهما تحكم في الإقليم الذي تسيطر عليه بالقوة رغم أنف الناس وعدم رغبتهم بالإستمرار في هذا الحال، والحلم بالتغيير الجذري والشامل بنظام ديمقراطي وتعددية وشفافية وشراكة وطنية، والقضاء على التسلط والاستبداد والفساد وعدم قبول الاخر.
الفلسطينيون الذين يعيشوا في الاراضي المحتلة يعيشوا حال من الارتباك وسرقة أحلامهم والتآمر عليها و إجهاضها من قبل من وثقوا بهم يوماً ما عندما توجهوا لصندوق الانتخابات، فكيف سيكون حال الفلسطينيين المشردين و اللاجئين في أنحاء العالم؟ أعتقد انهم اصبحوا من دون احلام، والأسئلة على ألسنة الكل الفلسطيني من اين جاء هؤلاء؟ وما الذي جعل الاستقطاب في الساحة الفلسطينية على هذا النحو من المغالاة؟ ونحن نعاني من ويلات الاحتلال واللجوء والتشرد؟ وهل صحيح أن النخب الفلسطينية تتحمل مسؤولية عدم فهم طبيعة النظام السياسي الفلسطيني وتسلطه واستبداده وشهوته للسلطة؟ أم هم جزء من المشكلة؟
ذاكرتنا ضعيفة ونسينا طبيعة النظام الفلسطيني منذ خمسة عقود تقريباً القائم على الإستفراد والجمود وعدم الايمان بالتغيير، و إرث منظمة التحرير الفلسطينية ماثل أمامنا، فلا تغيير فيها و يتم استغلالها لمصالح حزبية وشخصية من دون تجديدها ورفدها بقيادات شابة تواكب العصر في مواجهة العالم المتغير واحتلال عنصري مجرم، ومشاركة الكل الفلسطيني في اتخاذ القرارات فيها.
أما عن حال الفصائل الوطنية والإسلامية سواء الأعضاء في المنظمة أو التي تنتظر الدخول فيها، فالاستبداد مقيم بداخلها منذ تأسيسها والحديث عن الديمقراطية والشورى هو للاستهلاك، وغياب الحد الأدنى من أسس الديمقراطية وعدم إحترام التعددية وتداول المسؤولية والسلطة، ولا يرحل أي مسؤول فيها إلا بالموت.
القضية لا تتعلق بالسلطة وحكومة التوافق الوطني ومن يحكم في غزة ومن لا يحكم، الأزمة أكبر من ذلك، نحتاج إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أساس الشراكة والتعددية بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في جميع المؤسسات الفلسطينية في مقدمتها منظمة التحرير، وإعادة بنائها وتطويرها باتخاذ قرارات صعبة وعدم الانتظار أكثر. و فيما يتعلق في السلطة والحكومة ودورهما في قيادة الفلسطينيين الذين لا ينحصر تواجدهم فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة، و طمأنة الكل الفلسطيني بإعادة تحديد موقع القضية الفلسطينية على الخارطة الدولية و الاتفاق على إستراتيجية وطنية لمواجهة الإحتلال بعيداً عن التجاذبات الداخلية و الإقليمية والدولية. وحتى نصل الى ذلك سيبقى الإمتحان الفلسطيني مفتوح وأي الخيارات سيتخذ الفلسطينيين. 40
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية